الميثاق... الآمال والآفاق

إن المتابع للحركة السياسية والاجتماعية في سورية في العقود الأخيرة يجد أنها تتصف بالركود إن لم نقل بالتراجع عن مواكبة الأحداث السياسية والاجتماعية ناهيك عن الاقتصادية. خلافاً لفترة الخمسينات وما قبلها حيث كانت الجماهير وقواها تتفاعل مع الأحداث بل واستطاعت التصدي للعديد من المشاريع الاستعمارية الإمبريالية المسنودة من الرجعية وقد أفشلت أغلبها.
ولعل من أبرز أسباب هذا الركود والجمود هو هيمنة ارستقراطيات سياسية وغير سياسية، مستفيدة من المكتسبات غير المشروعة بكل المقاييس، بالإضافة لاستفادتها من الظروف الدولية التي نتجت عما يسمى بالحرب الباردة.

ولكن قوانين الديالكتيك ومقولاته تفعل فعلها، فالتراكمات الكمية ستؤدي إلى تغيرات نوعية، مهما طال الزمن بفعل ضعف العامل الذاتي، نتيجة الهيمنة السابقة الذكر.
لذا يلاحظ في السنوات الأخيرة بروز حراك سياسي واجتماعي متنوع الأشكال، بعد تغير الظروف الدولية والاختلال المتزايد في البنية الطبقية للمجتمع وازدياد الفقراء فقراً واتساع مساحتهم في المجتمع، بينما ازداد الأغنياء غنى، لازدياد النهب الطفيلي البيروقراطي.
هذه المقدمة البسيطة تقودنا إلى أشكال الحراك السياسي والاجتماعي والتي من أبرزها انقسامات القوى السياسية.. وظهور المنتديات.. واللجان المتنوعة.. وغيرها...
ولايخفى على المتابع أن هناك بعض الأرستقراطيات الجديدة تبحث لنفسها عن موقع إما  بالوراثة السياسية، وإما بانتهاز الفرصة نتيجة خلو الساحة السياسية من أحزاب فاعلة.
ولانريد أن نذكر مسميات حتى لايعتب علينا أحد.. فلا وقت للعتب الآن.. فالحاجة الآن للحوار الرفاقي الديمقراطي للوصول إلى قواسم نواجه بها التحديات الخطيرة من الأمركة وتوابعها، إلى النهب والتخريب والفساد الذي يدمر المجتمع وقيمه السياسية وحتى الإنسانية فلابد من العودة إلى الجماهير قوى وأفراداً.
وأبرز ما شدني وأفرحني هو ميثاق الشرف، ميثاق وحدة الشيوعيين السوريين لما يحمله من آمال وآفاق تتناسب مع الإرث التاريخي لحزب الجلاء. ولا أدري ما كتب عن الميثاق سابقاً بسبب ظروف خاصة، ولكن أبدأ بالتساؤل: هل نحن بحاجة إلى ميثاق شرف؟!

نعم في زمن الاختزالات المتنوعة لإرثنا التاريخي من داخله أو عبر تحالفاته.
نعم للتذكير بالتضحيات وتنمية الروح الكفاحية، نعم لنضع أيدينا يداً بيد والانطلاق لأن الذي يجمع أكثر مما يفرق وتجاوز الماضي البعيد بإشكالاته والمستقبل البعيد باحتمالاته.
والانطلاق من واقع يحتاج إلى تفعيل وتطوير ومواكبة الزمن،, ما تطرحه الحياة من جديد مع الارتكاز على الماركسية اللينينية.
ويبرز سؤال آخر: هل تعدل الارستقراطيات السياسية من مواقفها كما عدلت الارستقراطية القرشية من مواقفها من الدعوة الإسلامية؟!
أم تبقى هذه القرشية الجديدة متمسكة بمواقفها، وبالرجم بالحجارة والشتائم دون رؤية للتطورات وحفاظاً على المكتسبات.

إن كان ذلك موقفها فتبت يدها وتب...
فهناك كثيرون من أمثال أبي ذر وسلمان.. ممن يتمسكون بحلمهم بالعدالة والمساواة والحرية.. وسيبرز أيضاً أمثالهم كثيرون.

عودة إلى الميثاق.. الآمال  والآفاق
إن بروز الميثاق يؤكد أن حركة التاريخ تسير إلى الأمام.. وأن الآمال تتجدد والآفاق مفتوحة يحددها تطور العامل الذاتي المرتكز على الصدق مع الجماهير والذات، وإلى الشرف الشيوعي المستند إلى الإرث التاريخي لكل الشيوعيين السوريين الذين قدموا ولازالوا يقدمون تضحيات دخلت تاريخ هذا الوطن أنى كان موقعهم. وهم مدعوون لبدء مرحلة جديدة بذات روح التضحية ونكران الذات.

أمام الصياغة الأولى..لابد من قراءة أولى يقر الميثاق بثنائيات أبرزها:
1. الاعتزاز بالإرث  التاريخي في النضال الوطني  والطبقي وبنفس الوقت يقر بالخلل الذي أصاب دور الحزب في العقود الأخيرة.
2. يقر الميثاق بالاقتتال الداخلي الذي أدى إلى ضعف الشيوعيين، وبتنوع أسبابه، ويقر بضيق الأساس الموضوعي له واتساع العامل الذاتي وخاصة القيادات، «وأؤكد أنها لاتزال تصر على مواقفها..»..
3. يقر الميثاق بعودة الحزب إلى الجماهير وأن هذه العودة ستسرع وحدة الشيوعيين.
4. يقر الميثاق بأهمية التحالفات المناسبة وأيضاً أن هذه التحالفات يجب أن تكون دون وصاية وإلغاء لوجه الحزب المستقل، الذي حجبته بعض الغيوم في السنوات الأخيرة.
5. يقر الميثاق أن الخلافات والانقسامات سبب في عدم تطوير الديمقراطية الحزبية وأنها الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الوحدة. «وأؤكد أن ضيق الديمقراطية هو سبب الخلافات والانقسامات وليس العكس كما ورد».
6. يقر الميثاق بأهمية التطابق بين النظرية والتطبيق.
7. وأخيراً يقر الميثاق بأهمية الوحدة وباعتماد خطوات عملية ومبادرات لتحقيقها دون انتظار ومنها لجان التنسيق.

وأما الأهداف والمهام فهي جزء من برنامج يجمع كل الشيوعيين، ولاتحتاج إلى انتظار فهي الآمال وآفاق تحقيقها رحبة.
معا ًيداً بيد أيها الرفاق الشيوعيون

أحييكم بحرارة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
179