أيّ عنف يجب أن يتوقف؟
تزدادُ القناعة يوماً بعد يوم لدى أغلب القوى السياسية السورية، باستحالة إمكانية الحسم العسكري من أي طرف كان من طرفي الصراع المدمر في البلاد، ليقودهم ذلك إلى القبول من حيث المبدأ بالحوار كأداة للخروج من الأزمة.
ورغم هذا التطور في الموقف- وإن كان متأخراً- ما زلنا نجد في صفوف الموالاة من يحاول تمييع هذا التطور الإيجابي وإجهاضه، استناداً إلى حقيقة استحالة التفاهم والحوار مع قوى التكفير والتشدد الديني، مغلفاً بالدفاع عن الجيش العربي السوري ودماء جنوده وضباطه.
لم يطرح دُعاة الحل السلمي يوماً ما موقفاً يُفهم منه الدعوة إلى الحوار مع التكفيريين القادمين من الخارج، وبالتالي فإنّ المواجهة مع هؤلاء شيء والحديث عن وقف العنف والإقدام على الحوار والحل السياسي هو شأنٌ آخر فأي عنف هو الذي يجب أن يتوقف؟
إن العنف المعني هنا هو ذلك العنف الذي ظن من يمارسه بإمكانية «الحسم أو الإسقاط» بعد انطلاق الاحتجاجات في البلاد، فتحول الصراع الذي من المفروض أن يكون سياسياً حضارياً حول شكل وبنية النظام السياسي بين أبناء البلد الواحد إلى صراع عنيف أدواته منع التظاهر السلمي والاعتقال والقتل من جهة، ورفع السلاح في وجه الدولة من جهة أخرى، وبغضّ النظر عمن بدأ فإن نتيجة الفعل ورد الفعل وتداعيات ذلك قادت البلاد إلى مأزق تاريخي ذي طابع وجودي.
وعليه فإن إسقاط العنف ضرورة وطنية ويقصد به كبح جماح الأجهزة الأمنية، والميليشيات الموالية، ومجموعات المعارضة السورية المسلحة، والاكتفاء بإبقاء السلاح بيد الجيش ليلعب الدور المنوط به ضد كل من يعبث بالوحدة الوطنية.
إن الجيش السوري وطني في بنيته وتكوينه العابر لمكونات ما قبل الدولة الوطنية، ومن حيث الدور المنوط به في تحرير الأرض ومواجهة العدو الصهيوني وحماية الأرض السورية من كل اعتداء ومن أي كان، وبالتالي فإن سلاحه هو السلاح الشرعي الوحيد اليوم، في ظل تعقد مسارات الصراع وعليه فإن الدعوة إلى إسقاط السلاح والعنف لا ينسحب على سلاح الجيش كما يحاول أن يزعم بعض الموالاة المتشددة، لابل إن الواجب يقتضي دعمه في استتباب الأمن في البلاد عبر الحوار بين السوريين، بمختلف مواقعهم بمن فيهم المسلحون، فافضل الظروف حتى يقوم الجيش بدوره في الصراع ضد جماعات التكفير والإرهاب الخارجي هو إعادة الأوضاع إلى طبيعتها والحل السياسي للأزمة، وصولاً إلى مستوى متقدم من الوحدة الوطنية تمكن الشعب السوري وقواه الوطنية من الحفاظ على وحدة البلاد التي أصبحت في خطر جدي.