لنجعل شعار وحدة الشيوعيين السوريين واقعاً ملموساً..
من خلال المتابعة المستمرة والاطلاع الدائم والمعايشة اليومية، يبدو واضحاً أن الشيوعيين جميعاً دون استثناء يعلنون ويقرون أن مرجعيتهم الفكرية هي الماركسية اللينينية، وما يختزنه التراث الفكري التقدمي العربي والإنساني، فمن هذه المصادر الثرّة ينهلون مفاهيم المعرفة، ويستوعبون قوانين الديالكتيك وكيفية تطبيقها على أرض الواقع، كونها المنهج والمرشد العلمي لفهمه والعمل لتغييره، وجميعهم يعلنون في السر والعلن تصديهم بكل قوة للقوى المعادية لوطننا وأمتنا، من إمبرياليين وصهاينة، وينبرون لتبني قضايا الجماهير الكادحة وكافة المستضعفين والمحرومين.
ولعل ما يكتب في جرائد كافة الفصائل والتنظيمات وفي بياناتهم وأدبياتهم بشكل عام، يظهر بشكل جلي الهجوم المتصاعد على المظاهر السلبية، ومحاربة الفاسدين والمفسدين، والدفاع عن القطاع العام وضرورة حمايته والحفاظ عليه وإصلاحه، والتأكيد على توسيع الهامش الديمقراطي واحترام الرأي والرأي الآخر، واللجوء إلى لغة الحوار حول كافة القضايا العالقة، والإقلاع نهائياً عن سياسة القمع، وحماية حرية التعبير وإبداء الرأي، شريطة أن تصب جميعها في مصلحة الجماهير وتحصين الوطن من الداخل، وزيادة منعته وقوته وتصليب عودة لمواجهة المخاطر المحدقة والمتجهة إليه من كل حدب وصوب، فإذا كان هدف الجميع، كما هو معلن، التمركز حول هذه القضايا الأساسية، ألا يتوجب عليكم جميعاً أيها الرفاق الأعزاء، وخاصة القادة والكوادر أينما كنتم ومهما كان موقعكم، أن تعلنوا وبالفم الملآن أن بقاء الشيوعيين على هذه الحالة المأساوية من الفرقة والتباعد يصل إلى درجة التناحر الخطير بأنه خطأ فادح وجريمة لا تغتفر؟ والجميع يعترف بأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاستمرار به جريمة والرجوع عنه غنيمة!.
فتواضعوا قليلاً أيها الرفاق، لأن التواضع دليل القدرة على تحمل المسؤولية، والقدرة على التضحية ونكران الذات، والقدرة على اتخاذ الموقف السليم والحاسم في الظرف الصعب والخطير. وهنا يصح فيكم قول الشاعر:
ملء السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ
فجريمة نكراء أن نبقى نصم آذاننا وندير ظهورنا لرغبات الشيوعيين المنتشرين على مساحة الوطن، وهاجسهم الدائم هو الوحدة والتلاقي التي تعيد لهذا الحزب دوره الوظيفي والتاريخي ليلعب الدور المنوط به في تجميع القوى الخيرة وتوحيدها، وصدق من قال: إذا لم نسارع إلى الوحدة في هذه الظروف الخطيرة، فمتى نتوحد؟
إلى متى التسويف والمماطلة، وكافة الظروف الموضوعية وحتى الذاتية متوفرة للسير قدماً في هذا الاتجاه؟.. إن المتغيرات سريعة والتطورات على الساحات الداخلية والإقليمية والدولية لا تحتمل التأجيل، وأخطر ما في الوضع برمته أن يسبقنا قطار الزمن وعندها لا ينفع الندم، وبدل أن ندخل التاريخ من بابه الإيجابي والفعال سندخله من بابه السلبي المشين، فإذا وجد من يعرقل هذه المساعي التوحيدية، ويحاول وضع العصي في العجلات، فأولئك قلة وهؤلاء لا مستقبل لهم في حزب موحد وقوي تسود فيه العلاقات الفكرية والتنظيمية السليمة، وتظهر جلية فيه الروح الرفاقية الرائعة، وأمثال هؤلاء يجب تجاوزهم، لأن مستقبل الحزب أهم بكثير من الأشخاص وفوق كل الرغبات الذاتية والمساعي التخريبية الواضحة.
إن النجاح في هذا المسعى النبيل يقودنا حتماً إلى تعزيز الجبهة الداخلية، لمجابهة الضغوط المتواصلة والمكثفة من كافة القوى المعادية سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً، حتى أنه يصل إلى التهديد السافر بالتدخل العسكري وضرب البنى التحتية، للوصول إلى حالة الفوضى التي يسمونها الخلاقة، بالاعتماد على الجماهير الشعبية والقوى الوطنية، لأن الوطن والنظام الوطني إذا لم يحمه الشعب ويدافع عنه أهله وأبناؤه، يستحيل أن تحميه القوى الخارجية أو الآلة العسكرية، وأجهزة القمع والتسلط مهما بلغت من القوة.
نقطة البداية لتصليب الجبهة الداخلية وتعبئة الجماهير لحماية الوطن والمواطن هي الاهتمام بقضاياها المعاشية وتخفيف المعاناة التي تعيشها، وأولى هذه الأولويات الضرب بيد من حديد دون شفقة أو رحمة على ناهبي قوت الشعب وسارقي المال العام والعاملين بشكل وقح لترسيخ ثقافة الفساد وحمايته وتشجيعه..
هناك ضرورة لاتخاذ الإجراءات الجذرية الإصلاحية على المستوى الإداري والسياسي والتصدي لسياسة الفريق الاقتصادي الليبرالية والتي تزيد الاحتقان الشعبي، وتدفع الأمور باتجاه التوتر والفوضى التي لا يستفيد منها إلا المتربصون بهذا الوطن شراً وأذية.. فليكن صوت الوحدة هو الأقوى، ولنتحرك بكل الاتجاهات لتشكيل حالة ضغط مستمرة على المترددين في هذا الشأن ولتبذل كل المساعي لإنضاج الظروف وتوفير المعطيات الضرورية لتجعل من شعار وحدة الشيوعيين واقعاً ملموساً وحقيقية واقعة، لأن كافة المبررات الموضوعية وإلى حد كبير الذاتية متوفرة لتحقيق ذلك.