بصدد التوازن الجديد.. ومآلاته!
مرحلة ما بعد تحديد موعد جنيف لن تكون مثل مرحلة ما قبل تحديد الموعد، سواء كان بالنسبة للقوى الموافقة على عقد المؤتمر وأبدت استعدادها لحضوره أو القوى التي لم توافق أصلاً أو ما بينهما من قوى مكابرة، ومتعنتة « تشتهي وتستحي» فترفع سقف خطابها ومطالبها لتحسين شروط التفاوض والحصول على حصة محرزة من الكعكة بهذا الأسلوب كما تظن، بعد أن خذلها راعيها الدولي، مضطراً.
ما ينبغي ان تنطلق منه القوى الموافقة على عقد المؤتمر في رسم تكتيكاتها اللاحقة هو أن المؤتمر نتاج توازن داخلي- اقليمي - ودولي يفرض نوعاً من التسويات في مختلف الملفات الدولية، وبالتالي حتى لو تم كسر التوازن لصالح طرف معين في التوازن الداخلي هنا أو هناك فهو إنجاز مؤقت وجزئي لن يحسم الصراع لصالح طرف ما، وطالما الأمر كذلك فأن من يريد الانتصار الحقيقي في الميدان بعد أن وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه، ما عليه سوى التوافق مع منطق العملية الموضوعية التي أنتجت جنيف وهي التوازن بأبعاده الثلاثة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التوازن الدولي هو الذي يفرض التوازن الإقليمي والداخلي، ويؤطره وهو الذي يدفعه بالإتجاه الذي يريد بحكم موقعه في المعادلة، وبحكم التوازن ضمن التوازن نفسه، وهذا يتطلب عدم تجاهل حقيقة أساسية أخرى وهي أن هذا التوازن يتجه في اتجاه محدد ولصالح قوى محددة، هي بالتأكيد ليست تلك القوى الدولية التي استفردت بالهيمنة على العالم خلال العقدين الاخيرين، أي ليست الرأسمالية المتوحشة بكل أذرعها العسكرية والاقتصادية والسياسية، ولم تستطع حل أية معضلة بشكل حقيقي في أصقاع الأرض المختلفة, ومن أراد أن يكون له مكان، في التطور اللاحق ما عليه سوى رؤية هذا الأفق، وإلا سيخرج من المعادلة السياسية السورية مهما قاتل من أجل بقاءه اللاشرعي فيهاـ وأياً كان اصطفافه الحالي.