مخيم الركبان... خارج اللعبة
أعلن خلال الأسبوع الماضي عن الوصول إلى اتفاق لتفكيك مخيم الركبان، حيث يتواجد حوالي 50 ألف لاجئ سوري، في ظروف إنسانية شديدة التعقيد... الاتفاق الذي نجحت روسيا بإيصال الأردن إليه، يخفي وراءه (اليأس الأمريكي) من إمكانية استخدام قاعدة التنف وداعش وحتى لاجئي المخيم في بادية المنطقة الجنوبية.
توالت في الفترة الأخيرة التصريحات والمعلومات حول المخيم، فبعد أن تبين أن القوات السورية أصبحت قادرة على الوصول إليه، بعد أن كانت قاعدة التنف تُطبق على محيطه عسكرياً. صدرت تصريحات أخرى عن الروس تتحدث عن تسليح أمريكي للاجئين في المخيم، وعن تواجدٍ لعناصر إرهابية فيه وفق الأمم المتحدة.
يأتي هذا الحدث عقب فتح معبر نصيب، كما أعقبه أيضاً تحرير المختطفات السوريات وأطفالهن، اللواتي في قبضة داعش، منذ هجومه الأخير على السويداء.
وتدل جملة هذه الأحداث، على أن التسوية في المنطقة الجنوبية، يتم استكمال جوانبها الأخيرة، بعد أن حاولت الولايات المتحدة، إبقاء وضعٍ متوترٍ في البادية شرقي المنطقة، أساسه وجود قاعدتها العسكرية في التنف. التي تحدثت تصريحات روسية، عن أن تفكيكها كان جزءاً من التسوية في جنوب سورية، لم تقم الولايات المتحدة بعد بالالتزام به.
لا تستطيع قاعدة التنف أن تؤدي أي دور عسكري، ذي جدوى، دون حوامل أساسية... أولها: قوات داعش في المنطقة التي استخدمتها عملياً في هجوم السويداء، ولم تستطع أن تحقق الأهداف السياسية المرادة منها، بخلق بيئة متوترة ومستدامة. وثانيها: استخدام الولايات المتحدة لحوالي 50 ألف سوري، في المخيم، كخزانٍ بشري، للتوتير والتصعيد والتفاوض.
إن الحديث عن تسليح الأمريكان لللاجئين في مخيم الركبان، يؤكد ما كان يشار إليه سابقاً، بأن الأطراف الدولية التي تضع أولويتها إدامة الاشتباك في سورية، لا تريد تفعيل عملية عودة اللاجئين، التي أطلقتها روسيا في الشهر الثامن من العام الحالي. بل إن قوى الفوضى الغربية، والأمريكية تحديداً، تحاول استخدام الوضع المعيشي المعقد، وظروف عدم الاستقرار للاجئين في مخيمات الإقليم تحديداً، لتبقيهم كقوى تصعيد وعنف محتملة، الأمر الذي يتطلب إبقاءهم بعيدين عن بيوتهم، وفي مجتمعات مهمشة معذولة، وترتهن معيشتهم (للمتصدقين الدوليين) عبر المساعدات.
إن تفكيك المخيم، يحمل دلالات عديدة، أولها: أن الأمريكان يضطرون للتخلي عن العديد من سيناريوهات التصعيد التي يرسمونها، تحت ضغط تغير ميزان القوى الدولي، الذي يسمح بأن يجر الروس أطرافاً إقليمية أوسع نحو التسويات، ويبعدها عن تخديم مشروع الفوضى الأمريكي. وثانيها: أن أزمة اللاجئين كملفٍ وطني وفوقَ سياسي، يتطلب الحل، ليس فقط من أجل تأمين حق عودة هؤلاء السوريين إلى مناطقهم وبيوتهم، بل من أجل منع قوى الفوضى من توظيفهم واستخدام الظلم القابع عليهم طوال سنوات الأزمة...