فيصل بدر فيصل بدر

إطلاق الحوارالعام من أجل وحدة الشيوعيين السوريين ... رأي في أوراق الاجتماع الوطني الثاني للشيوعيين السوريين

الحزب الشيوعي السوري أهم حزب سياسي في سورية وأقدمها، هو حزب العمال والفلاحين وسائر الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم.

مرشده ودليله الماركسية اللينينية وراية الوطنية العربية السورية بامتياز. خلال تاريخه الطويل كان ملتصقاً جداً بوطنه ومصالح شعبه، وكان ابناً باراً لهذا الشعب الذي احتضنه وحماه وشد من أزره دائماً.

تعرض هذا الحزب في الستينات من القرن الماضي لأزمة الانشقاق، مثله في ذلك مثل العديد من الأحزاب الشيوعية في أنحاء مختلفة من العالم، وأصيب معظم أعضائه بصدمة لاتزال تنيخ بكلكلها حتى الآن.

نتيجة لذلك انكفأ نضال الحزب عن مهامه الأساسية وانشغل الجميع بهذه الأزمة التي شلت عمل الحزب وخيبت الآمال، فكثرت الثرثرة وضعفت الهمة وبات الشيوعي منعزلاً على نفسه متقوقعاً يجتر أمجاد حزبه وتلك الأيام التي كان المواطن السوري يتلهف لكي يسمع رأي الحزب الشيوعي في هذه القضية أو تلك.

بدأ التراجع ببطء أولاً وتسارع فيما بعد وكثرت الانقسامات وتخلف الحزب عن مسيرته الصاعدة، واحتار الحزبي في أي طريق يسلك ومن يصدق والجميع يدعون أنهم على صواب وغيرهم على ضلال، وفرح الأعداء ومن يكيدون للحزب في الداخل والخارج وهانحن الآن نقف أمام خطوة ليس لها نظير، نأمل جميعاً أن يكتب لها النجاح وأن تعود للحزب وحدته ويحتل من جديد مكانه اللائق في سبيل تحقيق الإنجازات الكبيرة الملحة التي يصبو إليها شعبنا السوري وأمتنا العربية وحركة التحرر في العالم.

قرأت الأوراق التي صدرت عن الاجتماع الوطني الثاني لوحدة الشيوعيين السوريين وأعلن موافقتي على ما جاء فيها من تشخيص وتحليل ومعالجة وأركز على الدور الذي لعبته المافيا المارقة التي قادت عمل الحزب الشيوعي السوفييتي منذ وفاة ستالين وحتى قدوم المهرج الكبيرميخائيل غورباتشوف. لقد تسبب هؤلاء بهذا المرض العضال الذي أصاب جميع فصائل الحركة الشيوعية العالمية ومنها الحزب الشيوعي السوري الذي ابتلي بقيادة همها الأوحد تقديم البراهين على أنها موالية لحزب لينين دون أن تدرك للحظة واحدة أن القيادة السوفييتية الانتهازية كانت تلعب بالجميع وتجندهم عملاء صغاراً لسياستها القاتلة المنحرفة.

وكان طبيعياً والأمر كذلك أن يمر حزبنا بأزمة الديمقراطية بداخله وتنعدم المؤتمرات وتنحصر القيادة بوجوه لانزال نجلها ونحترم نضالها، ولكنها بقيت جاثمة على الصدور فترات طويلة على امتداد عمر الحزب فأصيبت بتصلب الشرايين وتكلست مخيلتها،وحتى تعوض عن هذه المزايا، مزايا الخرف والشيخوخة والخوف الإنساني لجأت إلى سياسة القمع وحاصرت من ينتقدها في «خانة اليك» كما يقولون فكان من الضروري الثورة عليها والكفر بها وانعكس كل ذلك على الحزب ونضاله وبرامجه.

وها نحن الآن نرى كيف هي الحال وكيف يفذلكون لكل من يتجرأ ويطرح أمامهم رأياً أخر أو يوجه لهم نقداً موضوعياً أو غير موضوعي.

وإلا كيف نفسر كيف أصبح قادة الحزب الشيوعي السوفييتي في فترة ما قبل السقوط وأثناءه وبعده من زعماء المافيا في روسيا وفي جميع الجمهوريات السوفييتية السابقة، وكيف نفسر تمسك هذا القائد الحزبي أو ذاك في بلدنا أو في أي بلد آخر بمنصبه الحزبي ومراكزه تحت ذريعة أنه القائد الفذ أو الملهم أو أبو الثوار في العالم؟!

يرفعون الشعارات ويطلبون التقيد بالنظام الداخلي والالتزام وفي الآن نفسه يخرقون كل الضوابط والأسس من أجل حماية أنفسهم في المناصب والمكاسب والشهرة وكأن الحزب مزرعة لآبائهم وأجدادهم.وهنا يجب أن لاتكون مساومة على الإطلاق مع هؤلاء إذ لا تساهل معهم ومكانهم خارج القيادة وحده يضمن لهم كرامتهم ونضالهم فيما مر من الأيام. إن القاعدة العريضة للحزب هي المؤهلة لوضع حد لحالة التشرذم والفرقة وهي الكفيلة بتطبيق قواعد الماركسية ـ اللينينية وما ينتج عنها من فرز طبقي وثوري للقيادات والكوادر والقرارات الصائبة.

إن الرأسمالية العالمية بعجزها في زمن العولمة والاستقطاب عن حل أي مشكلة تواجه الشعوب والمجتمعات لاخيار أمامها بحل هذه الأزمة الخانقة إلا بإشعال الحروب في كل أنحاء العالم كما فعلت في أفغانستان والعراق وفلسطين وهذا ما أتت على ذكره الأوراق التي بين أيدينا..

أتفق كثيراً مع الأوراق في ما قدمته من مقدمة وآراء ونتائج وليس ثمة من زاود على الماركسية اللينينية وقوتها الثورية الكامنة التي أعطتها المواصفات اللائقة بها كعلم ومنهج له قوانينه الموضوعية وفيها الثابت والمتحول ضمن مجال قد يتسع وقد يضيق ليلائم الحياة ومايعتورها من أزمات ومشاكل قد لاتكون في الحسبان.

لاثبات ولاجمود ولاقفز فوق الواقع ومن ثم فإن الوحدة الوطنية الشاملة في سورية تبدأ من توحيد الشيوعيين السوريين والعمل الجاد بإخلاص ونكران ذات في سبيل ذلك حتى يعود الحزب إلى نفسه و إلى الجماهير وتبقى شعاراته المرفوعة صالحة دوماً.

1.  الدفاع عن الوطن العزيز.

2.  الدفاع عن وجه الحزب المستقل.

3. الدفاع عن قضايا الجماهير ولقمة الشعب.

4. الدفاع عن التحالف مع كل القوى السياسية الخيرة التي نلتقي معها في الثواتب الوطنية والتقدمية.

إن ما جاء في المهام السياسية الأساسية والوضع الإقليمي كان صائباً وإن كان ماجرى في العراق يعطي الدرس اللازم لكل القوى الوطنية التي استرخت واستكانت في بعض المفاصل الزمنية خلال العقود المنصرمة من القرن العشرين، ولهذا حصل ما حصل ونحن نتفرج.

إن ماجاء في تحليل الوضع الداخلي كان صائباً أيضاً والنضال في المسألة الديمقراطية يجب أن يتم وأن يلعب الحزب دوره كما يجب في قيادة هذا النضال.

وفي مسألة آليات عمل الحزب ضمن الهيئات لابد من الموافقة على بقاء كل شيء على حاله مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التالية:

بالنسسبة لمنصب الأمين العام للحزب يجب أن تحدد مدة شغل هذا الموقع بفترتين انتخابيتين فقط وأن يصار لانتخاب أمين عام جديد بعد ذلك إذ لاقداسة لأحد طالما أن الحزب يذخر بكادره المجرب والمؤهل لهذا المنصب وغيره من المناصب.

إن عبادة الفرد في كل حزب وعبادة صاحب المنصب لنفسه هي الطامة الكبرى وهي المرض العضال الذي لاشفاء منه.

إن خلفيات المركزية الديمقراطية في الحزب الشيوعي كانت فيما مضى سلاحاً  ذا حدين قطع رؤوس كل من تجرأ وطرح رأياً آخر في هيئات الحزب ومؤتمراته على قلتها. لذلك انقطعت الدماء الجديدة عن الحزب فشاخ وهرم وكاد أن يموت بشكل فجائعي.

إن الهيئات الأخرى في الحزب (لجنة مركزية/ مكتب سياسي/ لجنة مراقبة ومكاتب أخرى تعينها اللجنة المركزية) تبقى كما هي على أن يضاف إليها لجنة تفتتيش مالية، على أن يتم  استقلال لجنة المراقبة ولجنة التفتيش المالية عن الأمانة العامة والمكتب السياسي وتبقيان مسؤولتين أمام اللجنة المركزية ومؤتمر عام الحزب فقط وأن يصار إلى احترام مهامهما وعدم الوصاية عليهما.

أما اللجنة الاستشارية الخاصة فلا مبرر لها بوجود مكاتب اللجنة المركزية ولجنة المراقبة والتفتيش المالي. وبخصوص المؤتمرات العامة للحزب يجب أن تخفض المدة الفاصلة بين مؤتمرين إلى ثلاث سنوات يتخللها مجلس وطني للحزب يساوي المؤتمر في أهميته وصلاحياته وآرائه. وتبقى الأقلية حرة في تقديم ماتراه في المؤتمرات على أن يناقش بكل جدية واحترام على أن يلتزم الجميع بالقرارات النهائية للمؤتمر العام.

وفيما يخص التحضير للمؤتمرات والترشيح وانتخاب المندوبين يجب أن ترفع الوصاية عن مؤتمرات المنطقيات ومن يحضرها من المركز يكون مفوضاً من اللجنة المركزية فقط وأي أعمال في الكواليس والخلفيات لهذا العضو أو ذاك من خارج المنطقية يعرض صاحبه للمساءلة والمسؤولية وينسحب الشيء نفسه على كل الهيئات التي يجب أن تعمل باستقلالية تامة عن هذه الرغبة الشخصية أو هذا الرأي من الخارج آو ذاك.

عاش الحزب الشيوعي السوري موحداً عزيزاً وعاشت الماركسية اللينينية