فساد مُعلن.. ولكن..
يزداد بشكل لافت عدد الطلاب الجامعيين الملتجئين إلى «قاسيون»، ووسائل الإعلام عموماً، ليشتكوا من فساد أساتذتهم ومعيديهم ومحاضريهم، أو من مزاجيتهم وسوء سلوكهم مع الطلاب والطالبات، في مختلف الجامعات السورية، بمعظم فروعها وأقسامها. والحقيقة أننا كإعلاميين نقف أمام غالبية هذه الشكاوى عاجزين عن تقديم أية مساعدة للمشتكين كونهم لا يقدمون لنا أية وثائق أو أدلة على المشتكى عليهم نرتكز إليها، فنعرّي الفاسدين ونفضح فسادهم..
والمؤسف أن الفساد المتغلغل في الجامعات السورية، وتخلف العملية التعليمية فيها، بات أمراً معروفاً للقاصي والداني، ويتحدث به الجميع داخل سورية وخارجها بشكل يسيء إلى سمعة الوطن، دون أن تقوم الجهات التعليمية أو الرقابية السورية بأي جهد لإصلاح ما فسد، أو تتخذ أية إجراءات شاملة للحد من تفشي هذا الوباء الخطير..
في هذا الإطار، زارنا مؤخراً عدد من طلاب قسم الآثار في جامعة دمشق، وقالوا الكثير عن فساد شبه معلن يمارسه أحد (دكاترة) القسم، الذي لا ينجح في مادته، حسب تأكيداتهم، إلا من يدفع له مبلغاً معلوماً عبر وسيط معروف، وبالتالي فإن الكثيرين ممن يرفضون الدفع، أو لا يملكون ما يدفعونه، يضطرون لتقديم المادة نفسها لعدة دورات متتالية، وقد تبقى عالقة طوال سنوات الدراسة فتعيق تخرجهم..
أما الطالبات، فمشكلتهن كما أكدن لنا بحياء، أكبر وأخطر، إذ يضطررن لتحمل نظرات «أستاذهم» غير المحتشمة معظم الوقت، وقد يتعرضن للابتزاز في أكثر من مناسبة قبل أن يحصلن على علامة النجاح..
ما يجعل هذه الظاهرة في حالة تفاقم مستمر، هو غياب الدور الفاعل لاتحاد الطلبة الذي يمكن أن يساعد الطلاب في المحافظة على حقوقهم، ويجبر الأساتذة على التعامل معهم بنزاهة وموضوعية، وكذلك ضعف أجهزة الرقابة داخل الجامعات وخارجها، وغياب أو تأخر المحاسبة، وخوف الطلاب من خوض معارك فردية أو معارك غير منظمة خاسرة سلفاً، خصوصاً أنهم تحت رحمة خصمهم وحكمهم.. وحتى تتغير كل هذه الظروف القائمة سيبقى الطلاب يدفعون الثمن.. بينما الجهات المعنية واقفة تتفرج..
أهكذا يفهم الملتبرون السوريون الجدد الاستثمار في القوى البشرية؟