ماذا وراء المبادرة العربية؟
علاء عرفات علاء عرفات

ماذا وراء المبادرة العربية؟

انعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في 22/1/2012 لبحث تطورات الأزمة السورية، والذي كان من المقرر فيه بحث تقرير المراقبين العرب الموفدين إلى سورية ومناقشة اقتراح قطر الذي سبق انعقاد المؤتمر بعدة أيام حول إرسال قوات فصل عربيةوبشكل غيرمتوقع، صدر عن المؤتمر قرار فيه ست نقاط، سميت «المبادرة العربية»، وصدرت هذه المبادرة دون أي اعتراض عليها عملياً من أي بلد عربي، كما تم تكليف الأمين العام للجامعة العربية وممثل قطر الطلب إلى مجلس الأمن الدولي بتبني هذه المبادرةإن القراءةالمتأنية لبنود هذه المبادرة تضع الكثير من التساؤلات حولها، بنصها الكامل، وحول كل بند من بنودها.

ففي النقطة الأولى، حول حكومة الوحدة الوطنية، ومشاركة المعارضة بها، يفهم منها إذا أخذنا بعين الاعتبار السياق السابق لنشاط الجامعة العربية، أن المعارضة المقصودة بالدرجة الأولى هي المعارضة التي التقت أمين عام الجامعة العربية في القاهرة، ولا تشمل بقيةقوى المعارضة في الداخل، ولا الحركة الشعبية، وهذه عناصر لابد منها لقيام حكومة وحدة وطنية حقيقية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يثار السؤال حول هذه المعارضة إن كانت توافق على دخول حكومة وحدة وطنية، فخلال كامل فترة الأزمة لم توافق هذهالمعارضة على أي حوار، وهي كانت تعلن أن الحوار الوحيد الممكن هو الحوار على تسليم السلطة ورحيل النظام.

إن رؤية السياق الذي طرحت فيه هذه المبادرة، وهو تجاهل تقرير المراقبين العرب من ناحية، وبدء نضوج فكرة حكومة الوحدة الوطنية كمخرج آمن داخلي من الأزمة السورية من ناحية أخرى، وثبات الموقف الروسي – الصيني، الرافض للتدخل الخارجي في الشؤونالسورية، كتعبير عن ميزان القوى الجديد الآخذ بالتشكل على النطاق العالمي.. هذا السياق يقنعنا بأن هذه المبادرة وضعت وركبت وأطلقت بطريقة الهدف منها أن تقوم الحكومة السورية برفضها، وأن تقوم معارضة اسطنبول بعدم رفضها شكلاً، وبعدم قبولها مضموناً؛وهو ما حصل فعلاً.

وهذا ما يقنعنا أيضاً بأن الهدف من هذه المبادرة هو إعاقة وقطع الطريق على نضوج الحل الداخلي الشامل، ومنع تطبيقه (ونعني حكومة الوحدة الوطنية ذات الصلاحيات الواسعة)، وبالتالي فسح المجال أمام ما يسمى بالحل الأمني (والذي أثبتت التجربة أنه يعقد الأمورولا يحلها)، والسير باتجاه مستوى أعلى من التوتر، وهو الحال منذ بدء الأزمةإن النجاح، وتحقق هذا الهدف يمكن أن يؤدي للنتائج ذاتها التي كان يمكن أن تنجم عن التدخل العسكري الخارجي المباشر.

إن سلوك الجامعة العربية لم يكن ممكناً لولا التباطؤ والتأخير في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وهو ما يسم ممارسة النظام في معالجة الأزمة خلال كامل الفترة السابقة، هذا التأخير لا يمكن تفسيره إلاّ بدور قوى الإعاقة والتشدد في النظام وجهاز الدولة بالدرجة الأولى.

إن الوقت ينفذ، وحكومة الوحدة الوطنية ذات الصلاحيات الواسعة ما تزال ممكنة رغم التعقيدات الناشئة عن المبادرة العربية، ولكننا الآن في اللحظات الأخيرة التي إن مرت سنكون أمام مرحلة جديدة تحتاج لحلول أخرى، ولكن بكلفة أعلى على البلاد.