كيف يمكن بناء وحدة الحزب بالعمل الملموس على الأرض؟
سؤال كبير وهام بدأ يطرح نفسه بإلحاح بعد أن لاحت بوادر توفُّر النوايا، واتخاذ بعض الخطوات على طريق توحيد الحزب الشيوعي السوري، بعد ستة وثلاثين عاماً من التشرذم والانقسام المرير. فقد بادر الشيوعيون المخلصون، من قواعدهم على الأرض، وأدركوا أن وحدة حزبهم تبدأ من تلاقي القواعد (من تحت لفوق)، وطرحوا أفكارهم للعمل في سبيل هذه الوحدة، وتلاقوا سوية في العمل واقترحوا على قيادات أقسامهم النائمة على وسائد الانقسام، والمتربعة على كراسي التشرذم والمصالح والمنافع الشخصية سنين عديدة، أن تستفيق من سباتها، وقد تجاوبت بعض القيادات، ووجهت دعوات ورسائل، وتبادلت الأجوبة والردود، ومنها ما كان إيجابياً ومنها ما كان سلبياً ممانعاً، حيث فضح أصحابه وصنفهم في خانة من لا يريد توحيد الحزب، بل في خانة العمل ضد الشيوعية وأفكارها وقضيتها في سبيل المصالح والمكاسب والمغانم المتحققة تحت هذا الستار.
كانت أعمال الفصائل الإيجابية هي الغالبة، و لاقت خطواتها ارتياحا في قواعد الحزب الشيوعي التي تتحرق شوقا لبناء الوحدة، واستبشرت بقدوم ربيع وحدة الحزب، وشجعت على ذلك بمزيد من اللقاءات والتقارب والتنسيق فيما بينها، في البنى التحتية على النطاق القاعدي.
إلا أن هذه القواعد تلاحظ التباطؤ في حركة العمل الوحدوي من قبل اللجان الحوارية المشكّلة، هذه اللجان الفوقية الرئيسية التي لم يعرف عنها وعن عملها أي شيء معلن بعد!
على أعضاء هذه اللجان أن يتحملوا مسؤولياتهم علناً أمام القواعد، ولماذا لم يُعلَن عن انضمام ممثلين لفصائل أخرى، وجهوا لهم الدعوة وقبلوا؟ ولماذا تم الاستثناء من الدعوات لفصائل ورموز ومجموعات شيوعية أخرى، تنتظر التوحيد ؟؟
وهل دار الحوار على مسائل فكرية نظرية أم على تدابير عملية عن كيفية تفكيك بنى الانقسام والبدء بتركيب بنى التوحيد؟. إن أهم نقطة حوار بنظر الشيوعيين في القواعد هي كيف يعاد بناء الحزب من تحت لفوق، بعدما تهدمت أركانه وأساساته، وساهم الجميع بذلك؟ وأهم النقاط هي العمل على الأرض، وإعادة دور الشيوعيين بين الناس، ليس بالكلام النظري والبكاء على الأطلال والتغني بالماضي، والتنظير الذي هدفه الإلهاء وامتصاص النقمة وتأخير العمل التوحيدي الحقيقي؟ إن أهم نقطة هي كيفية معالجة وتفكيك التركيبات القيادية الهرمية الفوقية التي تعيق التوحيد.
إن جميع الشيوعيين في جميع مواقعهم لن يسمحوا بعد اليوم للقيادات الفوقية أن تعبث بمصير وحدة الحزب.
إن قواعد الشيوعيين، من على أرض الواقع، وللبدء بالسير الجدي والواضح على طريق توحيد الحزب، تقترح التدابير التالية:
1 - تجاوز الحوار النظري القيادي والنزول للعمل في القواعد على أساس (الوحدة في التنوع، والتنوع في الوحدة، والجميع سواء بالأفكار الشيوعية، ولا يمكن سحب المسطرة على العقول والأفكار، وإلغاء الرأي الآخر).
2 - تشكيل لجان منطقية وقطاعية ومحلية، من جميع الفصائل، (لجان عمل نضالية مطلبية تتصدى للدفاع عن مصالح في قطاعاتها وخاصة فيما يتعلق بغلاء الأسعار بعد رفع الدعم وكذلك التصدي للرشاوى والفساد الذي عمّ كل البلاد. وتبتكر وسائل نضالية جديدة بما لا يتعارض مع نهج البلاد المقاوم للتآمر الخارجي، بل يصب في دعم وتقوية هذا النهج وتحصين البلاد من الداخل.
3 - تنظيم عريضة واحدة على نطاق البلاد موجهة إلى أعلى مرجع في الدولة، تتناوبها كل اللجان المشتركة لوحدة الشيوعيين في جميع المحافظات وجمع التواقيع، لترفع صرخة الناس الذين دب الجوع والفقر في صفوفهم.
هذه الخطوات العملية تساهم بتسريع الخطا على درب توحيد الحزب وفي الدفاع عن مصالح الشعب ضد الجوع والفقر، وفي سبيل تعزيز النهج المقاوم ضد المؤامرات الخارجية.