ذاكرتنا لم تمت:  هوامش تعطيلكم تختنق..!

منذ انفجار الأزمة، دفع السوريون أثماناً باهظة ناتجة عن مستوى التعنت الواسع الذي أبداه المتشددون على طرفي الاقتتال إزاء محاولات الحل السياسي للأزمة، تلك المحاولات التي دفعت في اتجاهها القوى الوطنية العاقلة التي استشرفت باكراً واقع التغيرات الحاصلة في ميزان القوى الدولي، وانعكاساته في استحالة تطبيق الطروحات الحربجية ما بين «حسم عسكري وإعادة البلاد إلى ما قبل عام 2011- وإسقاط النظام بالقوة العسكرية».

رغم هذا المستوى من التعنت، تواصلت محاولات القوى الدولية الداعية إلى السلام لتطويق نزعة العسكرة وتعميم الأزمات وخلق بؤر جديدة للتوتر التي نمت لدى «التيار الفاشي» في الإدارة الأمريكية، وفي ذلك، تقاطعت هذه المحاولات مع الجهود الداخلية التي بذلتها القوى الوطنية السورية في سبيل وقف الكارثة الإنسانية التي عمت البلاد. وبطبيعة الأحوال، أدركت القوى المستفيدة من استمرار الحرب أن محاولات وقف الكارثة الإنسانية تشكِّل طوقاً حول مصالحها لن يلبث أن يضيق أكثر فأكثر، لا سيما مع ميل كفة ميزان القوى الدولي إلى غير المصلحة الأمريكية، وبالتالي إلى غير مصلحة القوى الإقليمية والمحلية المرتبطة بها. وعليه، قررت قوى الحرب هذه أن الخيار الأنسب هو محاولات الإعاقة المتواصلة مع كل مرة يأخذ بها الحل السياسي السلمي دفعاً جديداً.

بعد اللقاء التشاوري السوري (الفرصة الضائعة) في تموز 2011، نجحت قوى التشدد في عرقلة مسار الحوار والحل السياسي لسنوات. ومنذ جولة «جنيف2»، تضاءل هامش التعطيل المتاح أمام القوى المستفيدة من استمرار الأزمة إلى أشهر. ولم يلبث- مع استمرار مفاعيل التغير الحاصل في ميزان القوى الدولي، ودرجة التوافق الروسي- الأمريكي عالي المستوى، أن تحول إلى أيام. فهل نحن أمام مرحلة سيضيق خلالها هامش التعطيل هذا إلى حدود ساعات؟ لننتظر ونرى..!