ـ 3 نماذج من النخب الأمريكية التي تغرد خارج السردية الرسمية بما يخص فلسطين والتوازن الدولي...
انطلقت عملية «طوفان الأقصى» في مثل هذا اليوم قبل 23 شهراً، تبعها رد عسكري هائل من قبل الكيان، لم يتوقف منذ ذلك الحين، بل استمر بالتصاعد في نطاقه ووحشيته إلى هذا اليوم، نتج عنه دمار واسع النطاق للبنية التحتية في قطاع غزة، وأكثر من 65 ألف ضحية وفق الأعداد الرسمية، والتي تكون دائماً أقل بكثير من الأعداد الحقيقية، بالأخص أن هناك مناطق تم تدميرها بشكل كامل ولم يكن متاحاً الوصول إليها لسحب الجثث، الغالبية العظمى من هذه الأعداد هي من المدنيين. وعلى الرغم من إدانات أولية من قبل الكثير من الدول لحماس، إلا أن عنجهية الكيان وتوسيع عملياته العسكرية والأمنية غير المشروعة وغير المبررة إلى الضفة الغربية وفلسطين المحتلة ودول الجوار ودول أخرى في المنطقة، كل ذلك دفع الكثير من الدول إلى إدانة الكيان ومطالبته بوقف العمليات العسكرية، واتخاذ قرارات وخطوات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وقانونية تجاهه. الأهم من كل ذلك، كان الحراك الشعبي واسع النطاق في معظم دول العالم، في شكل احتجاجات وإضرابات ومقاطعات، بالأخص ضمن الفئات الشبابية والطلابية.
سنتناول في هذه المادة ثلاثة أمثلة عن نخب أمريكية من خلفيات متنوعة– عسكرية وسياسية واقتصادية– كنموذج لمدى ما وصلت إليه النخب في نظرتها للكيان، وهم: دوغلاس ماكجريجور وهو عقيد متقاعد في الجيش الأمريكي ومستشار في الدفاع والسياسة الخارجية، وجون ميرشايمر وهو عالم سياسي وباحث في العلاقات الدولية. وجيفري ساكس وهو خبير اقتصادي أمريكي بارز وخبير في السياسة العامة. وتستحق هذه الشخصيات المتابعة، ليس فقط انطلاقاً من مواقفها التي تعارض السياسات الأمريكية والصهيونية بشكل متصاعد، ولكن بالضبط لأنها تقدم رؤى واقعية لمجمل التطورات على الساحة العالمية، وتحاول أن تفهم الميزان الدولي الجديد كما هو حقيقة بعيداً عن الانحياز المسبق...
دوغلاس ماكجريجور
عقيد متقاعد في جيش الولايات المتحدة ومسؤول حكومي سابق ومستشار ومعلق سياسي. كان قائداً في معركة دبابات في حرب الخليج، وكان أحد كبار المخططين في قصف الناتو ليوغوسلافيا عام 1999. بعد تقاعده من الجيش عام 2004، نشط سياسياً بشكل أكبر، وفي تشرين الثاني 2020، خلال ولاية ترامب الأولى، تم تعيينه للعمل كمستشار أول لوزير الدفاع بالإنابة، وهو المنصب الذي شغله لمدة تقل عن ثلاثة أشهر، كما عينه ترامب في مجلس الأكاديمية العسكرية الأمريكية، لكن بايدن أنهى التعيين في عام 2021، عندما تولى الرئاسة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
فيما يتعلق بالكيان، أدلى ماكجريجور بتصريحات مؤيدة لأحقية «إسرائيل» في الدفاع عن حدودها، ولضم مرتفعات الجولان، ولقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، الأمور التي نوهت إليها مقالة في صحيفة «جيروزليم بوست» في 18 آب 2020، دفاعاً عن ماكجريجور عندما تم اتهامه بأنه «معادٍ للسامية»، حيث ورد في المقالة، «نحن ملتزمون بالحقيقة، ونعرف العقيد ماكجريجور محباً للسامية وصديقاً للدولة اليهودية. كلٌّ منا تعامل مع ماكجريجور مهنياً، وكان بعضنا مقرّباً منه شخصياً. هناك العديد من الإسرائيليين الآخرين في الأوساط الأكاديمية والعسكرية والحكومية الذين يعرفونه أيضاً كصوت قويّ مؤيد لإسرائيل».
قبل 2023 وبالتحديد قبل 7 تشرين الأول من العام ذاته، كان لماكجريجور تصريحات ناقدة، ولكن ليست بالضرورة للكيان بحد ذاته، ويمكن تلخيصها بنقاط رئيسية، أبرزها: انتقادات لتحالف الولايات المتحدة مع «إسرائيل»، حيث تكلم حول ارتباط واشنطن بشكل وثيق للغاية بمصالح «إسرائيل» الأمنية، وفي كثير من الأحيان على حساب أولويات الولايات المتحدة، وأشار إلى دور اللوبي «الإسرائيلي» - خاصةً لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) – في تشكيل السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وأن عدداً كبيراً من السياسيين الأمريكيين أثروا أنفسهم بانحيازهم إلى المواقف «الإسرائيلية»، على حساب المصالح الوطنية الأمريكية. كما أنه كان معارضاً لربط حروب الولايات المتحدة في «الشرق الأوسط» مع الكيان، وكثيراً ما كان يصور هذه الحروب على أنها مدفوعة، جزئياً، بالمخاوف الأمنية «الإسرائيلية»، بينما لم تحقق سوى فائدة ضئيلة أو معدومة للجيش الأميركي أو دافعي الضرائب الأمريكيين. بكلام آخر، كان موقفه ضمن رؤيته لضرورة اتباع سياسة «ضبط النفس» وإعطاء الأولوية للمصالح الأمريكية الوطنية، بدلاً من أن تكون ضامناً عسكرياً للكيان.
لكن ذلك تغيّر بشكل واضح منذ 2023، لا سيما في عامي 2024 و2025، وتغيرت نبرته من «ضبط النفس والحذر الاستراتيجي» إلى انتقاد لما يقوم به الكيان في غزة، وصولاً إلى اتهام الكيان ورئيس وزرائه بارتكاب «إبادة جماعية» و«جرائم حرب» في عدوان «إسرائيل» الحالي في قطاع غزة. وفي العديد من المقابلات، ألقى باللوم على «إسرائيل» وحدها لعدم تحقيق السلام مع الفلسطينيين في «الضفة الغربية» وقطاع غزة، وكذلك اتهمها بجرّ الولايات المتحدة نحو حرب كارثية مع إيران. كما أنه يدعو وبشكل متزايد إلى قطع جميع المساعدات الخارجية عن «إسرائيل».
في مقابلة له قبل أقل من عشرة أيام، يتحدث ماكجريجور حول سعي نتنياهو لاحتلال غزة، الأمر الذي يندد به ويصفه بالهمجي. ويوضح أن ما يقوم به نتنياهو، يقوده طموحه للمشروع «الإسرائيلي» الأوسع، والذي يذهب أبعد من غزة وفلسطين، ليشمل أجزاء من دول المنطقة، بل دولاً بأكملها، الأمر الذي يهدد باشتعال أوسع في المنطقة وعدم استقرار، وترافق كل ذلك الصعوبات المتزايدة لتجنيد عناصر لجيش الكيان، الأمر الذي يشكل نقطة ضعف أساسية في استمرارية المشروع الاحتلالي، لولا الدعم الأمريكي الهائل وغير المشروط. ويتحدث ماكجريجور حول الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» واستهداف المدنيين والمرافق العامة، مثل: الضربة المزدوجة على المشفى والذي حصل مباشرة على الهواء. وينوه ماكجريجور إلى نزع الصفة الإنسانية عن العرب في المجتمع الأمريكي، حيث يشير إلى مواقف مُقلقة في المجتمع الأمريكي، ويُعزى هذا التجريد من الصفة الإنسانية إلى حد كبير إلى عقود من الدعاية الحكومية والروايات الإعلامية التي تُصوّر العرب كأعداء وتُبرّر العنف ضدهم، وهذه الصور النمطية والدعاية الحكومية تقف وراءها بشكل أساسي جهات، مثل: الخارجية الأمريكية، ووكالة الاستخبارات المركزية «CIA».
جون ميرشايمر
هو عالم سياسة أمريكي وباحث في العلاقات الدولية، اشتهر بتطويره نظرية الواقعية الهجومية، وهي نظرية تجادل بأن القوى العظمى تسعى دائماً إلى تعظيم حصتها من القوة العالمية لضمان بقائها في ظل نظام فوضوي. وهو أستاذ في جامعة شيكاغو، وله مؤلفات واسعة في السياسة الخارجية الأمريكية، وسياسات القوى العظمى، ودراسات الأمن. وكان قد خدم سابقاً لفترة وجيزة في الجيش الأمريكي في سلاح الجو الأمريكي، قبل أن ينتقل إلى الجانب الأكاديمي.
في بداياته الأكاديمية، لم يُركز ميرشايمر على «إسرائيل» بشكل كبير، حيث كان تركيزه الرئيسي على التنافس بين القوى العظمى، وخاصةً الحرب الباردة، وحلف شمال الأطلسي، والاستراتيجية النووية. كانت «إسرائيل» هامشيةً في نظرياته الرئيسية، مع أنه أقرّ عموماً بالتحالف الأمريكي «الإسرائيلي» كجزء من الالتزامات الأمريكية العالمية. ولكن في بدايات القرن، وبالتحديد بعد أحداث 11 أيلول والغزو الأمريكي للعراق، ازدادت انتقادات ميرشايمر لتأثير «اللوبي الإسرائيلي» على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وجادل بأن دعم الولايات المتحدة للكيان غالباً ما يتعارض مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
كانت أول نقطة تحول أساسية لدى ميرشايمر بعد 2006، عندما أصدر كتابه «اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأمريكية الخارجية» والذي صدر في عام 2007. يتحدث هذا الكتاب عن الدعم الأمريكي المالي والعسكري والسياسي للكيان، ويبين بالحوادث والأرقام والأسماء نشاط اللوبي «الإسرائيلي» في الولايات المتحدة، وما يضم من أفراد ومنظمات ومؤسسات تعمل لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية لمصلحة الصهاينة، وبطرق ضارة بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة. وأشار الكتاب إلى أن من طرائق عمل اللوبي «الإسرائيلي» الضغط على الكونغرس الأمريكي وعلى السلطة التنفيذية من أجل دعم «إسرائيل»، والحيلولة دون تمكين التعليقات التي تنتقدها من اجتذاب آذان صاغية في الساحة السياسية، واستخدام تهمة «معاداة السامية» كسلاح لوصم كل من يتعرض لتصرفات الصهاينة. كما أشار في الكتاب إلى أن الدعم الأمريكي غير المشروط ساهم في تمكين «إسرائيل» من تنفيذ سياساتها الاحتلالية، وتدهور علاقات الولايات المتحدة مع العالم العربي والإسلامي. وتسبب نشره لهذا الكتاب بانتقادات وهجوم من اللوبي «الإسرائيلي» ومؤيديه.
بعد ذلك، أصبح ميرشايمر وبشكل متزايد، أكثر وضوحاً وصراحةً في انتقاده للكيان، بما في ذلك معاملة «إسرائيل» للفلسطينيين، حيث وصف الكيان بأنه يتجه نحو التحول إلى «دولة فصل عنصري». وانتقد الحملات العسكرية «الإسرائيلية» المتكررة في غزة والحماية الدبلوماسية الأمريكية للكيان في الأمم المتحدة. ووصف السياسات «الإسرائيلية» بأنها مُدمرة استراتيجياً ومُضرة أخلاقياً. وازداد موقفه حدةً، ويستمر بالقول: إن الدعم الأمريكي غير المشروط للكيان يشكل ضرراً استراتيجياً، ويساهم في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
في محاضرة له قبل عشر سنوات، في آب 2015، تحدث ميرشايمر حول اللوبي «الإسرائيلي» والسياسية الخارجية الأمريكية، يقول فيها: إن «إسرائيل» هي أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية، على الرغم من كونها دولة غنية، ويكاد يكون دعم الولايات المتحدة لـ «إسرائيل» غير مشروط، بما في ذلك الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية والدعم السياسي شبه الإجماعي بين المرشحين الرئاسيين. ولكن، مبررات الدعم موضع تساؤل للأسباب التالية: لم يعد السياق الاستراتيجي للحرب الباردة ينطبق، ويمكن القول: إن الدعم غير المشروط يؤدي إلى تفاقم مشاكل الإرهاب الأمريكية وتعقيد دبلوماسية الشرق الأوسط؛ تتناقض معاملة «إسرائيل» للفلسطينيين ومواطنيها العرب مع القيم الديمقراطية الأمريكية ومعايير حقوق الإنسان؛ لا تتمتع «إسرائيل» ولا الفلسطينيون بسيادة أخلاقية، ولهما تاريخ من القسوة المتبادلة. وحول الموقف الأمريكي العام، والذي يضع اللوبي «الإسرائيلي» الكثير من الموارد للتأثير عليه من خلال التحكم بالسرديات في الإعلام، يقول ميرشايمر: في حين أن الأمريكيين عموماً ينظرون إلى «إسرائيل» بإيجابية، إلا أن غالبيتهم لا يؤيدون الدعم الأمريكي غير المشروط، وتشير الاستطلاعات إلى أن معظم الأمريكيين يفضلون موقفاً محايداً في الصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني، ويؤيد العديد من اليهود الأمريكيين حل الدولتين.
في مقابلة له قبل شهر، يتحدث ميرشايمر حول حتمية هلاك «إسرائيل» في حال استمرارها بما تقوم به، ويسلط الضوء على إن الاعتراف الدولي المتزايد بالأفعال «الإسرائيلية» باعتبارها إبادة جماعية أو شبيهة بالمحرقة يؤدي إلى تآكل أي مكانة أخلاقية لـ «إسرائيل» ويجعل من الصعب إنكار أوجه التشابه مع الفظائع التاريخية، على الرغم من مقاومة الحكومة «الإسرائيلية» لتلك المقارنات، وبالأخص مع المحرقة «الهولوكوست»، الأمر الذي يُعتبر محرّماً، إلا أن عدداً متزايداً من الناجين من المحرقة يقومون باستخدام تلك المقارنة في توصيف ما تقوم به «إسرائيل» في غزة. كما ينوه إلى إن سلوك المواجهة الحالي للوبي المؤيد لـ «إسرائيل» في الولايات المتحدة يلحق الضرر بالقيم الديمقراطية الليبرالية، وهو سلوك غير قابل للاستمرار، مما قد يؤدي إلى تقويض الصحة السياسية الأمريكية. ويقول ميرشايمر: إن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه نتنياهو يكمن في الاعتماد المفرط على الدعم الغربي الثابت، والذي قد لا يصمد في ضوء الغضب الدولي إزاء الإجراءات العسكرية «الإسرائيلية».
جيفري ساكس
هو خبير اقتصادي أمريكي وخبير في السياسات العامة، يختص بأبحاث التنمية المستدامة والتنمية الاقتصادية، وهو أستاذ جامعي في جامعة كولومبيا. كما عمل ساكس مستشاراً أول للعديد من الأمناء العامين للأمم المتحدة، وهو مناصر لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ويشغل منصب رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة. ومن الجدير بالذكر بأن ساكس ينحدر من عائلة يهودية.
رغم أن ساكس تكلم دائماً وبشكل واضح حول السلام في الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكية، إلا أنه لم يتطرق إلى التفاصيل سابقاً، أو بكلام آخر، لم يكن له موقف محدد حول اللاعبين في المنطقة، ضمناً الكيان، ولم يكن له موقف واضح مع أو ضد الكيان، على الأقل ليس من خلال تصريحاته، سوى بعض الانتقادات الخجولة، وذلك بشكل أساسي لأن أعماله ركزت بشكل أوسع على الدبلوماسية والتنمية الدولية والاقتصاد المستدام. إلا أن انتقاداته الصريحة للكيان ازدادت حدةً بعد 7 تشرين الأول والحرب التي تلتها في غزة، وانتقل من الدعوة إلى الدبلوماسية إلى وصف تصرفات «إسرائيل» علناً بأنها إبادة جماعية والتحذير من عزلتها الدولية المتزايدة.
منذ بدء العدوان «الإسرائيلي» على غزة، كان لساكس العديد من التصريحات، اتهم من خلالها «إسرائيل» بارتكاب فظائع في غزة، حتى أنه وصف الدعم الأمريكي بالتواطؤ في الإبادة الجماعية. ووصف غزة بأنها «سجن مفتوح» ودعا الولايات المتحدة إلى سحب الأسلحة لوقف العنف. كما أنه حذّر من أن رفض «إسرائيل» لحل الدولتين يُهدد وجودها نفسها، وحثّ الولايات المتحدة على دعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وتطبيق حل الدولتين بموجب القانون الدولي.
في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع، وصف ساكس رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بأنه تلاعب بالسياسة الخارجية الأمريكية، وحرض على «حروب لا تنتهي»، كما وصف «إسرائيل» والولايات المتحدة بأنهما المحرضان الرئيسيان للصراع في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن نهجهما السياسي قوض جهود السلام عمداً. والنقطة المثيرة في الموضوع كانت أن ترامب نشر المقطع المشار إليه.
في مقابلة قبل سنة ونصف تقريباً، في آذار 2024، يقول ساكس: إن «الولايات المتحدة متواطئة في الإبادة الجماعية الإسرائيلية»، وينوه إلى أن حجم وطبيعة العنف في غزة يندرجان ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية المحتملة بموجب القانون الدولي، مما يجعل تقاعس المجتمع الدولي مقلقاً للغاية. ويسلط ساكس الضوء على الموقف الأمريكي، قائلاً: إن تواطؤ حكومة الولايات المتحدة في جرائم الحرب «الإسرائيلية» من خلال إمدادات الأسلحة المستمرة يقوض أي سلطة أخلاقية أو سياسية للمطالبة بإنهاء العنف أو الدعوة إلى السلام. ويضيف إن العزلة الدبلوماسية الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية تضعف مكانتها العالمية، حيث تدين كل دول العالم تقريباً تصرفات «إسرائيل» وتدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير، مما يكشف عن الولايات المتحدة باعتبارها دولة شاذة وحامية للسياسات «الإسرائيلية» وليست وسيطا نزيهاً.
في مقابلة له قبل حوالي الأسبوع، تحدث ساكس حول الإبادة الجماعية التي تقوم بها «إسرائيل» في غزة، وتداعيات كل ما يحصل على مصداقية الأمم المتحدة. في بداية المقابلة، يصف ساكس تصرفات «إسرائيل» الحالية في غزة بأنها إبادة جماعية وإجرامية، مع تصريحات صريحة من المسؤولين «الإسرائيليين» تهدف إلى القضاء على الدولة الفلسطينية. ويمكن تلخيص ما يقوله ساكس في المقابلة بالنقاط الرئيسية التالية: إن العجز الحالي للأمم المتحدة يعود إلى حد كبير إلى حق النقض الـ «ڤيتو» في مجلس الأمن ــ الفيتو الأمريكي ــ الذي منع عضوية فلسطين والتدابير ذات الصلة، على الرغم من اعتراف عدد كبير من الدول بفلسطين، بما فيها معظم الدول الأنجلو ساكسونية؛ إن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة خطوة عملية وفورية يمكن أن تغير الديناميكيات الجيوسياسية بشكل جذري؛ إن القانون الدولي، كما أكدته مؤخراً محكمة العدل الدولية، يدعم حدود عام 1967 كأساس قانوني للعلاقات «الإسرائيلية» الفلسطينية؛ وقد يكون الرأي العام المحلي في الولايات المتحدة أكثر دعماً للاعتراف الفلسطيني مما هو متصور، على الرغم من تواطؤ الحكومة الأمريكية، أو بكلام آخر، هناك فجوة بين الرأي العام الأمريكي والسياسة الخارجية الأمريكية؛ إن السلام والأمن الحقيقيين يتطلبان الاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف الأعمال العسكرية «الإسرائيلية». وينتقد ساكس صراحة الزعماء السياسيين «الإسرائيليين» مثل: سموتريتش، وبن غفير ونتنياهو، بسبب إدامة «الوهم القاتل» بأن الكيان سيحافظ على السيطرة على الأراضي المحتلة إلى أجلٍ غير مسمى، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتفكيك هذه السردية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1242