د. قدري جميل: من لا يريد الحوار هم قوى الفساد
• ماذا يجمعنا اليوم؟
أعتقد أن هنالك قاسماً مشتركاً كبيراً، نحن جميعاً نريد التغيير الديمقراطي السلمي، أي أننا جميعاً نريد تغيير النظام تغييراً ديمقراطياً سلمياً تدريجياً جذرياً اقتصادياً اجتماعياً سياسياً.. وهذ الأمر هو أمر هام وعظيم، والشعب السوري يستحق هذا التغيير.
إن سورية قادرة بنحاجها في تحقيق هذا التغيير أن تعطي اتجاهاً جديداً لكل التطور الجاري اليوم في العالم العربي.
• ماذا يميز القوى المجتمعة اليوم؟
يميزها أنه لا هوة بين القول والفعل لديها، فما تقوله تفعله وما تفعله تقوله. ويميزها أنها قوى شريفة، ظاهرها هو باطنها، وباطنها هو ظاهرها. ما يميزها أن تحالفاتها الوحيدة هي تحالفاتها المعلنة، وهي لا تخجل ولا تخاف من إعلان تحالفاتها ولا تعمل بالخفاء، وما تقوم به تقوم به علناً ولا تستحي به. ما يميزها أن سياساتها المعلنة هي سياساتها الحقيقية، وليس عندها سياستان كالتاجر المفلس الذي عنده دفتران. سياساتها المعلنة هي سياساتها الوحيدة؛ أي إن هذه القوى بكلمة واحدة وبسيطة هي قوى نظيفة.
حذار التاريخ لايرحم
كثيرون يتهموننا اليوم، ولن نرد على الاتهامات، سلوكنا وأفعالنا والتاريخ سيرد، ولكن أقول للذين يتهموننا، حذار فالتاريخ لا يرحم، في نهاية المطاف هناك أرشيف سوف يظهر، بعد عشر أو عشرين أو خمسين سنة، التاريخ لن يرحم من يستدعي التدخل الخارجي علناً أو سراً- لقد فهمنا الذين يستدعونه علناً ولكن لم نفهم الذين يستدعونه سراً بسلوكهم وأفعالهم-، التاريخ لن يرحم من حتى يضمر الاستفادة من التدخل الخارجي دون أن يلوث نفسه بالحديث عنه، التاريخ لن يرحم بتاتاً من يستخدم العنف كسبيل وحيد لحل الأزمة في سورية، وكذلك لن يرحم التاريخ أبداً من يبرر العنف بكل أشكاله ومن أين ما جاء.
التاريخ لن يرحم أيضاً من يجني الأرباح السرية والعلنية من دماء وشقاء السوريين، والتاريخ لن يرحم من يعرقل الحوار، ومن يقصي الآخر، وأخيراً أقول وأركز وأؤكد وأشدد إن التاريخ لن يرحم من يدعي أنه معارضة وهو ليس معارضة، وكذلك لن يرحم على المقلب الآخر من يدعي أنه موالاة وهو ليس موالاة، ويبدو أن هذين الصنفين موجودان بكثرة.
سبب دخولنا الحكومة
نحن في حزب الإرادة الشعبية، وأعتقد أنني أتكلم أيضاً باللغة والمنطق نفسيهما للرفاق في الحزب السوري القومي الاجتماعي، باعتبارنا مكونين متواضعين في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير والتي تضم أكثر من ثلاثين مكوناً، أريد أن أشرح مستفيداً من وجود أجهزة الإعلام سبب دخولنا الحكومة، لقد دعونا إلى حكومة وحدة وطنية منذ الشهر الحادي عشر من العام الماضي، بعد ذلك جاء الدستور الجديد بمادته الثامنة الجديدة التي تقول بالتعددية السياسية والحزبية، وكان الخيار أمامنا أن تبقى البلاد بحكومة الحزب الواحد على أساس المادة الثامنة القديمة علماً أن الجديدة أقرت بالدستور، أو أن نذهب إلى حكومة وحدة وطنية شاملة لم تتوفر حتى الآن مع الأسف ظروف تشكيلها، قبلنا التحدي والمخاطرة ودخلنا حكومة اعتبرناها خطوةً أولى باتجاه حكومة الوحدة الوطنية الشاملة القادمة لا محال في المستقبل. هذا التحدي قبلناه بكل مخاطره وبكل تحدياته وللمرء إذا اجتهد وأخطأ أجر، وإذا أصاب أجران.
وبكل الأحوال نعتقد أن سورية تستحق التجربة التي فتح طريقها هذان الحزبان؛ حزب الإرادة الشعبية والحزب السوري القومي الاجتماعي، وهنا أريد أن أقول: إن البعض يعتبر فقط لأننا دخلنا حكومة ائتلافية أننا لم نعد جزءاً من المعارضة.. فمن قال ذلك؟ سألت هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام: إذا خرجنا غداً صباحاً من الحكومة، هل تعيدون لنا شهادة المعارضة؟ لم يجيبوا.. قلنا لهم موقفكم منا ليس مبنياً على أساس دخول الحكومة من عدمه، بل هو مبني على أمور أخرى، لا أريد الخوض فيها الآن. وأسألهم اليوم: غداً عندما نكون حكومة الوحدة الوطنية الشاملة هل من سيكون فيها من المعارضة سيخرج من المعارضة؟.
إن حكومة الوحدة الوطنية الشاملة هي حكومة أزمة وحكومة خروج من الأزمة، وهي حكومة مؤقتة لإنجاز مهمة تاريخية محددة يرجع بعدها كل واحد إلى مكانه على أساس صندوق الاقتراع.
الآن أستطيع أن أؤكد باسم حزبينا، وباسمي وباسم الدكتور علي حيدر، أننا لسنا نادمين نهائياً على دخول الحكومة، وتجربة الشهرين اللذين مرا أكدت صحة هذه الخطوة التي قمنا بها، رغم كل تعقيداتها وكل الأثقال التي ألقت بكاهلها علينا.
نحن سنبقى متمسكين بالثوابت الوطنية في نضالنا بالشارع وبين صفوف المعارضة وفي الحكومة، نحن سنحافظ وحافظنا على وجهنا المستقل المتميز بالقضايا الأساسية في كل جلسة من جلسات مجلس الوزراء وفي العمل بالحكومة، ومع الأسف فإن التقاليد والعادات والأصول لا تسمح ببث جلسات مجلس الوزراء على الهواء، ولكن تأكدوا من ذلك.
نحن سنبقى مدافعين عن مصالح الناس، وأكبر دليل على ذلك أن تشكيل وزارة المصالحة الوطنية هو اقتراح الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وهي تسير اليوم إلى الأمام بمهمتها الكبرى التي يجب أن تفضي إلى الخروج الآمن من الأزمة في سورية، ونحن عندما ندافع عن مصالح الناس أيضاً ندافع عن مهمتنا اليومية مع كل المصاعب التي تحملها هذه المهمة.
أخيراً، لا أريد أن أطيل عليكم، هناك قوى تريد الحوار، وهناك قوى لا تريد الحوار، هناك قوى تدعي أنها تريد الحوار وهي عملياً لا تريد الحوار، أي إن اللوحة معقدة، لذلك يجب أن نميز بين الخيط الأبيض والأسود في عملية الحوار، بنهاية المطاف وكي لا نضيع البوصلة أقول إن الذي لا يريد الحوار في هذه البلد هم قوى الفساد والقوى التي تريد عبر العنف المبالغ به بكل الأشكال وغير المبرر، تريد أن تغطي الحقائق كي تخرج نضال الشعب السوري المشروع من أجل مصالحه الحقيقية عن سكته الحقيقية.
يدنا ستظل ممدودة
لقد بذلنا جهداً كبيراً لإنجاح مؤتمر موحد للمعارضة، ولم ننجح مع الأسف الشديد في هذه المرة ولكننا لا نتحمل أية مسؤولية في عدم النجاح، ونعدكم بأن يدنا ستظل ممدودة لكل القوى المعارضة الوطنية النظيفة، وبجهودنا جميعاً سننجح بتحقيق وفي عقد مؤتمر المعارضة الوطنية الواحد الموحد في الداخل، وسيكون هذا النجاح هو الخطوة الأساسية لبدء الحوار الوطني الشامل الذي سيفتح العملية السياسية الشاملة وصولاً إلى الخروج من الأزمة السورية وإيقاف العنف والقتال نهائياً