تأسلم... أم إسلام ـ سياسي؟
حميد الجاسم حميد الجاسم

تأسلم... أم إسلام ـ سياسي؟

مع بروز دور الحركات السياسية التي تتبنى الخطاب الديني، أصبح مصطلح «الإسلام السياسي» واسع التداول في وسائل الإعلام المختلفة، وبات واحداً من المفاهيم التي تكوّن الرأي العام، بقوة الماكينة الإعلامية وقدرتها على التأثير، بغض النظر عن تطابق هذه المفاهيم مع الواقع، أو عدم تطابقها،

فالإعلام (الغربي عموماً، وظله من إعلام البترودولار) لم يدّخر جهداً في «تعميم الغباء» من خلال مصطلحات غير دقيقة بالمعنى العلمي والواقعي، ومن جملة هذه المصطلحات كان مصطلح الإسلام السياسي الذي تلقفه الكثيرون بوعي أودون وعي  دون التدقيق في صحته من عدمها.

ربما يكون هذا التلقف السريع مفهوماً من الكثيرين، ولكنه غير مفهوم عندما يكون من مفردات خطاب طالما تميز بالدقة العلمية والرصانة مثل خطاب حزب الإرادة الشعبية، حيث ورد المصطلح في إحدى أهم وثائقه «مشروع البرنامج».
إن خطأ اعتماد المصطلح والأخذ به يكمن في:
أنه يعتمد التعميم، فالحركات ذات المرجعية الإسلامية عديدة و متناقضة في الرؤى والمواقف والاصطفافات، حيث نرى حركات إسلامية ضد المشروع الأمريكي، وحركات إسلامية تلعب دور العرّاب في تمريره، وبات جلياً أن هذه الأخيرة تعتمد على المقدس الديني في تسويق هذه المشاريع الهدامة للأمة، بينما الحركات الأخرى من قوى الإسلام السياسي تعادي وتقاوم هذا المشروع، فكيف يستوي أن نطلق نفس التسمية نفسها على نقيضين؟!
واضح أن مشروع البرنامج لا يقصد بمصطلح الإسلام السياسي والموقف منه «الفرقة الناجية» أي «الإسلام» المقاوم، بل يقصد تلك الفئة «الباغية» التي ارتهنت لقوى معادية للأمة، ورغم ذلك فإنه يبقى مصطلحاً ملتبساً، طالما يتم تداوله إعلامياً بغير الصيغة والوظيفة المقصودة من طرفكم.
إن إدراج اسم الإسلام كدين سماوي، يؤمن به ملايين البشر كسمة لحركات سياسية، يقصد به من هذه الحركات تسويق نفسها لما يشكله الدين من مكانة في أفئدة العباد، وأزعم أن هذه الحركات إنما تعمل ضد رسالة الإسلام على طول الخط، وهذه التيارات السياسية في أفضل الأحوال قوى تحمل فكراً دينياً يعكس آراء «فقهاء الظلام» بعد محاولة تحويل الدين إلى أداة للوصول إلى كراسي العروش من سرّاق دنيا الإنسان والذين يحاولون سرقة آخرته أيضاً.
وعليه أيها الإخوة في حزب الإرادة الشعبية أدعوكم إلى الاستعاضة عن هذا المصطلح في مشروع برنامجكم، بمصطلح أكثر واقعية، وأنتم أهلٌ لذلك حسب عهدي بكم، مصطلح آخر لايتضمن إدراج اسم الدين السماوي كسمة لحركات سياسية تحاول «سرقة» دين خاتم النبيين، لتمرير أهداف شياطين الأرض، فهؤلاء متأسلمون أكثر مما هم مسلمون... والله من وراء القصد!