بين الشبيحة والدبيحة ضاعت مديحة
هذا العنوان ليس لعباً سخيفاً بالمفردات لأن مديحة طالبة جامعية صبية بعمر الورد تسكن في حي التضامن على أطراف دمشق وهذا الحي معروف للجميع بتنوعه الاجتماعي والسياسي وتسكن فيه مختلف «الاتجاهات السياسية» من السوريين
بات معروفاً للقاصي والداني أن فاسدي النظام جاؤوا بأدواتهم (الشبيحة)، فيما استقدم مأجورو المعارضة التكفيرية المرتبطة بالخارج بأدواتهم (الدبيحة)، ومديحة، الفتاة السورية الحالمة بالتغيير نحو الأفضل، شاركت في بداية الحراك الشعبي السلمي بتظاهرة في الجامعة مطالبة بالتغيير والعيش الكريم وصرخت في وجه الفساد، فكان نصيبها الاعتداء عليها وإهانة كرامتها وحتى اغتصابها بحجة أنها معارضة، وبعد أشهر عدة اجتاح المسلحون التكفيريون حي التضامن وتم الاعتداء عليها وحتى اغتصابها، فقط «لأنها من طائفة محسوبة على النظام»؟!
الأزمة السورية العاصفة والشاملة أصابت الكثير من السوريين بالجنون فهناك من قسم السوريين طائفياً، وهناك من قسمهم سياسياً، بين مؤيد ومعارض وهناك من قسمهم مناطقياً..! والضحية دائماً هي المواطن السوري- من كل اتجاه- الذي يريد العيش بهدوء وسلام وكرامة.. لا أحد كان يصدق أن أعداداً من السوريين سيصلون إلى هذه المرحلة من التعصب والتمييز والكراهية، ورغم اتفاق الجميع على أن هناك عاملاً خارجياً قوياً وموجوداً وعمل المستحيل لضرب النسيج الداخلي السوري ولكن لولا وجود الأرضية الداخلية المناسبة والبيئة الاقتصادية الاجتماعية الحاضنة لهذه الظواهر الغريبة في مجتمعنا لما كان ممكناً أن يتدخل العامل الخارجي فينا أبداً. فاجتمع العامل الذاتي الداخلي بكل أسبابه مع العامل الخارجي لينفجر المجتمع السوري بشكل مفهوم أحياناً وغريب أحياناً أخرى.. فكيف ظلمت مديحة ابنة سورية مرتين وكيف اغتصبوها مرتين، مرة على يد الشبيحة والثانية على يد الدبيحة، إنها مأساة وطن بأكمله ومن المسؤول!؟