دليقان لـ«يونغه فلت»: انتهى الطور الأول من عملية ثورية ممتدة، وبدأ الثاني...

دليقان لـ«يونغه فلت»: انتهى الطور الأول من عملية ثورية ممتدة، وبدأ الثاني...

أجرت صحيفة «يونغه فلت» الألمانية، حواراً مع الرفيق مهند دليقان، أمين حزب الإرادة الشعبية، حول فرار الأسد والأحداث الكبرى التي سبقت ورافقت هذا الحدث. وتم نشر الحوار في عدد يوم السبت 21/12/2024، وفيما يلي نص الحوار:

سؤال: كيف تفسّر الانهيار السريع لحكومة الأسد؟

لم يكن الانهيار السريع لسلطة الأسد أمراً مفاجئاً، وهذا ما عبّرنا عنه في قاسيون خلال السنتين الماضيتين. جوهر المسألة أنّ الأسد كان يحاول باستمرار اللّعب بين الغرب والشرق، بين الأمريكان والأوروبيين من جهة، وبين الروس والإيرانيين والأتراك من جهة مقابلة، وكانت هوامش هذه الألعاب تضيق كلّما اشتد الصراع الدولي، ولذا توقعنا مسبقاً أن الوقت المتبقي لهذه اللعبة كان قد بدأ بالنفاد السريع.
ثلاثي أستانا (روسيا، تركيا، إيران)، استطاع ابتداءً من 2016 وحتى نهاية 2019، أن ينهي المعارك على الأرض وأن يحقق استقراراً نسبياً يفتح الباب نحو الحل السياسي ونحو تطبيق القرار 2254 الذي يقول بحوار بين النظام والمعارضة يؤدّي إلى مرحلة انتقالية تنتهي بدستور جديد وانتخابات ديمقراطية يشارك فيها الجميع. كان مطلوباً من الأسد أن يقوم بأمرين: أن يَسير بالحل السياسي وأن يجري تسويةً مع تركيا التي تمتلك أطول حدود مع سورية بضمانات روسية وإيرانية، ولكنه رفض القيام بأيٍّ من الأمرَين... ولذا، ورغم أنّ هنالك صندوقاً أسودَ من المعلومات المخفية من الصعب فتحه في أيِّ وقتٍ قريب، لكن يمكن القول إنَّ دول أستانا قد انتزعتْ زمامَ المبادرة في إنهاء هذه المرحلة بعد أنْ فقدت الأمل في تجاوب الأسد معها، والذي كان يعوِّلُ طوال الوقت على اتفاقٍ من تحت ومن فوق الطاولة مع الأمريكيّين، وربما مع «الإسرائيليّين» أيضاً... ولعلَّ الطريقةَ التي حَلَّ بها الجيشَ لحظةَ هروبه، تُعبِّرُ عن آخر المهمّات التي أراد القيام بها في سورية لمصلحة أعداء سورية...
يضاف إلى هذا كلّه، أنّ الجيش ومَن يسمَّون في سورية بـ«الموالين» لسلطة الأسد، لم يعد لديهم أيُّ حافزٍ للدفاع عن النظام، لأنّ اللَّبرَلة المتوحّشة التي طبّقها الأسد خلال السنوات الماضية، حوّلتْ أكثر من 90% من السوريين، وبالتضافر مع العقوبات الغربية، إلى أناس جوعى تحت خط الفقر، ولا أمل لديهم في الخروج من الأزمة، وأصبح أملهم الوحيد هو الخروج من البلاد...

السؤال الثاني: أين تعمل جريدة قاسيون وحزب الإرادة الشعبية؟

حزب الإرادة الشعبية كان وما يزال يعمل على الأراضي السورية، وفي مختلف المناطق، وبقي كذلك طوال السنوات الـ14 الماضية. عدد قليل من رفاقنا كانوا موجودين في الخارج لضرورات العمل السياسي التي فرضها التدخُّل الدولي الواسع النطاق في سورية، وبسبب ضروراتٍ أمنية، إضافة إلى أنّ جزءاً من كوادرنا قد اضطرّ لمغادرة البلاد مؤقتاً، كما جرى مع ملايين من السوريين، بسبب مزيجٍ من الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، ولكن الكتلة الأساسية من الحزب كانت وما تزال تعمل في سورية، وكذلك الأمر مع جريدتنا، جريدة قاسيون، التي تكاد تكون الجريدة الوحيدة التي استمرّت طباعتها وتوزيعها بآلاف النسخ في كلّ سورية بعد كورونا، حيث توقّفت كلُّ الصحف تقريباً عن الطباعة منذ عام 2020.

السؤال الثالث: إلى أي مدى كان الشيوعيون قادرين على العمل السياسي والتنظيم والظهور العلني أثناء حكم الأسد في سورية؟

خلال عهد الأسدين، كان مستوى الحريات السياسية دائماً منخفضاً، وكان العمل السياسي ليس بالنسبة للشيوعيين فقط، ولكن بالنسبة لكل القوى السياسية السورية هو دائماً عبارة عن مغامرة غير محسوبة العواقب، وجرى عبر عقود طويلة تقديم تضحيات كبيرة وضمناً عدد هائل من المعتقلين.

السؤال الرابع: كيف ينظر حزبكم إلى التطورات المستقبلية المتوقَّعة في سورية؟

في حزبنا نعتقد أنَّ ما جرى حتى الآن ليس إلّا الطورَ الأول من عملية ثورية ممتدّة، وأنّ أفقَ النضال السياسي الواسع قد انفتح الآن بشكلٍ واسع في سورية، وأنّ الشعب السوري مفعَمٌ بأملٍ كبير باتجاه انتزاعِ زمام المبادرة وتقرير مصيرِه بنفسه... لدينا أداةٌ أساسية في تحقيق انتقالٍ سَلِس نحو واقع جديد هو القرار 2254، أيْ الحلّ السياسي الذي يقوم على حوار بين كل الأطراف السورية، ولدينا أداةٌ أهم وأقوى هي العمل على الأرض وبين الناس وبين العمّال وفي النقابات، وكلّنا أملٌ وثقة، بأننا أمام موجةٍ جديدة من النضال الواسع النطاق، موجة ستكون لها آلامُها وصعوباتها، ولكنها في نهاية المطاف جزءٌ من الموجة الشعبية العالَمية التي تتّجه بخطىً ثابتة باتجاه تغييرٍ جذريٍّ على مستوى المنظومة العالَمية بأسرِها...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1206