افتتاحية قاسيون 618 : التخبط الأمريكي... والرد المطلوب سورياً!
باتت في حكم المؤكد حالة التخبط والارتباك التي تمر بها الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بتلويحها بعدوان عسكري على سورية في إطار تعاطيها مع تطورات الأزمة السورية، لينسحب هذا التخبط على كل قوى العدوان بامتدادتها الدولية والاقليمية، دولة تلو الأخرى، .
ويزداد وضوحاً يوماً بعد يوم أن هذه الحالة تعكس تراجعاً للدور الامريكي على المستوى العالمي تعبيراً عن الأزمة الاقتصادية الرأسمالية، ورغم حالة الإنكار التي تعيشها قوى الحرب فيما يتعلق بتراجعها، فإن ما بات جلياً هو أن زمن ترويج الأكاذيب والتباكي على حقوق الإنسان و إملاء الشروط على أساس ذلك وخرق السيادة الوطنية للدول قد ولى، وأنه ثمة قوى دولية صاعدة ستملأ الفراغ الناشىء. ولكن يبقى السؤال متعدد الأوجه الذي يطرح نفسه علينا كسوريين ضمن هذه المعطيات التي ستحدد سلوك وموقع كل القوى وجديتها في إنقاذ البلاد، هو، ما احتمالات قيام العدوان ومنعه، أولاً، وما هي سبل ردعه عن تحقيق أهدافه بحال حدوثه، ثانياً، أي ما هو الرد المطلوب سورياً؟
مع كل يوم تأخير في تنفيذ الوعيد الأمريكي كان احتمال قيام العدوان يتراجع دون أن يلغى كلياً، ولكن تتعزز يوماً بعد يوم حظوظ منع العدوان بجملة قضايا جوهرية وإن ارتدى بعضها طابعاً شكلياً. وإلا ماذا يعني اليوم لجوء أوباما للكونغرس لأخذ الغطاء؟ وهل احتاج بوش من قبله وكلينتون سلفه للتوجه إلى الكونغرس للتعاطي مع حروبهم على ليبيا والعراق وافغانستان ويوغسلافيا؟ وهل في جملة الحروب العدوانية آنفة الذكر كأمثلة احتشد كل هذا الكم كما يجتمع بخصوص سورية اليوم من هذا الرفض الشعبي المترافق مع رفض برلماني يعززه رفض حكومي رسمي داخل التحالفات التقليدية في المعسكر الغربي، الأمريكي- الأوربي، وسط عاملين جديدين بارزين، أولهما الأزمة الرأسمالية العالمية المتفاقمة في كل المراكز الامبريالية وفي مقدمتها الأمريكية والأوربية، وثانيهما ظهور قوى جديدة على مسرح توازن القوى العالمي لها وزن ونفوذ وتأثير، وأقلها كلمة مسموعة.
أما ما يقابل كل ذلك من حظوظ فهو إصرار قوى التشدد في الغرب الأمريكي والأوربي والصهيوني على الجنوح نحو مخططاتها الانتحارية غير محسوبة النتائج لجهة إشعال نزاع إقليمي قابل للتطور نحو صراع عالمي شامل.
غير أن رجحان كفة منع العدوان لا ينبغي لها أن «ترخي مفاصل» الجهوزية الدائمة لمواجهته والرد عليه من مصادره بمختلف السبل، وفي مقدمتها العسكرية في حال قيامه، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لردعه عن تحقيق أهدافه.
وبين هذا وذاك يبدو أن الأمريكيين في لعبة شد الحبال العسيرة التي تورطوا فيها منذ اندلاع الأزمة السورية لن يتخلوا عبر وسائل التدخل غير المباشر والمباشر عن محاولاتهم تحسين أوضاعهم المتدهورة بهذه الأزمة وغيرها من ملفات العالم، ما يستدعي من كل القوى المناوئة استنفار كل الطاقات الكفيلة بالإجهاز على الخصم المتهاوي