بعد إذن الموجهة.. الطلاب في المقهى!
في التاسعة صباحاً وفي الأيام الأخيرة من العام الدراسي، يعلّق طلاب من المرحلة الثانوية حقائبهم المدرسية على الكراسي، ويلعبون الورق في مقهى لا يبعد كثيراً عن منازلهم. بعضهم ينتظر دوره في اللعب، ويتسلى بأرجيلة أو سيجارة، أو يتبادل مقاطع الفيديو والأغاني مع زميله عبر البلوتوث. ذلك ما لفت نظري أثناء تواجدي في المقهى خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي في مخيم اليرموك، حيث طلبت من عامل القهوة أن يدعو أحد الشباب لمحاورتي بعد أن كشفت له هويتي الصحفية، وما إن وقف بينهم منادياً أنّ هناك صحفي يهتم بأمور الشباب توجه سبعة منهم إلى طاولتي والبسمة تعلو وجوههم، وكأنها تقول وجدنا من يهتم لأمرنا ونشكو له همنا. بدأ لقاؤنا بالتعارف وتوضيح فكرة المقابلة، وتشعب حوارنا إلى أن وصلنا إلى سبب المشكلة التي تكمن في سيطرة وطريقة تعامل الموجهة «نابغة» في ثانوية عبد الرحمن الكواكبي، وفيما يلي نبذة قصيرة مما ذكره بعض الطلاب المتضررين والحكم لكم.
محمد: «بمجرد أن أتأخر خمس دقائق عن بداية الدوام في الثامنة أكون مضطراً لكتابة تعهد واستدعاء ولي أمري وتسجيلي غائباً في هذا اليوم، إضافة إلى ما أتعرض له من توبيخ وإهانات، بينما يبدأ دوام غيري في التاسعة دون أية عقوبة أو لوم بل يستقبلون بتحية رقيقة والإطمئنان عن كيفية نومهم البارحة».
أشرف: «ليت أن المشكلة تنتهي باستدعاء ولي الأمر، بل أنّ زيارة الولي ستكون سبباً لخلق مشكلة أخرى في المنزل، حيث يتم إقناعه من الموجهة بأنها تمتلك إثباتات مصورة بالفيديو لما يقوم به الطالب من أعمال تخريب، وبمجرد أن يطلب الطالب عرضها تثور ثائرة الموجهة لتضعه في قائمة المغضوب عليهم».
بلال: «إنّ وجود الهاتف الجوال بات ضرورياً في تلك الأوضاع التي تمر بها البلاد مما يسهل علينا التواصل مع أهلنا أثناء غيابنا عن المنزل، ورغم قلة استخدامه تتم مصادرته وكتابة تعهد، في الوقت الذي يتجوّل بعض الطلاب على مرأى ومسمع الجميع أثناء استخدام الهاتف ولا يتعرض لهم أحد».
عبد الرحمن: «إنّ تغيير المقعد الذي اعتاد عليه الطالب منذ بداية العام يساهم في تقليل التركيز، وهذا ما تتعمده الموجهة لتجد الفرصة لمعاقبة الطالب الذي يطالب بالرجوع إلى مقعده الأصلي، أو يكون قد عاد في اليوم التالي ظناً منه أن العقوبة قد انتهت».
حمزة: «إنّ التدقيق على اللباس المدرسي من حق الموجهة ولكنها تفصل طالباً لعدم لبسه القميص بينما يتجوّل الآخر بالبيجاما منذ بداية العام دون محاسبة».
صهيب: «كان والدي متزوجاً عندما كان في عمري، وأشعر بالخجل والإحباط عندما أقف في الممر عقوبة على تأخري لبضع دقائق».
أما نور الطالب المجتهد صاحب العلامات المميزة فيمثل دور البطل في تلك القصة حيث مر بجميع ما مر به زملاؤه من عقوبات، وقد تحدث بنبرة حزينة قائلاً: «نقل من المقعد، كتابة تعهد بسبب التأخير، طلب ولي الأمر، وقوف في الممر وتسجيل غياب، كلها اتهامات باطلة انتهت بفصلي من المدرسة في الشهر الأخير، وباءت محاولات المدرسين بالفشل أمام إصرار الموجهة على فصلي». تنهد وتابع: «سأكمل دراستي في معهد أو في البيت ولن أتنازل عن أحلامي، لكن ما أتمناه أن لا يمر أي طالب بما مررت به لتبقى كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار».