د. جميل لوكالة «شينخوا» الصينية: تغييرات جوهرية في الدستور السوري.. وجهات في الجامعة لا تريد نـجاح المراقبين
أكد عضو أمانة حزب الإرادة الشعبية الرفيق د. قدري جميل، في مقابلة مع وكالة (شينخوا) الصينية للأنباء، أكد أن هناك تغييراً جوهرياً طال الدستور السوري الحالي، وهذا التغيير ليس شكلياً أو محدوداً، وقال إن موادا أساسية في الدستور السوري الحالي جرى تعديلها أو تغييرها بما يتناسب مع المرحلة الراهنة، ومع تطلعات السوريين نحو نظام سياسي واقتصادي واجتماعي عصري يلبي طموحاتهم واحتياجاتهم.
وبين د. جميل أن اللجنة تعاملت بجدية مع هذه المهمة، وأخذت بعين الاعتبار كل الدساتير السورية خلال القرن العشرين، كما استندت إلى دساتير بعض الدول مثل الدستور الصيني والروسي والفرنسي والأمريكي والإيراني... وذلك بهدف الاطلاع على تجارب الشعوب الأخرى في المجال الدستوري، وصياغة دستور عصري يقود البلاد إلى فضاء سياسي واقتصادي جديد.
وأشار جميل في السياق إلى أن مسودة الدستور القديم تمس جوهر النظام السياسي، لافتاً إلى أن المادة الثامنة في الدستور الحالي التي تعبر عن هذا النظام أعطت حزب البعث العربي الاشتراكي حق قيادة الدولة والمجتمع، أما في الدستور الجديد فلا توجد مثل هذه المادة، موضحاً أنه وبصرف النظر عن صحة أو خطأ هذه المادة في حينه، لكن وبعد مرور أربعة عقود عليها لم تعد تتفق مع الظروف الجديدة التي تعيشها سورية، بل هي معيقة للتطور والإصلاح، ومشيراً إلى أن مسودة الدستور الجديد تقضي بأن النظام السياسي في البلاد هو نظام حزبي تعددي.
ويشار إلى أن المطالبة بالغاء المادة الثامنة من الدستور السوري شكلت أحد ابرز المطالب التي رفعها المتظاهرون عند بدء الاحتجاجات المناوئة للنظام السوري في منتصف آذار 2011.
وردا على سؤال حول آلية انتخاب رئيس الجمهورية، قال د. جميل: في السابق كانت القيادة القطرية لحزب البعث ترشح شخصاً لرئاسة الجمهورية، ويذهب هذا الترشيح إلى مجلس الشعب ليوافق عليه، ثم يعرض في استفتاء عام، لافتاً إلى أن مسودة الدستور الجديد لا تنص على هذه الآلية، بل نصت على ضرورة تأمين موافقة نسبة معينة من أعضاء مجلس الشعب على أي مرشح للرئاسة شريطة أن يتنافس في الانتخابات الرئاسية مرشحان على الأقل، وهذا ليس تغييراً شكلياً بل جوهرياً. وأضاف أن عدد ولايات رئيس الجمهورية، ومدة كل ولاية، وصلاحيات رئيس البلاد كلها قضايا مازالت قيد النقاش، ولم تتوصل اللجنة بعد إلى صيغة نهائية لهذه المسائل، مشدداً على أن المهم هو أن الانتخابات الرئاسية تعددية والشعب هو الذي يختار الرئيس.
وأوضح جميل أن مسودة الدستور الجديد لا تتوافق كلياً مع الدستور الحالي الذي يتضمن مواداً إيجابية تضمن المكاسب الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، مثل إلزامية حق التعليم المجاني، ومواد تتعلق بالتأمين الصحي وشروط العمل، مؤكداً أن اللجنة ثبتت المواد الايجابية، وأضافت مواداً جديدة بهدف تعزيز وترسيخ تلك المكاسب، وتحقيق المزيد منها.
وقال د. جميل إن المقدمة السياسية العامة التي تتضمن مسلمات ومبادئ أساسية، لن يسمح لمجلس الشعب بتعديلها، مشيراً إلى أن مجلس الشعب يحق له تعديل بعض المواد في المسودة، ولكن المقدمة التي تقول إن النظام نظام جمهوري، وإن مهمة الجيش هي حماية البلاد وتحرير الأراضي السورية المحتلة، وإن المواطنين السوريين متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو القومية أو الجنس...وسواها من المبادئ هي غير قابلة للتعديل، بأية حال من الأحوال.
وأعرب جميل عن اعتقاده بأن هذه المقدمة الدستورية الثابتة هي الضامن للتطور المستقر في سورية، ولا يجوز لهذه المقدمة أن تكون موضع نقاش أو جدل بين الأحزاب والتيارات السياسية، فهي مسلمات يتفق عليها الشعب السوري بكل شرائحه وفئاته.
وكشف جميل عن أن اللجنة شارفت على الانتهاء من صياغة مسودة الدستور الجديد، متوقعا أن تكون المسودة جاهزة قريباً، ومن ثم سترفع إلى رئيس الجمهورية تمهيداً لإقرارها وفق القواعد والآليات الدستورية المتبعة في البلاد.
مراقبون دوليون حياديون
وفي سياق مختلف، أكد د. جميل وللوكالة نفسها في لقاء سابق، ضرورة وجود مراقبين من دول (البريكس) بجانب مراقبي جامعة الدول العربية في سورية، وقال إن وجود مراقبين دوليين من دول (البريكس) إلى جانب بعثة المراقبين العرب يضمن نجاح مهمة بعثة المراقبة، موضحاً أن ثمة إشارات تقول إن بعض المراقبين قادمون بأفكار ومواقف مسبقة، يريدون تفصيلها ورسمها على أرض الواقع، معتبرا أن مشاركة مراقبين دوليين حياديين وموضوعيين من دول (البريكس) ستشكل ضمانة لنزاهة عمل البعثة.
وتشمل دول (البريكس) البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وأضاف د. جميل لافتاً إلى أن ثمة جهات في الجامعة العربية نفسها لا تريد النجاح لبعثة المراقبة، وثمة أطرافاً سورية في السلطة والمعارضة لا تروق لها جهود الجامعة العربية، معرباً عن أمله في أن تكون الجامعة العربية صادقة في مساعيها، داعياً السلطات إلى التعاون الجاد مع جهود بعثة المراقبين.
وقال د. جميل إن حزبه رحب بالمبادرة العربية منذ طرحها وكذلك ببروتوكول المراقبين، واصفاً عمل البعثة في سورية بأنه سابقة هامة، وداعياً مختلف الأطراف إلى الالتزام بنص المبادرة وروحها، أي إنهاء العنف والمظاهر المسلحة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح بالتظاهر السلمي، وإتاحة المجال أمام الإعلام العربي والأجنبي لنقل حقيقة ما يجري في البلاد، ورأى أنه وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على الحركة الاحتجاجية في البلاد لم يعد مهماً من الذي بدأ بالعنف، ومن الذي قام بالرد، بل المهم هو وقف العنف وفق ما ينص عليه البروتوكول.
وأكد د. جميل أن السلطات السورية مارست عنفاً مفرطاً ضد المتظاهرين، مضيفاً أن هناك عنفاًَ مضاداً من أفراد يتخفون تحت غطاء الحركة الاحتجاجية السلمية، ويتسلحون من وراء الحدود، وجرى دعمهم مالياً، وهؤلاء لا يريدون حلاً سلمياً للأزمة. واوضح أن هذا العنف المتبادل خلق وضعاً حرجاً ومعقداً، وهو ما يعطي أهمية لدور المراقبين كي يعرف المواطن السوري حقيقة ما يجري في بلاده ومن يتحمل المسؤولية.
وحذر د. جميل من أن ثمة جهات تغذي الاقتتال الطائفي وتسعى إلى إدخال سورية في دوامة حرب أهلية، وهو ما يتفق مع مبدأ الفوضى الخلاقة الذي نادت به الولايات المتحدة الأمريكية قبل سنوات. وأعرب عن اعتقاده بأن تصعيد وتيرة العنف في مدينة حمص كان مقصوداً بهدف استدراج القوة العسكرية السورية إليها وتخفيف الضغط على المناطق الشمالية في محافظة إدلب التي حددتها أطراف خارجية كي تضم منطقة عازلة.
وردا على سؤال حول سبل الخروج من الأزمة السورية الراهنة، اقترح جميل أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس السوري بشار الأسد بحكم الصلاحيات التي يتمتع بها في الدستور، على أن تضم هذه الحكومة شخصيات من النظام القائم وشخصيات من المعارضة الوطنية السورية، فضلاً عن شخصيات تمثل الحراك الشعبي السلمي، واشترط أن تتحمل هذه الحكومة مسؤولية إنهاء الازمة السياسية وتحقيق قرارات الجامعة العربية من خلال وضع الأساس لإصلاح شامل تمهيداً للوصول إلى انتخابات حقيقية لمجلس الشعب يعبر فيها السوريون عن رأيهم بحرية.
وفي السياق، نفى جميل أن تكون المشكلة في سورية متعلقة بشخص الرئيس، مبيناً أن المشكلة تكمن في منظومة سياسية قديمة لا بد من تغييرها، معتبراً أن جوهر الصراع الآن يدور حول شكل المنظومة السياسية القادمة، معرباً عن اعتقاده بأن سقوط الرئيسين التونسي والمصري، على سبيل المثال، لم يحقق كل تطلعات الشعب في البلدين لأن ما جرى هناك هو إسقاط الرئيس وبقاء النظام، وقال جميل إن حزبه ضد شعار «إسقاط النظام»، معللاً ذلك بأن حزبه يريد تغييراً جذرياً عميقاً في الحياة السياسية في البلاد، وهذا لا يتحقق بمجرد رفع شعار إسقاط النظام.
وفي سياق رده حول إمكانية اتفاق المعارضة السورية على صيغة مشتركة، استبعد جميل إمكانية مثل هذا الاحتمال، مشيراً إلى أن المعارضة السورية منقسمة، وثمة معارضة تطالب بتدويل الأزمة السورية، وهذا ما ترفضه المعارضة السورية الوطنية.