الزيارة.. استنتاجات أولية
يمكن القول إن الزيارة التي أجرتها الجبهة كانت ناجحة بكل المقاييس، خاصة في التوقيت، فالزيارة أظهرت بشكل لا يدع مجالاً للشك التقصير الواضح من الحركة السياسية السورية، وفي المقدمة اليسارية منها، تجاه بناء علاقات جيدة ومتينة مع الحركة اليسارية في الدول المجاورة، تمهيداً لأوسع تضامن أممي بين شعوب المنطقة، بالإضافة إلى التقصير المخجل من الإعلام السوري في نقل الصورة الحقيقية عما تقوم به الأحزاب اليسارية في تلك الدول بشكل عام، والتركية بشكل خاص، وكشفت الزيارة أن ما يعيق الشيوعيين واليساريين الأتراك عن معرفة ما يجري والتأثير فيه، هو النقص الكبير بالمعلومات المتعلقة بسورية، وذلك لعدم وجود أي تواصل بين هذه الأحزاب.
فاليسار التركي على يقين أن هناك معارضة سورية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخارج، ولها أجندة خارجية بالاعتماد على ما نحت إليه الأمور، لكنه في الوقت ذاته متأكد من وجود معارضة وطنية شريفة، وأن للشعب السوري وحركته الشعبية مطالب محقة، وعلى السلطة السياسية تنفيذها، وأهمها الإصلاح الجذري الشامل من النواحي كافة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وديمقراطياً.
حصدت الزيارة نتائج مهمة، ولعل أهمها أن اليسار التركي لن يقبل أن تدفع سورية الفاتورة وحدها، لأن ما يقوم به حزب التنمية والعدالة يعتبر جزءاً من المشروع الإمبريالي الصهيوني، وفي خدمة مشاريع الليبرالية الجديدة.
إن رفع اليسار التركي شعار «الشعوب إخوة» يتفق مع الشعار الكبير الذي رفعته اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين حين أقرت في الوثائق الحزبية طيلة العشر السنوات الماضية شعار «اتحاد شعوب الشرق العظيم من عرب وكرد وفرس وترك..». فعندما يصر اليسار التركي أن أردوغان ليس سوى القفاز الجديد للتدخل الإمبريالي في الشرق الأوسط، وأنه اليد الخفية للإمبريالية الأمريكية، وأنه الغطاء الأسود للتغطية على علاقاتها ومخططاتها في المنطقة، يعني أن اليسار التركي يمتلك القوة الفكرية والأيديولوجية والسياسية لاتخاذ المواقف الصحيحة من كل ما يجري.
إن إصرار اليسار التركي على قيام جبهة معارضة واحدة في سورية، ومن ثم الاتفاق على إقامة اتحاد شعوب الشرق العظيم، يضع أمام المعارضة الوطنية الداخلية في سورية مهمات جمة، وعليها الإسراع في تنفيذها لإغلاق جميع الحجج والأبواب في وجه الولايات المتحدة الأمريكية ومشاريعها الإمبريالية التي لا تخدم سوى الغرب الرأسمالي والصهيونية العالمية.