الشيوعيون السوريون.. والقضية الزراعية.. والأمن الغذائي
اهتم الشيوعيون السوريون منذ بدايات نضالاتهم الطويلة بالقضية الزراعية وبمطالب الفلاحين، فقد جاء في أول وثيقة برنامجية للحزب في 7 / تموز / 1930 وذلك في فقرة / مطالب الحزب لتحسين حياة الفلاحين /:
إلغاء الديون عن صغار الفلاحين.
إعفاء صغار الفلاحين من دفع الضرائب.
إلغاء عقوبة السجن بسبب الديون.
أن تقدم الحكومة المساعدات اللازمة من وسائل المعيشة والبذار إلى الفلاحين الذين تنقصهم.
جر المياه إلى جميع القرى المعدومة منها.
إعفاء فقراء البدو من ضريبة الأغنام.
توزيع قسم من الأراضي الزراعية الحكومية على الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً.
مصادرة أراضي المزارعين الأجانب (المقصود الأجانب من خارج الوطن) وأراضي الإرساليات الدينية وكبار الإقطاعيين، وتوزيعها على فقراء الفلاحين..
بالإضافة لمطالب أخرى كثيرة...
كما جاء في البرنامج الانتخابي للرفيق خالد بكداش حزيران 1949: «إننا نطالب قبل كل شيء برفع مستوى الإنتاج الزراعي باستعمال الوسائل الفنية الحديثة وتخفيض الضرائب والرسوم على محاصيله، وحماية منتجاته من الحشرات والأمراض، وتسهيل المواصلات بين القرية والمدينة، وفتح المدارس في القرى، وتأمين مياه الشرب النظيفة للفلاحين، والعناية بشؤون الصحة في الأرياف».. وجاء في نهاية البرنامج: «إن الفلاح السوري ليس مواطناً من الدرجة الأولى فقط، بل يجب أن يصبح مواطناً ممتازاً، لأن من عرق جبينه ودمائه تنتج معظم خيرات هذا الوطن».
وفي عام /1957/ أقر في سورية قانون يمنع بموجبه طرد الفلاح من الأرض، وذلك بناءً على اقتراح قدمه الرفيق خالد بكداش /1955/. وفي عام /1958/ صدر القانون /134/ الذي يتضمن تنظيم العلاقات الزراعية. وفي عام /1963/ أدخلت تعديلات على هذا القانون بالمرسوم /218/ تعالج مسألة فسخ عقود المزارعة، ولكن المؤسف أنه في العام /2004/، صدر قانون رقم /56/ يتضمن فيما يتضمن مادتين /106 – 110 / جاء فيهما: يحق لصاحب العمل الزراعي (المالك) بعد ثلاث سنوات من تاريخ هذا القانون مراجعة القضاء لاسترداد الأرض المتعاقد عليها في ظل أحكام القانون رقم /134/ لعام /1958/ وتعديلاته، من المزارع (الفلاح) مقابل تعويض تقدره المحكمة المختصة.
إن هذه التعديلات إن جرى تنفيذها، ستخلق توتراً كبيراً في الريف وستؤدي إلى تراجع في الزراعة، وتسيء للوحدة الوطنية، ولا يستفيد منها إلا بقايا الإقطاع. إن الاهتمام بالفلاحين وبالزراعة لم يعد قضية اقتصادية فقط، بل قضية وطنية من الدرجة الأولى، وذلك لارتباطها بالأمن الوطني واستقرار البلاد.
وقد أكدت القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي والاتحاد العام للفلاحين على ذلك في أكثر من مناسبة، لأن الإنتاج الزراعي كما تؤكد الإحصائيات يشكل 27 % من الناتج الوطني، ويعمل في الزراعة أكثر من 30 % من السكان، وكما هو معروف فإن تأمين الأمن الغذائي أساسي بمواجهة الأخطار الخارجية والحفاظ على استقلال القرار السياسي. ولكن مع الأسف يصدر بين حين وآخر بعض القرارات تخالف توجهات القيادة السياسية وتسيء إلى الزراعة والأمن الغذائي. فقرار وزير الزراعة بإخراج /40 ألف هكتار/ من الخطة السنوية لمحصول القطن رغم معارضة الاتحاد العام للفلاحين لهذا القرار، أمر خطير، وكان المبرر كما قيل هو قلة المياه، مع العلم أنه يمكن معالجة هذا الموضوع من خلال الاعتماد على الري الحديث، وكذلك عبر تسوية أوضاع الآبار الارتوازية المخالفة والتي اتخذ قرار بتسويتها منذ عام /2000/، وحتى الآن مايزال القرار بين أخذ ورد دون معرفة الأسباب .
إنه لمن الضروري اليوم، تأمين بذار القمح والشعير والقطن للإخوة الفلاحين لتمكينهم من تنفيذ الخطة الزراعية لعام /2008-2009/ وبأسعار تراعي التكاليف الجديدة من مازوت وكهرباء وحراثة وسماد ويد عاملة، وكما هو معروف، فإن الحاجة من بذار القمح حسب إحصائيات اتحاد الفلاحين تصل إلى /360 ألف طن/ بدل من /143 ألف طن/ ومن بذار الشعير إلى /132 ألف طن/ بدل /11 ألف طن/ كما هو موجود. ولقد أكدت التطورات الزراعية الأخيرة أهمية العودة إلى المجلس الزراعي الأعلى.
إن المصلحة الوطنية العليا تتطلب الإسراع في تحسين الواقع الزراعي، وتحسين الأوضاع المعاشية للفلاحين، وهذا يتطلب برأينا تحقيق المطالب التالية:
1 - نشر أساليب وطرق الري الحديثة، وتسوية وضع الآبار المخالفة وتسهيل عملية الاقتراض من المصارف الزراعية.
2 - أن تكون مؤسسة إكثار البذار مسؤولة مباشرة عن تأمين البذار، وبالتحديد الكميات الكافية من بذار القمح والشعير والقطن.
3 - توفير الأسمدة الكيماوية بكل أنواعها، وبأوقاتها، وبأسعار معقولة.
4 أن تلتزم مؤسسة إكثار البذار باستلام المحاصيل وبأسعار تعوض الفلاحين عن ارتفاع أسعار المازوت وبعض المواد الأخرى.
5 - عدم خفض المساحات المروية من القطن.
6 - الإكثار من السدود السطحية في كل أنحاء البلاد، وخاصة في منطقة الجزيرة.
7 - عودة المجلس الزراعي الأعلى إلى الوجود مع المجالس الفرعية في المحافظات.
إن الأخذ بهذه المطالب يؤدي دوراً كبيراً في تحسين الواقع الزراعي وتأمين الأمن الغذائي والمساهمة أكثر في تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة الأخطار الخارجية.