التقرير العام لمجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين
قدم الرفيق د. قدري جميل تقرير مجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين عن الفترة الفاصلة بين الاجتماعين الوطنيين الثامن والتاسع.. والذي أقره الاجتماع لاحقاً بعد مناقشته، وعدّه وثيقة أساسية، وأوصى بتعميمه ودراسته في الهيئات المختلفة وإقامة ندوات حوله..
الضيوف الأعزاء..
الرفيقات، الرفاق أعضاء الاجتماع الوطني التاسع لوحدة الشيوعيين السوريين..
بانعقاد الاجتماع الوطني التاسع نكون على مشارف انتهاء العام السابع من عمر اللجنة الوطنية التي تأسست في أوائل 2003.
لقد اجتازت اللجنة الوطنية طريقاً طويلة ومجيدة، وهي حالة فرضتها الضرورة، وكانت منذ نشوئها حالة واعدة، حملت بريق الأمل ونشرته بين الآلاف من الشيوعيين السوريين وجماهيرهم.
لقد كانت ضرورة لأنه كان يجب وضع حد لمسلسل الانقسامات والتشرذم..
لقد كانت ضرورة لأن وحدة الشيوعيين هي إحدى الركائز الهامة للوحدة الوطنية.
لقد كانت ضرورة لأنه كان يجب عودة الحزب إلى الجماهير من أجل استعادة دوره الحقيقي الفاعل في حياة البلاد، في النضال الوطني والاجتماعي..
وأخيراً، لقد كانت ضرورة لأنها تعبير عن المستقبل القادم الذي يحمل الانتصارات الواعدة ضد قوى الشر والعدوان والرأسمالية..
لم يكن ظهور اللجنة الوطنية مصادفة، فهي قد كانت فعلاً واعياً، أخذ بعين الاعتبار الانفجار القادم للأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية وما يمكن أن تحمله مقدماتها وتداعياتها من زيادة حدة عدوانية الامبريالية بشكل عام، والأمريكية بشكل خاص، المحكومة بالحرب وبتوسيع رقعة الحرب بأشكالها المختلفة.
لم يكن ظهور اللجنة الوطنية مصادفة، لأنها انطلقت في تلك اللحظة التاريخية التي شهدتها البشرية، والتي كانت إيذاناً بانغلاق الأفق نهائياً أمام الرأسمالية بعد رحلة الانتصارات التي حققتها في النصف الثاني من القرن العشرين، وبانفتاحه أمام القوى الثورية العالمية التي كانت حتى ذلك الحين، منذ منتصف القرن العشرين، بحالة تراجع مستمر.. لقد كانت اللجنة الوطنية انعكاساً وتعبيراً عن هذه اللحظة..
أخيراً، لم يكن ظهور اللجنة الوطنية مصادفة، لأن الخبرة التاريخية المتراكمة لدى أجيال الشيوعيين السوريين على مرّ عشرات السنين، كانت تتطلب هذا الوليد الذي يحمل أحسن ما في الماضي من ميزات والقادر على تجاوز البالي منه، وإبداع الجديد الراسخ الأقدام على الأرض.
ليس مضراً التذكير اليوم، من باب الفائدة وليس الشماتة، أن البعض تبسم متهكماً مشككاً بقدرة هذا الوليد على الحياة، وظن أنه مجرد فقاعة عابرة.. ومرت الأيام والأيام، وها نحن الآن نعلن أننا حققنا التزامنا الذي تعهدنا به في الاجتماع الوطني الثامن بالوصول إلى اجتماعنا هذا بعشرة آلاف مشارك في اختيار مندوبي هذا الاجتماع الذي يزيد عددهم عن 300 رفيق ورفيقة منتخبين على أساس نسبة تمثيل واحدة في كل المحافظات، وهي مندوب لكل ثلاثين مؤيد وناشط..
لقد خضنا أول تجربة انتخابية للمندوبين في الاجتماع الوطني الخامس المنعقد بتاريخ 3/6/2005، وشارك فيها آنذاك ثلاثة آلاف ناخب شيوعي.
وانتقلنا في الاجتماع الوطني السادس المنعقد تاريخ 11/8/2006، إلى خمسة آلاف مشارك، أما الاجتماع السابع المنعقد بتاريخ 11/1/2008، فقد وصل إلى تخوم السبعة آلاف مشارك.. واليوم نعلن تحقيق التحدي الذي أخذناه على أنفسنا في الاجتماع الوطني الثامن المنعقد بتاريخ 22/5/2009،.. وستقوم لجنة الاعتمادات التي سنختارها بعد قليل، بالإعلان عن الأرقام النهائية الدقيقة لعدد المشاركين من مؤيدين وناشطين على مستوى البلاد، وعدد المندوبين الممثلين المنتخبين في كل سورية.
وهنا لابد لنا من أن نخص بالتحية تلك المحافظات التي سارت في المقدمة، وحققت أرقاماً كبيرة يقارب مجموعها 2/3 من أرقام هذا الاجتماع، وهي تحديداً الحسكة ـ دمشق ـ حلب ـ طرطوس ـ حماه. وهذا طبيعي، فمن جهة يتمركز في هذه المحافظات أكثر بكثير من نصف سكان البلاد، ومن جهة أخرى فإن هذا الأمر يؤكد على الجذور التاريخية العميقة للشيوعيين التي تكونت خلال النضالات الوطنية والطبقية، والتي تبين أنه لا يمكن اقتلاعها رغم كل شيء، بل على العكس، يمكن إنعاشها وإحياؤها وتطويرها إلى الأمام...
كما لابد أخيراً من توجيه التحية إلى مئات الشيوعيين في الدوائر الطليعية على نطاق البلاد والتي حققت المئات العديدة من المشاركين الشيوعيين، كل منها على حدة، وهي الصقيلبية، الكفرون، عامودا، الدرباسية، دوائر الشباب في دمشق وحلب، منبج، الباب، جرمانا، الغاب، الموحسن، القامشلي، المالكية... ولا أعتقد أنه يمكن إغلاق قائمة دوائر الأرقام القياسية بالمذكور أعلاه..
وأخيراً، تجب الإشارة إلى أن تنظيمنا قد أجرى انتخابات في كل محافظات البلاد، ماعدا الرقة والقنيطرة، ويجتمع اليوم معنا لأول مرة، رفاق منتخبين من محافظة إدلب، ونأمل أن يكون الاجتماع الوطني العاشر ممثلاً لكل محافظات ومناطق البلاد.
لقد تهيبنا جميعاً من رقم العشرة آلاف المستهدف للاجتماع الوطني الحالي حين إقراره في الاجتماع الوطني السابق، ولكن التجربة أثبتت الأمور التالية:
ـ إن حل التناقض بين الضرورة والإمكانية، انطلاقاً من الضرورة، أمر ممكن في ظروفنا الحالية، فالظرف الموضوعي والمناخ العام مؤاتيان جداً للتقدم إلى الأمام بشكل مدروس ومخطط وواع، آخذاً بعين الاعتبار الإمكانيات ولكن غير مستسلم أمامها.
إن تجربة النجاح في الحشد للاجتماع الجماهيري بمناسبة الذكرى الـ85 في دمشق، وكذلك الانتخابات التي يتوجها اجتماعنا اليوم، تؤكد ذلك.
ـ إن الإرادة والاقتناع بالمهمة المطروحة هي عامل هام جداً في الوصول إلى الهدف إذا ما ارتبط ذلك بالقناعة والثقة بالخط السياسي طبعاً.. إن الشيوعيين هم أناس من معدن خاص، فهم قد صنعوا لينجزوا المهمات الصعبة، وليس للاستكانة أمام ما هو موجود وقائم..
ـ إن دقة التنظيم وارتفاع مستواه هما عاملان حاسمان في النجاح، فالذي أنجح هذا الاجتماع عملياً هم فئات عديدة من الناشطين في طول البلاد وعرضها، كونهم النواة المحركة الفعالة للنشاط بمجمله.
إن التركيز على الأمور الواردة أعلاه خلال العام المنصرم، أمكننا من الوصول إلى هدفنا، ولكن كل ذلك غير كاف لتفسير الظاهرة إذا لم نعد إلى أرضيتها وجذورها، والتي تكمن في الأمور التالية مع ما تتطلبه من مهام لاحقة:
1 ـ على المستوى المعرفي ـ النظري:
لقد حققت اللجنة الوطنية إنجازات مهمة على المستوى المعرفي ـ النظري خلال السنوات السابقة، سمحت لها بتكوين تلك الرؤيا الضرورية التي يمكن اعتبارها تاريخياً تلك الحلقة الضائعة بين النظري العام الصالح لكل زمان ومكان، وبين السياسي الجاري المتغير يومياً، أو أحياناً حتى بين نشرة أخبار وأخرى...
إن الانغلاق على النظري العام والسياسي الجاري، يمنع من يريد أن يكون ماركسياً من الوصول إلى التغيير عبر التفسير..
فالتفسير يصبح فعالاً عندما يجد التفسير الخاص للظاهرة الملموسة، مما يفضي إلى التغيير... إن عدم الوصول إلى التغيير، بل التراجع عنه، يعني قولاً واحداً، قصوراً فاضحاً في التفسير... مهما حُلفت أغلظ الإيمان بماركس وأنجلس ولينين.
إن عناصر رؤيتنا التي تكونت خلال السنوات السبع الماضية معروفة، ويمكن تلخيص أهمها:
1 ـ الأزمة في الحركة الشيوعية السورية، هي امتداد وتعبير عن الأزمة في الحركة الشيوعية والثورية العالمية منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي 1965.
2 ـ الأزمة هي تعبير عن تغير تناسب القوى مع العدو الطبقي وليس العكس، إن كان على المستوى الكلي أو الجزئي. الانتهازية والتحريفية استولت على قيادة الحركة العالمية دون إعلان عن برنامجها الذي طبقته على أرض الواقع بالتدريج وبشكل مستتر مع تغطية دخانية كلامية كثيفة.
3 ـ أدى ذلك إلى انسداد أفق مؤقت أمام الحركة الثورية العالمية التي تراجعت خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولكن، انتهى انفتاح أفق الامبريالية المؤقت بالتداعيات الأولى للأزمة التي عبرت عنها أحداث 11 أيلول 2001.
4 ـ الأزمة الرأسمالية عميقة، متصاعدة، وستفتح الخيارات المختلفة للحرب وتوسيع رقعتها، وهذه الأزمة تكرر الأزمات الكبرى السابقة وتختلف عنها بآن واحد، وهي يمكن أن تكون نهائية في حال توفر العنصر الذاتي للتعامل مع العنصر الموضوعي الجديد.
5 ـ منطقتنا إحدى مراكز التعبير الأساسية عن تناقضات الرأسمالية هروباً من أزمتها، مما سيدخلها في حالة صراع وعدم استقرار طويلة، إما أن تؤدي إلى التفتيت، أو إلى تلاحم جميع الشعوب العظيمة المستهدفة.
6 ـ كل ذلك يتطلب داخلياً، تفيك المنظومة الوهمية لثنائية معارضة ـ نظام، من أجل وضع الصراع على سكته الصحيحة الحقيقية الوطنية ـ الاجتماعية.. وربط الصراع الوطني والاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي بمنظومة واحدة، دون تقديم أو تأخير لأحد مكوناتها..
أيتها الرفيقات، الرفاق
إن قول كل ذلك سهل اليوم، لأن الحياة صوتت لصالحه، ولكن البارحة لم يكن الأمر كذلك، وقد أضاف ذلك رصيداً هاماً لسمعة اللجنة الوطنية، وساهم في بناء ثقة جمهورها بها...
إننا لا نكرر كل ذلك لاستجلاب التصفيق عن فعل مضى، وإنما لنقول إن البقاء معرفياً في المقدمة يتطلب الجديد دائماً، فالحياة في حركة دائمة، وهو اليوم يتطلب جهداً أكبر من البارحة، فالظاهرة الجديدة إذا كان اكتشافها وتحديد ملامحها الأساسية سهلاً نسبياً، إلا أنه من الصعب أكثر فأكثر متابعتها وتقصي أعماقها.. مما يتطلب صبراً وجلداً وتطويراً للأدوات.
من هنا توصّلنا إلى استنتاج جديد سيتطلب وقتاً إضافياً وجهداً كبيراً العمل عليه، وهو أن التقدم اللاحق للحركة الثورية العالمية، التي نحن جزء صغير منها، ولكنه جزء بكل الأحوال.. يتطلب نفض الغبار عن تلك المنصة المعرفية التي انتهى عندها آخر الثوريين المنتصرين في أواخر النصف الأول من القرن العشرين، فهؤلاء غيروا ميزان القوى العالمي مرتين، في ثورة أكتوبر وفي الحرب العالمية الثانية.. وبعد ذلك عُتّم عليهم، وألقيت عليهم أطنان من القاذورات دون السماح لهم أن يدافعوا عن أنفسهم، ونشأت ثلاثة أجيال من الثوريين بعدهم حتى اليوم دون أن تقرأ لهم شيئاً.. لقد أدارت الامبريالية العالمية والصهيونية العالمية وقوى التحريف والانتهازية معركة قصف ناري مكثف على هذه المنصة المعرفية لمنع الاقتراب منها، لماذا؟ لأن العودة إليها للانطلاق منها إلى الأمام هو ضمانة للانتصارات اللاحقة والتي أرعدتها وأخافتها سابقاتها..
لقد أصبح أمام اليسار الماركسي الشيوعي مهمة لا تقبل التأجيل، مهمة خوض المعرفة دفاعاً عن الماضي بمحصلته الإيجابية تحضيراً للمستقبل، وهذه المهمة بحد ذاتها هي ورقة عباد الشمس التي ستفرز اليساري الحقيقي، الماركسي الحقيقي، الشيوعي الحقيقي، من غيره... إن الدفاع عن الماضي لا يعني بتاتاً الانغلاق عليه، وإنما يعني بالدرجة الأولى الانطلاق منه لاستكمال الانتصارات المؤجلة المتوقفة من ذلك الحين.. وهذا الأمر سيتطلب تنشيط العمل البحثي ـ العملي ـ التاريخي ـ التدريسي والإعلامي في اتجاهين: اتجاه تاريخ الحركة الثورية العالمية، وتاريخ الحركة الشيوعية السورية، مما يستلزم الأدوات والبنى الضرورية التي أصبحت مهمة على جدول الأعمال لا تقبل التأجيل والتي يجب إناطتها فوراً بالقيادة المنبثقة عن هذا المؤتمر...
2 ـ على مستوى الأزمة الرأسمالية العالمية:
إن الاكتشاف المبكر لاحتمال انفجار الأزمة كتعبير عن تعمق تناقضاتها سمح بالخروج باستنتاجات عملية حول:
ـ سلوكها اللاحق في منطقتنا، وزيادة حدة التوتر وتوسيع استخدام الحروب.
ـ حول الانهيار المحتم لكل المنظومة الفكرية للسياسات الاقتصادية الليبرالية.
ـ حول بنية التنظيم الثوري في الظروف الحالية وآليات عمله وآجال تحقيقها.
لم يكن أكثر المتفائلين ليتوقع انفجار الأزمة وبدء التراجع الفعلي العام للامبريالية الأمريكية قبل نهاية العقد الثاني لإعلان انتصارها النهائي على الاشتراكية، ولكن هذا حدث، ولم يكن أمراً مفاجئاً لنا..
إن الوقوف عند الأزمة وتداعياتها لا يدخل في باب التحليل النظري المجرد بقدر ما يدخل في إطار رؤية القادم وتحقيق البدائل الضرورية له. وهنا لابد من تناول بعض المواقف لبعض اليسار من هذه الأزمة كتعبير عن بلبلة وتخبط وضياع للبوصلة.. ولما يمكن أن يسبب من ضرر على مجمل تطور الحركة الثورية لاحقاً، إذا لم يجر التصدي لها:
1 ـ اعتبار أن هذه الأزمة دورية فقط:
صحيح أن هذه الأزمة تحمل جميع ملامح الأزمة الدورية بالمعنى الماركسي، من حيث فائض الإنتاج، ولكن الانغلاق على التفسير القديم يعني التالي:
ـ للأزمة الدورية أطوار ـ انتعاش ـ ركود ـ انحسار.
ـ إن الانحسار الذي هو تعبير عن انفجار الأزمة الدورية ينتظر الانتعاش بعده.
ـ وبالتالي هذا يعني عملياً إغلاق أفق النضال الثوري للتغيير.. إلى جانب أن الأزمة الحالية تختلف عن الأزمات السابقة من جانبين هامين:
ـ فائض الإنتاج الكلاسيكي تحول إلى فائض مال وفائض سلاح.
ـ أزمة فائض الإنتاج بالمعنى الجديد، أصبحت مستمرة زمنياً وغير دورية.
والأهم أنها يمكن أن تتحول إلى نهائية نتيجة عدم القدرة على حلها بالأشكال السابقة عبر التوسع الرأسمالي الذي أغلقت المنافذ الجغرافية أمامه باستيلائه على كل الكرة الأرضية.
2 ـ اعتبار أن البدائل غير جاهزة لذلك سيتم خروج آمن من الأزمة..
وهو خطأ جسيم وقاتل يمكن أن يشل إرادة الحركة الثورية إن لم يتم التصدي له...
فالأزمة تمر بمراحل، ولا تظهر البدائل في بداياتها، بل في نهاياتها كما تدل التجربة التاريخية... فحتى الحزب البلشفي لم يظهر على الساحة فعلياً كحزب جماهيري إلا قبل عام من الثورة في ظل اشتداد تناقضات الأزمة، والتي فعّلتها الحرب.
والخلاصة: إن المؤشرات الحالية تدل على ازدياد تعمق الأزمة، وهي اليوم في طور الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تؤثر مباشرة على الاقتصاد الحقيقي، فالنمو في اقتصاديات البلدان الرأسمالية أصبح اليوم فعلياً يقارب الصفر، مما يعزو هجومها على المكاسب الاجتماعية للشعوب، ويرفع حدة التناقضات الاجتماعية، وهذا واضح في أمثلة اليونان وإيرلندا وبريطانيا وفرنسا والحبل على الجرار... إننا ندخل في طور جديد من الأزمة وهو يشكل الطور الثاني الذي امتد في أزمة 1929 من عام 1932 ـ 1939 ونشبت الحرب العالمية الثانية بعده في الطور الثالث من الأزمة..
إن الأشكال المختلفة التي تعبر الأزمة فيها عن نفسها، وآخرها حرب العملات، دليل على ضيق المخارج واستنفاذها، وما التوتر في شبه الجزيرة الكورية ومنطقتنا إلا دليل على ذلك..
إن كل المؤشرات تدل على احتمال تعمق الأزمة، والأرجح أن العام القادم سيشهد أزمة غذاء عالمية ستهدد أكثر من مليار إنسان في لقمتهم المباشرة، إنها إلى جانب الحروب المحلية الواسعة الانتشار والجاهزة للانطلاق أدوات جديدة للخروج من الأزمة عبر تقليص سكان الكرة الأرضية نيومالتوسياً.
3 ـ على مستوى الوضع الإقليمي:
إن المنطقة الممتدة من قزوين إلى المتوسط تعيش على فوهة بركان، ويتسم الوضع فيها اليوم باشتداد توتر البؤر المحلية، التي يمكن بانفجار شديد لأحدها أن تتحول إلى بؤر متصلة ومتحولة إلى بؤرة واحدة واسعة النطاق..
في ظل الأزمة العالمية وضعف قبضة الولايات المتحدة ومحدودية قدراتها العسكرية، ازداد احتمال استخدام التفجيرات الداخلية لخلق حالة عدم استقرار عامة في منطقة إنتاج النفط الأولى في العالم مما سيؤمن للامبريالية الأمريكية الأهداف التالية:
1 ـ الحفاظ على خط الدفاع الأخير عن الدولار كعملة عالمية من خلال تسعير النفط والمواد الخام به.
2 ـ رفع أسعار النفط عالمياً لمحاصرة أهم منافسين عالميين، وهما الصين وأوروبا، المستوردتين الأساسيتين للنفط من المنطقة، مما سيؤثر سلباً على وضعهما الاقتصادي وما يترتب عليه من نتائج.
3 ـ خلق بؤرة توتر واسعة النطاق على خاصرة الصين وروسيا وأوروبا تشاغلهم وتستنفذ مواردهم في صراع يجري على أراضي الغير.
وبسبب تعقد الأوضاع وازدياد المخاطر بفشل السياسات الأمريكية، يمكن ملاحظة حالة من التخبط، ليس بين سلوك الإدارات الأمريكية المختلفة وإنما أيضاً في الإدارة الواحدة، وضمن المؤسسة الحاكمة الفعلية. وانتخابات الكونغرس الأخيرة مؤشر على ذلك... كما أن الخلافات الإسرائيلية ـ الأمريكية التي تظهر على السطح أحياناً هي تعبير عن ذلك أيضاً، وهي ليست خلافات حول الأهداف النهائية، وإنما حول الوسائل الآنية والخطط التكتيكية للوصول إلى الهدف النهائي نفسه الإمبريالي التفتيتي..
والخلاصة، إن الوضع في المنطقة ملتهب وقابل للانفجار، وانفجار أية بؤرة توتر يمكن في ظل الظرف الملموس الحالي أن يؤدي إلى اشتعال المنطقة بكاملها، من هنا ترتدي أهمية كبرى مقاومة المخططات الأمريكية ـ الصهيونية بمختلف الأشكال، ولعبت المقاومة المسلحة دوراً هاماً وأساسياً وتاريخياً في إفشالها حتى الآن...
إن الجهد الأمريكي ـ الإسرائيلي ينصب اليوم باتجاه إحداث مصالحة إسرائيلية مع الدول العربية باتجاه استبدال العدو الأساسي بعدو وهمي ومفتعل ألا وهو إيران، لذلك يرتدي موضوع الفهم العميق لمجرى المفاوضات الإسرائيلي ـ الفلسطينية وفشلها، أهمية قصوى لاستكشاف الاتجاه اللاحق للمخططات الأمريكية ـ الإسرائيلية..
والأرجح أن اهتمام الولايات المتحدة بإنجاح هذه المفاوضات إنما يهدف إلى تحويل حكام الاعتدال العربي بأسرع ما يمكن للمواجهة مع إيران، بعد الطي الشكلي للملف الفلسطيني مما سيفك إحراج البعض ويضع الأساس اللاحق لتحالف إسرائيلي ـ رجعي عربي ضد إيران.
إن كل ذلك يتطلب من قوى المنطقة الوطنية المعادية للمشروع الأمريكي الصهيوني، صياغة استراتيجيتها وشعاراتها بالشكل الذي يؤمن وحدة شعوب الشرق العظيم في النضال المشترك.
ويبين الواقع أن آفاق التحالفات والتعاون في فضاء الشرق الواسع قد انفتحت، وهي في تطور مستمر، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من جانب قوى اليسار في المنطقة، وهذه القضية تلعب دورها المطلوب منها..
وبمناسبة الحديث عن قوى اليسار في المنطقة، لابد من التعريج على اللقاء اليساري العربي الذي عقد في بيروت مؤخراً بمبادرة من الحزب الشيوعي اللبناني الشقيق..
يكتسب اللقاء أهميته من ضرورة وجود يسار حقيقي في البلدان العربية تجمعه مهمات مشتركة عامة، يستطيع أن يملأ الفراغ الموجود في الساحة، التي تتطلب موضوعياً وجود هذه القوى للتعبير عن مصالح الجماهير البعيدة المدى والقريبة منها.. والمشكلة أنه سهل نسبياً تعريف مفهوم اليسار في ظروفنا الحالية من حيث هويته التي تتطلب جذرية الموقف من الامبريالية والصهيونية والرأسمالية بشكل عام.. إلا أن الأمر يصبح أكثر صعوبة حين الانتقال لتعريف قوى اليسار، فكم من قوة تعلن ذلك في إطار المبادئ العامة، ولكنها في الممارسة الحقيقية الواقعية ليست بعيدة عن قوى اليمين، وهو ما يضلل الجماهير الشعبية ويسيء إلى قوى اليسار الحقيقية وسمعتها...
والحقيقة أن هناك فراغاً ما على جبهة قوى اليسار، بما أن الظرف الموضوعي يتنامى كي يلعب دوراً أكبر فأكبر على مستوى كل بلد وفي الإطار العربي العام، وهذا الفراغ ضار لأنه يحمل خطر تعبئة من جانب قوى يمينية أصولية إذا لم يبادر اليسار إلى تحمل مهماته.. لذلك نعتقد أن إعادة صياغة مهمات اليسار في البلدان العربية وإيجاد الأرضية المعرفية النظرية لها ونشرها، هي مهمة من الدرجة الأولى، يجب أن تتحملها في بادئ الأمر بعض القوى الطليعية في الحركة اليوم... مما يضع علينا واجب العمل في هذا الاتجاه في المستقبل القريب المنظور. نعتقد في هذا الإطار أن حدثين هامين سيمران قريباً، سيلعبان دوراً في هذا المجال، وهما الندوة اليسارية العربية المزمع تنظيمها لأصحاب الاختصاص لبحث الأزمة الرأسمالية الحالية، وكذلك المعسكر الشبابي العربي.. الأمران اللذان يجب المشاركة بهما بجدية..
وهذا ما يدفعنا إلى الاستنتاج أنه يجب تنشيط وتنظيم علاقاتنا العربية والدولية التي لم تكن على جدول أعمالنا حتى اليوم بسبب نظام أولوياتنا السابق، مما يتطلب تكليف القيادة القادمة بالعمل الجاد والمنظم بهذا الاتجاه.
4 ـ على مستوى الوضع الداخلي:
لقد استند تطور خطنا منذ اللحظة الأولى لنشوئنا على أمرين أساسيين مترابطين:
1 ـ تأكيد تلازم المسار بين المهمات الوطنية العامة والاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية، حيث اعتبرناها جميعها أوجهاً مختلفة للقضية نفسها، وتجاوزنا المنطق القديم الذي إذا اعتبرناه صحيحاً في حينه إلا أنه أصبح مضراً ومعيقاً اليوم، وهو تغليب وتقديم أحد الأوجه على الآخر... أي إخضاع جانب لجانب آخر.. فهذه القضايا من حيث الرؤية والممارسة هي قضية واحدة اليوم.
2 ـ رفض الثنائية الوهمية معارضة ـ نظام، التي حاول البعض، وخاصة من الخارج، حشر الجميع فيها، وقلنا بوضوح منذ البداية إن الاصطفاف في المجتمع هو أعقد من ذلك بكثير، وإن محاولة الفرز على هذا الأساس سيضر النضال الوطني والاجتماعي ويدفعه إلى الخلف، بينما المطلوب فرز جميع التيارات، إن كانت ضمن النظام أو خارجه، على أساس معايير موضوعية حقيقية تخدم النضال الوطني والاجتماعي. وقلنا إن موقفنا من أي كان، مجموعة أو تياراً أو فرداً، سيتحدد على أساس مواقفه الحقيقية من الامبريالية والصهيونية ومخططاتها والسياسات الليبرالية الاقتصادية...
والحقيقة تكمن في أن السياسات الامبريالية في المنطقة، وتخديماً لخطها التفتيتي، تهدف إلى توليد ثنائيات وهمية من كل شاكلة ولون، وحشر الجميع فيها، لأنها في نهاية المطاف، تعبير عن محاولة دفع التناقضات الثانوية باتجاه أن تصبح رئيسية لحجب التناقض الأساسي ومنعه من أن يلعب دوره الرئيسي، فتحل الصراعات القومية والدينية والطائفية والعشائرية والعائلية على واجهة التناقضات مكان التناقض الأساسي مع الامبريالية والقوى التي تمثلها بشكل مباشر وغير مباشر...
إن هذا الخط المعرفي سمح لسياستنا بالتطور في فضاء رحب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سمح بالتعامل المبدئي المرن مع مختلف المستجدات على الأرض، فاتحاً المجال أمام أوسع العلاقات والتحالفات على هذا الأساس.
ولا شك أن حامل خطنا ـ أي جريدة قاسيون ـ لعبت دوراً هاماً في هذا المجال، ويمكننا القول اليوم إن خطر الفرز على أساس الثنائية الوهمية معارضة ـ نظام قد تراجع كثيراً إلى الوراء، وخاصة مع بداية فشل المشروع الامبريالي الأمريكي ـ الصهيوني في المنطقة..
لقد خفت كثيراً في الداخل صوتان كانا مرتفعين جداً قبل خمس سنوات، صوت بعض من كان يسمي نفسه معارضة ومعولاً على الخارج، وصوت بعض من في النظام الذي كان يروج لمقولة سورية أولاً بحجة عدم القدرة على مقاومة الخارج، أي الامبريالية، بحجة الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه... أما القوى الوطنية أينما وجدت، فقد بقي صوتها هو الأعلى.. نقول إن الأصوات خفتت ولم نقل أنها زالت، فهي مازالت تنتظر اللحظة السانحة للانقضاض ومعاودة الكرّة، وهي ستستند في ذلك إلى الثغرات والنواقص في الوضع الداخلي وخاصة الاقتصادي ـ الاجتماعي.. فهذا المجال يشهد تراجعاً كارثياً، وهو يشكل برأينا نقطة استناد يمكن أن تلجأ لها قوة المشروع الامبريالي في المنطقة، مستفيدة من التوتر في داخل البلاد المتناغم مع الضغوط الخارجية..
إن التوتر الاجتماعي إذا ما بلغ مستوى حرجاً معيناً، لا يمكن لأي نظام أن يحله بالطرق التقليدية عبر جهاز الدولة... ونعتقد أن هذا الأمر ما يسعى إليه البعض بأشكال مختلفة.
فازدياد منسوب الفقر والبطالة وتفاقم المشكلات الاجتماعية المختلفة يمكن أن يصبح في لحظة معينة بوابة العبور لقوى الخارج المستندة في الداخل لرأس حربتها، ألا وهي قوى الفساد الكبرى...
والمفارقة أن المعارضة للسياسات الاقتصادية ـ الاجتماعية في ازدياد في كل المجتمع وفي كل بناه السياسية الموجودة، ورغم أن هذه السياسات قد انهارت نظرياً وعملياً على المستوى العالمي، إلا أنها ماتزال تجد في بلادنا من يدعمها ويمررها..
لقد أصبح الإجماع في البلاد ضد السياسات الاقتصادية التي ينفذها الفريق الاقتصادي منقطع النظير، وخاصة بعد ظهور نتائج الخطة العاشرة التي عبرت عن فشل ذريع في كل المجالات الهامة.
وهو يحاول الترويج أن لا حل عملياً غير ما يقوم به، وأن لا وجود لأي برنامج عند أحد غير الذي يقوم بتنفيذه..
لذلك نقول إن هناك برنامج آخر، هناك حلول عملية أخرى، هناك سياسات أخرى، هناك موارد أخرى غير التهالك على الموارد الخارجية وآخرها ما أتحفونا به عبر السعي إلى قروض من البنك الدولي..
نعم... ليس صحيحاً ما يقال، وما يزعمون به إنه لا حل إلا ما يقومون به، إن ما يقومون به هو الحل الرأسمالي على الطريقة المشوهة لبلدان العالم الثالث في ظل العولمة المتوحشة..
إن الحل البديل هو الاشتراكية.. وهي عنوان كل التفاصيل التي طرحتها الموضوعات البرنامجية في فصل النموذج الاقتصادي الاجتماعي المطلوب.. نعم إن الاشتراكية هي الحل.. لقد أخذت الحلول الرأسمالية في اقتصادنا حظها من التنفيذ وجربناها ورأينا نتائجها.. لذلك فإن الاشتراكية اليوم، هنا، وفي كل العالم، تدق الباب بشدة وتقول: افتحوا ووسعوا الطريق، فأنا القادم الجديد!! ولا حل اليوم لأية مشكلة اقتصادية اجتماعية دون اعتمادي منطقاً ومنهجاً وممارسة..
نعم أيتها الرفيقات والرفاق.. العالم كله أمام عصر جديد، يؤكد المقولة القديمة الصحيحة إن سمة التاريخ اليوم هي زوال الرأسمالية وانتصار الاشتراكية المتجددة المتطورة المستفيدة من تجاربها...
فاشتراكية القرن الواحد والعشرين ستكون الوريث الحقيقي لأفضل ما أنتجته الاشتراكية في القرن العشرين، مستفيدة من إيجابياتها، ومتجاوزة كل أخطائها وعثراتها وثغراتها..
لقد أثبتت الحياة أن التقدم الاجتماعي لا يمكن أن يسير إلى الأمام دون أوسع ديمقراطية للجماهير الشعبية للدفاع عن مصالحها، فلدى القوى الأخرى ما يكفي من أدوات للدفاع عن مصالحها، بينما هي محجوبة وممنوعة عن الجماهير الشعبية.
والتجربة العملية في بلادنا تثبت أن لا دواء ناجع لمحاربة آفة خطيرة تنخر في جسم جهاز الدولة والمجتمع ألا وهي الفساد وخاصة الكبير منه، إلا المزيد من تسليط الضوء من جانب المجتمع والإعلام على الفاسدين والمفسدين الذين لا مصلحة لهم بذلك، ويعملون على تقييد هذه العملية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً..
إن حل المهام الديمقراطية العامة في البلاد، هو أمر مترافق وضروري للنضال التقدمي الاقتصادي ـ الاجتماعي، وهذا يتطلب جملة من الأمور أصبحت معروفة، ونكررها دائماً ولا ضرر من ذلك، ألا وهي رفع الأحكام العرفية، إصدار قانون الأحزاب، ونؤكد على ضرورة حل مشكلة الإحصاء الاستثنائي في الجزيرة وخاصة اليوم لإلغاء بؤرة توتر برمجها وصنعها نظام سابق في أوائل الستينات، فلماذا تحميل النظام الحالي وزر نتائج بؤرة توتر لم يصنعها هو بل صنعها أعداؤه؟ إن حل هذه المشكلة وتأمين الحقوق المدنية الطبيعية لكل المواطنين السوريين أسوة بحقوقهم الثقافية في ظل الدستور الحالي، هو ضمانة أكيدة لتوطيد الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على كل المخططات التفتيتية.
وبمناسبة الحديث عن الدستور، يجب أن نشير إلى أنه في مادته الرابعة عشرة يؤكد على أن ملكية الدولة هي ملكية الشعب بأسره وعلى كل مواطن واجب حمايتها.
إن الإجراءات الحكومية خلال السنوات الماضية تجاه المرافئ والمطارات والكهرباء ومؤسسات القطاع العام... هي مخالفة صريحة لحرف وروح الدستور. إنها إجراءات خارجة عن الدستور! إننا ندعو جميع المواطنين وجميع القوى الشريفة والنظيفة داخل النظام وخارجه إلى الدفاع عن الدستور وصيانته... إن الدفاع عن دستور البلاد واحترامه هو واجب وشرف على كل مواطن لا يقل أبداً عن شرف الدفاع عن العلم الوطني وعن النشيد الوطني..
أخيراً اسمحوا لي بالتطرق لبعض الأمور الحزبية الداخلية:
1 ـ إن كل النجاحات التي حققناها لا تعني بتاتاً أنه ليس لدينا نواقص وثغرات في عملنا اليومي يجب نقدها ومعالجتها وتجاوزها، وأهمها ضرورة التنفيذ الدقيق وغير المؤجل لكل القرارات... إن نظام محاسبة صارم ودقيق من فوق لتحت هو الضامن لهذه العملية.
2 ـ إن المرحلة القادمة من عملنا حتى الاجتماع الوطني العاشر، يجب أن تنقل مركز الثقل إلى تأهيل الناشطين وتدريبهم وزيادة عددهم كي يتحملوا الأعباء الجديدة الكبيرة لتنظيم يسعى لاستعادة الشيوعيين دورهم الوظيفي في الحياة.
3 ـ في الفقرة القادمة سيقدم تقرير عن نقاش الموضوعات البرنامجية، وما أردنا الإشارة له هنا أنه تم نقاش واسع حولها، وهو مفيد وسيدفع تطورنا اللاحق، ولكن هناك التباساً لابد من التوقف عنده.. إنها مجرد موضوعات برنامجية ليس من مهمتها بتاتاً لا وضع مهمات برنامجية ولا أن تكون صياغتها صياغة برنامج، فهذه مهمة للمستقبل سيتحملها جميع الشيوعيين في حزبهم الواحد الموحد. لقد كانت مهمة الموضوعات البرنامجية لحظ الجديد في الرؤية البرنامجية، تسجيل المستجدات وتدقيق زاوية الرؤية فقط لا غير، وهي مهمة ليست صغيرة لأن حلها الناجح سيسمح بالصياغات المتقدمة والناجحة.
4 ـ إن حجم التعديلات على اللائحة التنظيمية التي ستقدم إليكم، يسمح لنا بالقول إننا بالكاد نصيغ لائحة تنظيمية جديدة لا ترتقي إلى مستوى نظام داخلي، ولكن بينها وبينه خطوة واحدة فقط لا غير.. منذ ظهور أول لائحة تنظيمية وحتى اليوم، اجتزنا مراحل عديدة، وكانت اللوائح وتعديلاتها تعبيراً عن التطورات على الأرض وانسجاماً معها وليس العكس.. وهي اليوم تحاول أن تحل مهمة محددة: التأطير التنظيمي لذلك التيار الذي تحول إلى تنظيم جدي ولم يصبح حزباً بعد بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
5 ـ لقد كانت الانتخابات الحالية خطوة هامة للأمام، ولكنها تؤكد أن لدينا احتياطات كبيرة لم نستطع استخدامها هذه المرة، وهي موجودة في معظم المنظمات بنسب متفاوتة... إن هذا الأمر بحاجة لدراسة جدية لاتخاذ القرارات المناسبة منذ الآن تمهيداً للاجتماع الوطني العاشر.
6 ـ أخيراً حول وحدة الشيوعيين السوريين:
لاتزال استراتيجيتنا كما هي، ومبادئها:
ـ الوحدة ضرورة.
ـ الحوار أداة.
ـ قاعدة التوحيد (من تحت لفوق).
لقد خطت وحدة الشيوعيين خطوات كبيرة إلى الأمام، وأصبحت ثقافة يومية في أوساطهم، ومفهوم هذا النزوع فهو تعبير عن ضرورة وطنية وطبقية.
كما خطا الحوار خطوات هامة غير كافية، ولم يترجم بعد إلى أفعال ملموسة... لقد انتهى الحوار بيننا وبين الرفاق في الحزب الشيوعي السوري (النور) فعلياً، وتوقفنا عند مرجعية الجهة صاحبة الصلاحية في توقيع بلاغ الإعلان عن انتهاء الحوار، وعند نقطة كيفية نقاش أوراق الحوار نقاشاً عاماً، وحول نقطة الخطوات اللاحقة. سأترك النقطتين الأخيرتين، وأتوقف عن النقطة الأولى، ألا وهي مرجعية التوقيع على البلاغ. لقد طالب وفدكم إلى لجنة الحوار بما ألزمه به مجلس اللجنة الوطنية، وهو أن يجري التوقيع في اجتماع مشترك لمجلس اللجنة الوطنية واللجنة المركزية، وتوقفت الأمور هنا..
وكان المجلس قد ناقش الموضوع وأصر على شكل التوقيع هذا، لأنه شعر أن في ذلك ضمانة أكبر لجدية إيصال الحوار إلى نهاياته الوحدوية في آجال زمنية معقولة، وخاصة أنه أخذ بعين الاعتبار أن الحوار حول خمس أوراق استمر لأكثر من عام ونصف، بينما تطلب توقيع ميثاق جبهة بين قوى مختلفة المشارب فكرياً أقل من عام من النقاش..
في كل الأحوال نحن نريد السير إلى الأمام ونقيم بالمحصلة تجربة الحوار إيجابياً رغم نواقصها وتأخرها..
أخيراً أيتها الرفيقات والرفاق..
إلى الأمام نحو تنظيم يسعى لاستعادة دور الشيوعيين السوريين، لا يكتفي بنجاحاته، بل يتعلم من صعوباته وإخفاقاته نحو ذلك الحزب القوي والذكي، المبدئي والمرن، الثابت على المبادئ والمبدع في إيجاد الحلول
عاش حزب الشيوعيين السوريين
عاشت وحدة الشيوعيين السوريين
عاشت الاشتراكية