منبر النقاش حول: «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين»

تتابع «قاسيون» النقاش حول «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين».  ويمكن للراغبين بالمشاركة إرسال آرائهم على عنوان الصحيفة، أو عبر البريد الالكتروني.. مع ذكر اسمهم الصريح، وأن لاتزيد حجم المشاركة عن (700) كلمة.

نلفت النظر إلى أن الآراء المنشورة في هذه الصفحة لا تعبر بالضرورة عن  رأي «قاسيون» ، بل تعبر عن آراء أصحابها في كل الأحوال.

ما المطلوب.. وما العمل؟

إن لون البؤس الذي يصبغ الحياة السورية برمتها، جراء تفاقم الأزمات وتراكم المشكلات وتخلف البنى الهيكلية على كافة الصعد مترافقاً مع حدة التناقضات الطبقية واتساع فواغر الجوع والرذيلة والجريمة، وخطورة ما يجري من تحولات اقتصادية تحت بند الإصلاح واحتكار السلطة لآليات الحراك الاجتماعي، وتضييقها الخناق على النفس السياسي، وهشاشة مفاهيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وعجز سائر أحزاب الجبهة، وإيقاف نشاط المنتديات واعتقال عدد من الناشطين فيها… هذه العناوين وغيرها الكثير أقصت الجماهير المنتجة والمبدعة، وطلائعها الوطنية الديمقراطية عن ساحة الفعل والبناء، وأسلمتها لمشاعر الإحباط واليأس بعد إغراقها بطوفان من ثقافة النهب والفساد والإفساد، وتعويم الانحطاط في العمل والفكر والسلوك والأخلاق..

هذه هي أبرز ملامح صورة الوضع الراهن لوطننا الصغير، فإذا أضفنا إليها حالة العالم بعد انهيار دول المعسكر الاشتراكي، وأحداث الحادي عشر من أيلول. الذي يتسم بالتوحش والتنافس والنهب العنيف كما يتسم بالسيطرة والقوة: قوة الاقتصاد والعلم والعسكر.. أدركنا خطورة ما نحن عليه من ضعف وتخلف وتأخر.. لا ينسجم بأي حال مع منطق تطور المجتمع البشري.

هذا المسرح السياسي يشاهده يومياً كل ابناء المجتمع السوري بمزيد من المرارة والأسى، وهم إذ ينفعلون ويتفاعلون مع أحداثه الجارية، يتطلعون باحثين عن سبل للخروج من هذه «المظلمة» ويحلمون باليوم  الذي يرون فيه وطنهم السعيد قبل أن يفوتهم قطار التاريخ.

هذا ما يفسر لنا ابتهاج الجماهير بأبسط قانون إنساني وترحيبها الحار لأي إجراء إصلاحي، وسر اهتمامها والتفافها حول أي نشاط سياسي صحي، واندفاعها وراء كل بارقة أمل.. والعكس صحيح أيضاً.

والاعتبارات الأنفة ذاتها هي دوافع اهتمام الشيوعيين وغيرهم بميثاق الشرف. فالميثاق بمبادئه المعلنة، وغايته جاء تعبيراً عن تطلعاتهم، وتجسيداً لأحلامهم، فالجميع يرون فيه سبيلاً لتحقيق تطلعاتهم، وتجسيداً لأحلامهم، فالجيمع يرون فيه سبيلاً لتحقيق أهدافهم المرحلية على أقل تقدير..

وإذا كان الميثاق بالنسبة للشيوعيين «حبلاً» لتجميع قواهم ووحدة فصائلهم، وركيزة لبناء حزبهم المبدئي الحقيقي الذي فقدوه منذ سنين فهو فبنظر القوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية، رفيقاً وحليفاً يمكن الاعتماد عليه..

أما الحقيقة الكبرى التي ينبغي ألا تغرب عن بصر وبصيرة أحد هي أن الجماهير الشعبية وطلائعها… إذ يرحبون بالميثاق ويؤازرونه ويتمنون له النجاح، لا ينظرون إليه إلا «آلية» لتشكيل ذلك الحزب الجماهيري الفعلي الذي تنشده وتتمناه.. فهذه الجماهير قد راكمت عبر نضالاتها وتجاربها المديدة خبرة ومعرفة تمكنها من الحكم الصائب على معدن الأحزاب، وتمييز المزيف من الأصيل.. فلم يعد يهمها اسم الحزب، ولا النظرية التي يتبناها، ولا البرامج  والشعارات، ولا شخصية أمينه العام إنما الحكم أولاً وأخيراً سيكون للأفعال والأعمال، وسلوك وأخلاق الأعضاء.

ولا أبالغ إذا قلت إن المتابعين والمراقبين لنشاط لجان التنسيق عبر الندوات والرسائل، والبيانات، والمسيرات والنقاشات.. يلمسون بوضوح ملامح الشيوعية الحقيقية تتكون وتتبلور في الفكر والعقلية، والمواقف والممارسات، وهذا ما يحيي النفوس ويجدد الآمال، ويقوي أواصر الثقة،ويعيد أخيراً إلى الذاكرة نفحات الشيوعية الأصيلة الغابرة لكن هذا اللون المشرق لا يغطي كل مساحة المشهد الميثاقي. فإلى جانيه لا تزال هناك ظلال وبقع قاتمة تتحرك على خشبته،وهي بحق كفيلة بأن تضع الشيوعيين خاصة أمام جملة من التساؤلات الهامة:

■ ماالذي جمع خليطاً من الشيوعيين كانوا إلى الأمس القريب أعضاء في  حزب «فرحة ـ بكداش» ما عرف عنهم موقف مبدئي، ولا سيرة حسنة ذات يوم. بشيوعيين آخرين عرفوا بثباتهم وإخلاصهم ونقاوتهم؟

■ ماالذي تبتغيه  لجان التنسيق من وراء إطلاق ميثاق الشرف؟ أو وحدة مبدئية للشيوعيين الشرفاء حقاً؟ أم وحدة شيوعيين تضفي على تنظيمهم شرعية حزبية لاحقاً؟

■ ما طبلة «خالد بكداش» هذه التي يعزفون عليها شتى الإيقاعات. بعضهم يرفق قرآناً على أسنة الرماح، و بعضهم يتخذه قميص عثمان رغبة في الثأر، وآخرون يتمسحون به كما ستار الكعبة طلباً لتشريفاته وتبريكاته، وآخرون يعتصمون به كشعرة معاوية لعدم قطع صلتهم بحزبهم «الأب»..

أليس الأجدى من كل هذا النفاق تقييم الرجل موضوعياً وبيان ما له وما عليه؟

إن هذه التساؤلات التي تراود الشيوعيين وعدم وجود إجابات كافية، وإيضاحات شافية عنها، تضعف عزائم البعض. وتسرب الشك وعدم الاطمئنان إلى قلوبهم، وتترك أعداداً أخرى في حالة تردد وإحجام عن التوقيع على الميثاق.. ناهيك عن «عض الأصابع» التي قد تحصل في حالة صحة تلك التساؤلات، وإغفال معالجتها قبل فوات الآوان.

إن الشيوعية الحقة قد علمتنا ألا ندع سؤالآً يمكن الإجابة عليه بدون جواب، وأن الحقيقة كلها ينبغي أن تقدم للجماهير.. جهاراً نهاراً. وعليه فإن إخراج هذه التساؤلات إلى دائرة النور، بالإضافة إلى فوائدها العملية سيعتبر سمة مميزة للنزاهة والصدق.

والآن ما هو المطلوب؟ وما العمل؟!

 بكل بساطة: الكل ـ شيوعيون وجماهير وقوى سياسية ـ يريدون حزباً شيوعياً حقيقياً، قائماً على أسس مبدئية،ونظام داخلي سليم، قادر على إنتاج كيمياء ديمومته وتطوره،ومعالجة آفاته وعلله قبل استفحالها، حزباً يؤدي واجبه الوطني والأممي على قدر طاقته. ويساهم في بناء سورية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية،و حقوق الإنسان، ويعمل مع كافة أبناء الشعب السوري الأوفياء لإخراج وطنهم من مهاوي  البؤس والتخلف والانحطاط.. ..إلى مصاف كل الدول المتحضرة على الأرض.

أما السبيل إلى ذلك، فلا أظنني ـ بمفردي ـ مؤهلاً للتصدي لهذه المهمة الجسيمة، ولا أدعي امتلاكي لأية وصفة جاهزة لهذا الغرض كل ما لدي ـ هو رغبتي كشيوعي أن أشاطر رفاقي الرأي والحوار على أمل التوصل بجهد جماعي لأنسب الحلول وأقربها إلى الصواب..

من خلال متابعتي الدقيقة لتفاصيل ما يجري. وإمعاني الفكر الآن وقبلاً بمصير ما آل إليه حزبنا الشيوعي السوري، وإعادتي قراءة ما كتب في هذا الشأن، ومقاربته بالواقع والتجارب.. أرتأي:

أن تعرض للنقاش الجاد والصريح. وبشكل مبرمج وعلى كافة المستويات الحزبية والجماهيرية الموضوعات التالية:

1. أزمة الحزب الشيوعي السوري.

2. النظام الداخلي للحزب.

3. التقرير السياسي (المؤتمر التاسع).

ولا يجافيني اليقين بأن إدارة النقاش حول هذه الأوراق،وتنظيم الآراء،و فرز المواقف وعلانيتها، ومن ثم تجميع كل ذلك وصياغته في «كراسات» وإعادتها للحوار والتدقيق ثانية، قبل انعقاد «المؤتمر التأسيسي الموحد» سيكون له أبلغ الأثر في بناء الحزب الشيوعي السوري المطلوب.

■ القامشلي ـ محمد حلاق

قليل من الموضوعية يا رجل.!

منذ إطلاق «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين» فتحت «قاسيون» صفحاتها لمناقشة مبادئه، بهدف تفاعل الأخبار، وتلاقحها ـ إن صح التعبير ـ للوصول  إلى مزيد من المصداقية والمبدئية طالما هي في صياغتها الأولى.

لقد استغل بعضهم هذه الصفحة، وتحت ستار المناقشة وإبداء الرأي، لخص تاريخ الحزب الشيوعي السوري  ببضعة أسطر، وشطب نضالاته وإنجازاته من الحياة السياسية والاجتماعية كلياً.

ما هكذا يا سعد تورد الإبل، ولا هذا يدخل في باب الحوار ومنطقه، بل في باب التحامل والتجني الظالم المغرض.

هل ثمة حزب في سورية، قديم أو حديث، يميني أم يساري، أو أي إنسان عادي وسوي، يمكن أن ينكر ويتنكر، لنضالات الحزب الشيوعي السوري، خلال جميع المراحل التي مرت بها البلاد منذ تأسيسه، بدءاً من عهد الاستعمار الإفرنسي، إلى سائر عهودالدكتاتوريات العسكرية، وضد الأحلاف العسكرية المشبوهة، ومن أجل الحريات  الديمقراطية، ودوره البارز في الميدان النقابي والعمالي والطلابي والمهني والتنظيم النسائي،ونضاله في سبيل حقوق العمال والفلاحين المشروعة، وسائر فئات الشعب، ونشره لأفكار التقدمية بين صفوف الشعب والمثقفين، ومساهمته في العمل الفدائي  مع الفصائل الفلسطينية، وتعرض عشرات الألوف من أعضائه وأصدقائه للاعتقالات في زنزانات التعذيب، وتقديمه لعشرات الشهداء الأبرار خلال مسيرته الطويلة هذه.. كل هذه النضالات لا تشكل ملاحم ومآثر وإنجازات؟! إنها حية في وعي وضمير شعبنا الذي يحيطها بكل احترام ووتقدير وإجلال.

ليضع هؤلاء حبة ملح في عيونهم، ويقيموا الأمور بقليل من  الموضوعية، لأن محاولة شطب ومحو إنجازات هذه المسيرة المجيدة ـ ولو كلامياً ـ يحتاج لصاحب وجدان مطاطي، لا يحسد عليه، رغم أن هذه المهمة شاقة عصية، وأكبر من طاقته، وإلا لما كان فشل فيها من هو، ومن هم أكبر وأقوى وأطول باعا وأشد حنكة، وأعلى وعياً وإدراكاً.

يقولون: «المكتوب يبان من عنوانو» ونظراً إلى بداية إحدى المقالات كانت بهذا المستوى من التحامل والتجني، فأي داع لمناقشة باقي النقاط،لأن أغلبها صيغت على نفس المنوال والمحتوى.

ورغم ذلك، تفتح «قاسيون» صفحاتها لمثل هذه المقالات، لتظهر للقارئ الكريم، رحابة صدرها في تلقي الراي الآخر،ولو كان بمستوى تلك الآراء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
182