الحراك الشعبي... القاسم المشترك الأهم؟
تشهد بعض دول المنطقة موجة جديدة من الحراك الشعبي السلمي، الذي يعبر عنه بالاعتصامات والمظاهرات، رغم المسار الدراماتيكي كله لانطلاق الحراك الشعبي الذي بدأ قبل سنوات، الأمر الذي يؤكد الرأي الذي قيل في بدايات الحراك الشعبي، بأن شعوب العالم دخلت مرحلة تاريخية جديدة عنوانها العريض عودة الجماهر إلى الشارع، وأنه ما من أحد قادر على لجم هذا الخيار، الذي يفرض نفسه على البنى كلها من أنظمة وأحزاب وقوى ودول، باعتبار أن هذه الحركة الشعبية تعبير عن حاجة موضوعية...
ويتلمس المتابع لانطلاق هذه الموجه من الحركة الشعبية، عدة سمات:
• إن الشعارات المرفوعة هي شعارات ملموسة، وآنية، وبسيطة ولكنها، في الجوهر تعكس بنك أهداف موضوعة أمام الحركة، وطنية واقتصادية اجتماعية وديمقراطية، مترابطة بسلسة واحدة، ستصل الحركة الشعبية إلى صياغتها من خلال تجربتها، في ظل غياب الدور الفاعل للقوى السياسية.
• تحاول منع توظيفها لصالح أجندات دولية وإقليمية، كما حدث في الموجة الاولى، رغم محاولات قوى مشبوهة لاختراقها.
• إن هذه الموجه من الحركة عابرة لتلك التقسيمات التقليدية، القائمة على أساس البنى ما قبل الوطنية من طائفية ومذهبية ودينية وعرقية، بل إن شعاراتها موجهة في قسم هام منها ضد التحاصص الطائفي والديني.
• التأكيد على سلمية الحراك، باعتبار أن العنف، كان أحد الادوات التي استدرجت إليها الحركة الشعبية في موجتها الأولى في بعض البلدان، أو دفعت إليها دفعاً من خارجها، ودفعت بذلك ثمناً غالياً، وحرفتها عن مسارها.
القاسم المشترك الأهم
يشكل رفع الشعارات التي تدعو إلى محاربة الفساد قاسماً مشتركاً، بين أشكال الحراك كلها، وفي ميادينه كلها، في العراق، ولبنان، بما فيها ما جرى في بعض المحافظات والمناطق السورية مؤخراً، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، أو الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
إن هذا الموقف العام الواضح والصريح من قوى الفساد، يعبر في العمق عن الموقف من النظام الاقتصادي الاجتماعي، وآليات توزيع الثروة، أي الموقف من تجربة النظام الراسمالي في بلدان الأطراف، باعتبار أن الفساد كان أحد أهم مخرجات هذا النظام، فإلى جانب النهب الرأسمالي التقليدي المعروف، جرت وتجري أشكال استفزازية من نهب المال العام، اصطلح عليها في الخطاب السياسي بالفساد، أو على الأقل يضع الحركة الشعبية في مسارها المطلوب.