مشروع القانون الأمريكي الجديد... وصندوق الحاوي!
ريم عيسى ريم عيسى

مشروع القانون الأمريكي الجديد... وصندوق الحاوي!

قدم عضو الكونغرس الأمريكي جو ويلسون من ساوث كارولينا يوم الخميس 10 كانون الأول 2020 مشروع قانون جديد تحت اسم «أوقفوا القتل في سورية»، والذي يشبه ما يسمى بـ «قانون قيصر»، ولكن محقونٌ بجرعة عالية من المنشطات...

يبدو مشروع القانون المقترح كصندوق الحاوي الذي يتم فيه إلقاء أي شيء وكل شيء، على أمل أن يباع منه شيء ما. أيضاً، مع تقديم مشروع القانون على عتبة انتهاء صلاحية الإدارة الحالية، ومع حضور أعضاء الكونغرس المنتخبين حديثاً بعد رأس السنة الجديدة، فمن غير المرجح أن يتم تمريره في أي وقت قريب، هذا إنْ تم تمريره. ومع ذلك، من المفيد التركيز على أجزاء مما هو مقترح فيه، لأنه يعبّر بوضوح كبير عن السياسة الفعلية للولايات المتحدة اتجاه سورية.

سلطت «قاسيون» الضوء على بعض النقاط الرئيسة لمشروع القانون المقترح في مقال بعنوان: (مشروع القانون الأمريكي الجديد حول سورية... «برعاية إسرائيل»). من بين تلك النقاط من المفيد التذكير: أنّ جو ويلسون الذي قدم مقترح القانون، هو نفسه الذي قدم سابقاً مسودة القانون الذي يعترف بسيادة الاحتلال الصهيوني على الجولان السوري المحتل... لأنّ من شأن ذلك أنْ يستبق موجة التأييد التي سيتلقاها المشروع بين الحثالة من متشددي المعارضة السورية.

ويمكن أن نضيف هنا النقاط التالية:

- لا توجد إشارة جوهرية إلى حل سياسي، مع عدم وجود أي ذكر على الإطلاق لقرار مجلس الأمن رقم 2254. وفي الواقع، ينص مشروع القانون بشكل أساس على أن اللجنة الدستورية لا طائل من ورائها، وأن أية مفاوضات بما في ذلك اللجنة الدستورية يجب أن تسبقها شروط معينة (وبالتالي، وضع شروط مسبقة للشروع في العملية السياسية)؛

- توسيع أسس فرض العقوبات لتشمل مسؤولي الحكومات التي قامت بتطبيع العلاقات مع النظام أو قد تفكر في تطبيعها، مع التركيز بشكل خاص على الدول العربية (من المحتمل أن يكون هذا مرتبطاً بالجهود الأمريكية في المنطقة للتطبيع مع «إسرائيل»)؛

- دعوات متجددة لإنشاء منطقة حظر طيران (أي: محاولة إعادة الأزمة نحو التسليح والعنف بشكل كبير بما يرضي المتشددين في الطرفين السوريين)؛

- العودة لشعار «الإسقاط» بوصفه طريق تحقيق انتقال في سورية (وبالتالي، حقن منشطات في أوردة المتشددين في المعارضة، الذين ما زالوا يستخدمون شعار «إسقاط النظام» لعرقلة التقدم في العملية السياسية).

- رفض العمل مع روسيا لحل الأزمة في سورية، (وهذا غير منطقي على الإطلاق، ومنفصل عن الواقع لدرجة تثير السخرية، ولكن في الحقيقة هو دفع إضافي باتجاه عرقلة إمكانات الحل)؛

- تقييم برامج الأمم المتحدة في سورية الممولة كلياً أو جزئياً من الولايات المتحدة، واستناداً إلى التقييم المفترض، حجب المساهمة الأمريكية وإعادة توجيهها إلى برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في سورية (وبشكل محدد جغرافياً، بحيث تكون «المساعدات الإنسانية» المفترضة، أداة سياسية فعالة في مشروع التقسيم)؛

- تعزيز التجارة مع المنطقة الاقتصادية لـ«سورية الحرة»، والتي يتم تعريفها على أنها مناطق لا يسيطر عليها النظام أو إيران أو روسيا أو المنظمات المصنفة على أنها إرهابية، مثل: داعش أو هيئة تحرير الشام. حيث ينص المشروع على تعزيز التجارة بين هذه المناطق والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وسيتم إعفاء المواد/ المنتجات منها من رسوم الاستيراد إلى الولايات المتحدة وسيتم استثناؤها من أية عقوبات مفروضة على سورية، بالتوازي مع التشديد على قطع أي تواصل اقتصادي بين «سورية الحرة» و«سورية غير الحرة».. كل ذلك يعني شيئاً واحداً: الدفع نحو التقسيم عبر الأدوات الاقتصادية والسياسية، وعبر طريقة توزيع العقوبات بشكل خاص.

ليس هنالك ما يدعو إلى الدهشة

لا شيء مما ورد أعلاه يثير الدهشة، لأنه يتفق مع سياسة الولايات المتحدة في سورية، التي رأيناها في الممارسة العملية على مدى السنوات القليلة الماضية. وفي الواقع، مع هدفين رئيسين للسياسة المذكورة أوضحهما تماماً جيمس جيفري، الذي ترك منصبه كمبعوث أمريكي إلى سورية مؤخراً. قال جيفري سابقاً، وبوقاحة شديدة: إن وظيفته كانت جعل سورية «مستنقعاً»، وبعد ترك منصبه أعلن أن «الجمود هو الاستقرار» في سورية. يتضح من عناصر مشروع القانون المقترح أن هاتين الفكرتين ما زالتا تشكلان جوهر السياسة الأمريكية في سورية. ويتضح أيضاً، أنّ غاية العقوبات المتتالية، بما فيها قيصر، هي الوصول بالسوريين ككل إلى حالة من الإنهاك الشديد، بالتوازي مع تكريس الفوارق والتباينات بين مناطق السيطرة، بحيث يصبح تشديد ورفع العقوبات، بشكل انتقائي، أداة سياسية فعالة في عملية التقسيم...

أيادٍ سورية آثمة

عادة ما تكون العقوبات الغربية على سورية، ولا سيما تلك التي فرضتها الولايات المتحدة، بما في ذلك أحدث مشروع قانون تم تقديمه لتشديد العقوبات الأمريكية، مصحوبة بموجات من الهتاف والثناء من قبل بعض السوريين، بما في ذلك شخصيات من متشددي المعارضة.

أسوأ من ذلك، هم أولئك الذين يطالبون علناً بتكثيف العقوبات، والتي تؤثر الآن بشكل واضح على سبل عيش غالبية السوريين. كما يدفع مشروع القانون الأخير هذا، بشكل صارخ لإحياء عسكرة الأزمة وتكريس تقسيم سورية. ومع ذلك، يستمر هؤلاء في تشجيع مثل هذه السياسات ويطالبون بالمزيد.

يذهب البعض، ولا سيما بعض السوريين في الولايات المتحدة أو الذين لديهم علاقات واتصالات مع المسؤولين الأمريكيين، إلى أبعد من ذلك للضغط الفعلي من أجل استمرار هذه الإجراءات وتصعيدها أكثر فأكثر. إن كلاً من المنظمات التالية: (المنظمة السورية للطوارئ) والمجلس السوري الأمريكي (SAC) ومنظمة «كيلا باك»، ومنظمة «مواطنون من أجل أميركا آمنة»، هي منظمات تضم أمريكيين من أصول سورية، وقد قامت بالضغط من أجل الكثير من السياسات الأمريكية اتجاه سورية والاحتفاء بها. بالنسبة لمشروع القانون الأخير، أصدرت منظمة «المنظمة السورية للطوارئ» بياناً تفاخرت فيه بدعمها واشتراكها في العمل على وضع مشروع القانون. بناءً على هذا البيان وغيره، عمل العديد من السوريين عن كثب مع أعضاء الكونغرس بشأن مشروع القانون...

ليست هذه هي المنظمات الوحيدة، بل هنالك منظمات وأسماء أخرى لن يطول الوقت حتى تنكشف كاملة... المهم في المسألة هو أنّ أي سوريٍ ساهم بدعم مشروع قانون من هذا النوع أو أي مشروع أو مبادرة ضد الحل السياسي وضد 2254 بشكل واضح وعلني، بل ومع تقسيم سورية وزيادة معاناه الشعب السوري، ينبغي استبعاده من أي فعالية لها علاقة بالحل السياسي السوري بما في ذلك اللجنة الدستورية، بل ومن العمل في الشأن السوري العام، الآن ولاحقاً...

(النسخة الانكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
996
آخر تعديل على الإثنين, 14 كانون1/ديسمبر 2020 11:51