د. قدري جميل:  أين الإعلام من لعب الفاسدين على الشطرنج السوري؟

د. قدري جميل: أين الإعلام من لعب الفاسدين على الشطرنج السوري؟

نظّم المجلس الوطني للإعلام يوم الأحد 4-8-2013 وفي أول نشاطاته ندوة بعنوان (السياسات الاقتصادية ودور الإعلام في الأزمة السورية)، وحاضر فيها د. قدري جميل النائب الاقتصادي وأمين حزب الإرادة الشعبية، وذلك بمبنى دار البعث بدمشق

بحضور عدد من أعضاء المجلس وعدد من الاقتصاديين والمهتمين بالشأن الاقتصادي والإعلاميين وممثلي وسائل الإعلام المعتمدين بدمشق.
وعلى مدار ثلاث ساعات شكلت مدة المداخلة الرئيسية ومناقشاتها، عرض د. جميل مادة نقاش واسعة، نمر في هذه التغطية على محاورها الأساسية، ويمكن للمهتمين قراءة النص الكامل للندوة، أو متابعتها صوتاً وصورة على الموقع الالكتروني لجريدة قاسيون kassioun.org، وفيما يلي مقاطع من فعاليات الندوة.

يتحدث العنوان عن سياسات اقتصادية، ولنكن صريحين لا يوجد سياسات اقتصادية، فالبيان الحكومي يتحدث عن إجراءات عاجلة. والحكومة عندما تقدمت ببيانها لمجلس الشعب لم تقل عنها سياسات، وقد كان ذلك مقصوداً لأسباب عديدة، أهمها هو أن الوضع قبل سنة عندما تشكلت الحكومة كان يتطلب فعلاً إدارة أزمة، وحجم الخلاف بين أعضاء الحكومة على السياسات متوسطة وبعيدة المدى كان كبيراً لدرجة أنه لم يكن التفاهم حولها ممكناً..

مخاض وذاكرتان
نحن بحالة مخاض ولدينا ذاكرتان، ذاكرة السبعينييات والثمانينييات عندما كان دور الدولة مركزياً وقوياً، وذاكرة العقد الأول من القرن الواحد والعشرين التي سادت فيها الليبرالية الاقتصادية المتوحشة والتي أودت بالبلاد إلى الأزمة، وبين هاتين الذاكرتين يجري النزاع، فهناك من يدفع باتجاه الثمانينييات وآخرون يدفعون باتجاه سنوات العقد الأخير، الليبرالية.
حل الأزمة.. حكومة من مستوى آخر..!
أعود للقول هذه الحكومة لإدارة أزمة، بينما حل الأزمة يحتاج لشروط أخرى، ويحتاج لتفاهم آخر، ويحتاج لمستوى معالجة آخر، وهذا يأتي بأحد طريقين، إما المعرفة المسبقة أو أن تفرض التجربة على الجميع اتجاهاً معيناً للحل، وهذا ممكن الحدوث كما يحدث الآن، فالحياة تفضي أحياناً إلى حلول وحيدة، وإن لم نسر على هذه  الحلول فالحياة ستعاقبنا.
ومثال ذلك قضية «شركات الصرافة»، فأنا ظللت أتحدث منذ أشهر أنه في ظروف الحرب من الأفضل الاستغناء عن دور الصرافين، لكن أصحاب اللوثة الليبرالية في جهاز الدولة يعتبرون ذلك عيباً فقد نوصف بأننا «غير حضاريين»!، رغم أنني تحدثت فقط عن شركات الصرافة. وما حصل عملياً أن عمل الصيارفة استمر إلى أن أفضت الأمور مع استمرار الوقت إلى ضرورة الحد من عملهم، وأن نعود لاتخاذ إجراءات قاسية ضدهم، فالحياة أجبرتنا وليس الإيديولوجيا.
إذاً حتى تكون الأمور واضحة  فنحن في «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» قوى معارضة ودخلنا على أساس بيان، وقد أصرينا قبل الدخول إلى الحكومة على النقاش على البرنامج وليس على المواقع، وقلنا للمسؤولين عن تشكيل الحكومة في حينه إننا إذا اتفقنا على البرنامج فسنتفق على المواقع بثلاث ثوان، بينما الدارج هو الحديث عن المواقع. وأخذ النقاش حول البرنامج الحكومي أسبوعاً بكامله، وهذا ليس سيئاً، واتفقنا على برنامج الحد الأدنى من التوافق، لذلك لم يكن حينها توافقاً على سياسات طويلة ومتوسطة، ولكن السؤال الهام والمطروح اليوم: هل نحن صرنا بحاجة إلى سياسات طويلة ومتوسطة الأجل؟
وهنا أقول إن البيان الحكومي أصبح بحاجة إلى تجديد، فالبيان الحكومي استمر لسنة وقد أدى غرضه وقد استنفد نفسه، والمطلوب الآن الانطلاق للأمام وتطويره ووضع مهمات جديدة. أنا لا أقول إن البيان الحكومي كان خاطئاً، فالبيان الحكومي كان صحيحاً في لحظته التاريخية، ولكن فيما لو طال هذا البيان أكثر من هذه المدة فلن يعود قادراُ على تأدية مهامه. وهنا أوضح هذه القضية أمام القاعة، إن السياسات تعني إستراتيجية أي أهداف متوسطة وبعيدة المدى وهذا غير موجود بالتاريخ السوري،ولم يكن هذا يحدث، ولكن حدة الأزمة وعمقها أجبر الجميع على الذهاب بهذا المنحى، ومن الآن فصاعداً، ودون إيجاد حلول إستراتيجية للأزمة، لن نتمكن من إدارتها.
الحرب الكونية على سورية.. اقتصادية أيضاً!
هناك فكرة يجب التأكيد عليها كي نكون منسجمين مع أنفسنا كاقتصاديين وإعلاميين، هل يعقل أن نقول إن البلاد تتعرض لحرب كونية سياسياً وعسكرياً، وهذه فكرة أنا أوافق عليها، ولا نتعرض لحرب كونية اقتصادياً؟!
وهكذا يتم ارتكاب ثلاثة أخطاء:
1-أول خطأ هو فصل العامل السياسي والأمني والعسكري عن العامل الاقتصادي رغم أنها منظومة واحدة متفاعلة مع بعضها البعض.
2-الخطأ الثاني هو قيام البعض تحميل شخص أو وزارة واحدة مسؤولية حكومة بأجمعها، وهنا أوضح أننا في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير لدينا  2% فقط من مقاعد البرلمان وهذه كانت ثقة الناخبين بنا وتمثلنا بالحكومة على هذا الأساس، لذلك نحن أقلية، بينما الحزب الحاكم اليوم هو حزب الأكثرية، بالتالي هناك قرارات تجري بالتوافق ويصوت عليها بالإجماع، ونحن نوافق عليها إذا حدث توافق، ولكن هناك قرارات تؤخذ بالأكثرية.
3- الخطأ الثالث هو الشخصنة وهي الحيلة نفسها التي ينصبها الغرب لنا كل مرة، فأحد أدوات الأزمة السورية، كما الليبية والعراقية كانت «الشخصنة» لأجل «الشيطنة»، فالشخصنة تسهل الشيطنة، والشيطنة تسهل خلق عدو وهمي، والعدو الوهمي يسهل الحشد والتعبئة، وموضوعياً بالتاريخ لا يمكن أن يقال إن فرداً (بيطالع الزير من البير)، ففي التاريخ يوجد الفرد القادر على حل كبرى المشاكل فقط بقدر ما يكون هذا الفرد معبراً عن المجموع، أي أن وعي المجموع ومستواه المعرفي ودرجة نضجه وكفاحيته هو الذي يحدد دور الفرد.
نسب المسؤولية
إذاً العامل الاقتصادي له علاقة جذرية بالعوامل الأخرى، أنا أرى أن المشكلة الاقتصادية لها ثلاثة أسباب نسبة أثر كل واحد منها الثلث في الأزمة، للحصار ثلث، والوضع الأمني ثلث، والإدارة الحكومية لها الثلث الثالث، وهكذا نكون موضوعيين وشرفاء بطرح المشكلة..
وأريد أن أذكر أمثلة عيانية حتى تروا أن التعميمات النظرية التي ذكرتها هي أمر واقع، ولم تأت من فراغ، فمثلاً:
تناقشنا كثيراً في الدوائر الحكومية حول قانون العقوبات التموينية أي قانون «التموين والتسعير»، هل تعلمون أنني كوزير تجارة داخلية لا يحق لي أن أعاقب أحداً وفقاً لقانون التموين القائم،  فالقضاء يبرئ أي تاجر متهم طالما لا يوجد تسعير للمواد ولا يوجد إلزام بالتسعير، فقد ألغينا سابقاً كل التشريعات المتعلقة التي كانت تضبط التسعير، وأصبح من الناحية التشريعية والقضائية ممنوعاً أن تحاسب أي تاجر على مخالفته، ولا تستطيع محاسبته قضائياً لأن السعر يُحدد على أساس فاتورة التاجر التي يضاف إليها الربح، وأنتم تعرفون كيف يتم وضع هذه الفواتير، وحتى لو خالف التاجر التسعيرة الفعلية فالتاجر لن يخاف فهو يدفع غرامة فقط .
«زمن الحرب» و«ترف» ضخ الدولار للصرافين
مثال آخر قضية سعر الصرف، وأنا لدي رأيي الشخصي المسجل في محاضر جلسات الحكومة.نحن في حالة  حرب، وهذه الحالة لا تسمح لنا بترف عملية تأمين سعر الصرف عبر ضخ الدولار للصرافين وفي الوقت نفسه القيام بالحفاظ على الاحتياطي! فهذه العملية لا يمكن أن تنجح بهذه الظروف.
وهنا أؤكد أنا لا أكترث بسعر الصرف حين تكون المواد التموينية مؤمنة، وحين يكون تدخّل الدولة عبر منافذها كاملاً وفاعلاً، وهذا ما يجب العمل عليه.. عندها يصبح سعر الصرف غير ذي أهمية.
الحل السياسي والموجبات الاقتصادية
ومع اقتراب الحل السياسي أقول استنتاجاً جديداً: دون وجود برنامج اقتصادي واضح المعالم لا يمكن الخروج من الأزمة السورية، وسينتصر بالأزمة من لديه برنامج لليوم الأول بعد الأزمة.
إن اقتصاد الحرب يعني ببساطة أن يضرب الفساد بيد من حديد، فالفاسد أخطر من الإرهابي فهو يسرق لقمة الشعب ويجوعه ويخلق الأرضية لانتصار الإرهابي، واقتصاد حرب يعني تقليل الفساد إلى أقل حد ممكن. واقتصاد الحرب يعني دوراً قوياً للدولة لتؤمن المواد الأساسية لمواطنيها في ظل النقص العام للمواد، وتؤمن شعار العدالة في الحرمان. فالناس قد لا تقف ضد الحرمان لكنها تعارض أن ترى البعض يسرق الملايين والمليارات وهي محرومة من أبسط احتياجاتها، فالعدالة في الحرمان تجعل الناس تتفهم الواقع وتدفعها للتضحية. واقتصاد الحرب يعني تعبئة الموارد والطاقات باتجاه المهمة الكبرى التي هي انتصار الجيش العربي السوري والذي ينبغي أن يكون الحامل الشرعي الوحيد للسلاح، وتأمين الضروري لمعيشة الشعب حتى نخرج من الأزمة، فالحرب لها انعكاساتها على نمط الاستهلاك.
أين الإعلام من لعب الفاسدين على الشطرنج السوري؟
هنا أريد أن أتحاور مع الإعلام بنقطة ألفت انتباهه إليها..خلال مرحلة انهيار الاتحاد السوفييتي وفي المراحل الأخيرة لعب الإعلام العالمي المتصهين لعبة من الممكن تسميتها تيمناً بلعبة الشطرنج: «تبييت» فعلى سبيل المثال «بوريس يلتسين» الفاسد والعميل والصهيوني تم تظهيره كبطل ديمقراطي ومدافع عن حقوق الإنسان ومناضل ضد الفساد، وهذا إعلامياً.. أما القوى الوطنية فقد ظهرت كرجعية ومحافظة، ليتم تغيير المواصفات، أو تغيير «الطرابيش» أمام المجتمع. تم خلق عدو وهمي في الأيام الأخيرة للاتحاد السوفييتي وهو ليس العدو الحقيقي، حيث شوهت صورة الوطنيين وسجنوا، والمفارقة أنهم بعد خروجهم خرجوا كأبطال! وصنع بطل وهمي وهو يلتسين الذي ظهر لاحقاً أنه حرامي وعميل ومرتشٍ.
أي أنه جرت عملية تلاعب في الوعي الاجتماعي عن طريق الإعلام ، بتصوير الأعداء شرفاء وتصوير الشرفاء أعداء، وهذا ببساطة ما نسميه «التبييت».
اليوم في سورية هناك شيء جديد وهام يدق الباب، قوى محاربة الفساد تنمو وتقوى، بينما قوى الفساد ترتعد وتصطك ركبها وهي تحاول اليوم أن تمارس لعبة «التبييت» ذاتها التي مورست في نهايات الاتحاد السوفييتي، وفي كل أوروبا الشرقية. اللعبة التي تحول الأبيض أسود، والأسود أبيضَ. وأحد أدواتها الرئيسية في هذه اللعبة هو الإعلام الذي تسيطر عليه عبر تمويلها.. وإن حرية الإعلام في سورية اليوم، هي بشكل أساسي حرية تمويل الإعلام..
لو كنا الأكثرية الحكومية لتغير الكثير
في عملية التشويه الإعلامي يتم طرح فكرة متداولة كثيراً، حول الوعود التي سبقت دخولنا الحكومة، وبالرد على هذا أقول إن الإعلام يخلط بقصد أو دون قصد بين برنامج حزب الإرادة الشعبية وبرنامج الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير الذي تم التصويت عليه ليأخذ نسبة 2% فقط من التمثيل في البرلمان السوري، وبين البيان الحكومي.برنامجنا الذي نسأل على أساسه لم يقره الشعب السوري، من الممكن أن نسأل على البيان الحكومي وهو يختلف عن برنامج الجبهة، والبيان هو حد أدنى من التوافق بيننا وبين الحكومة، بيننا وبين الأكثرية، ولو كنا الأكثرية في الحكومة لكانت تغيرت الكثير من المعطيات.
أخيراً أقول: في القرارات الحكومية التي جرى حولها لغط، ولأول مرة في تاريخ الحكومات السورية، فإن الحكومة الحالية لم تأخذها جميعاً بالإجماع، وإنما جرى التصويت عليها وأقرت بالأغلبية بين رافض وموافق، ونحن بعد التصويت نلتزم بتنفيذ ما يترتب علينا بالمعنى الإداري ولا نصرح بمواقفنا المخالفة لما يقره التصويت، لكن أحزابنا مستقلة عن ممثليها بالحكومة وهي تعبر عن مواقفها بصراحة كاملة ولا تلزمها مواقف الحكومة، وهذه تجربة جديدة نبنيها على أساس الاستفادة من الأخطاء التي وقعت بها الجبهة الوطنية التقدمية بعدم فصل أحزابها عن جهاز الدولة..


قسم من مداخلات السادة الحضور  والرد

نزار اسكيف، نقيب المحامين:
أريد أن أسأل أين كانت قدرة التنبؤ بما يجري الآن لدى القادة السياسيين والاقتصاديين قبل الأزمة، ومن جهة ثانية فأنا أرى أن الدولة هي عقد اجتماعي قبل أن تكون فرقاً وتيارات وعلى هذا الأساس هل أصبحت هذه الحكومة هي الحامل الوحيد لكل الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ وهل هي فعلاً المسؤولة عن كل الإشكاليات التي تجري؟ إن هنالك سياسة خطيرة هي سياسة «تبييض» الأشخاص الفاسدين، فكيف تعاملت الحكومة مع هذه السياسة؟ 
أيمن قحف، مدير موقع «سيريان ديز»:
لدي سؤال حول المرسوم الذي صدر اليوم من سيادة الرئيس حول منع الدفع بالعملات الصعبة، فهل يعتبر هذا إجراءً مؤقتاً أم عملية استراتيجية، وماذا يعني في جوهره، فمثلاً أنا أحمل الآن في جيبي حوالي ألف دولار فهل يعني ذلك أنه من حق الجهات المختصة القبض علي؟
مداخلة من مراسلة التلفزيون العربي السوري:
ماذا عن تداخل أعمال ومهام النائب الاقتصادي، بين الدور السياسي في كل من حزب الإرادة الشعبية والجبهة الشعبية للتغيير والتحرير بالإضافة إلى مهمة النائب الاقتصادي ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومدى تعطيل ذلك لمهامه الاقتصادية؟
د.ناديا خوست، عضو المجلس الوطني للإعلام:
أشكر د.قدري جميل على التحليل الممتع والبعيد عن الجمود، فقد حدثنا عن حياتنا الاقتصادية بعمق وبإمتاع، وأقدر أيضاً أنه يتحدث اليوم كما كان يتحدث قبل أن يكون نائباً اقتصادياً.. على العكس من غيره ، والأهم أنه تحدث بصراحة.
ما نحتاجه الآن تحديداً في زمن الحرب هو دولة قوية وكل الفعاليات الاقتصادية والمسؤولين أن يكونوا موحدين وراء نهج واحد.
فأنا كمواطنة سورية أشعر بأنني أنهب عندما أسمع أن المصرف المركزي يبيع القطع الأجنبي بالمزاد العلني، وهذا معناه أن من يدفع أكثر أي يرفع سعر الدولار أكثر هو من يحصل على القطع..
النائب الاقتصادي السابق الدردري خرج مع بدايات الأزمة، ثم أتانا كمندوب دولي وهذا أيضاً يثير تساؤل حول عدم المحاسبة..
ماريا سعادة، عضو مجلس الشعب
بداية أشكر النائب الاقتصادي على التوضيح المطروح في الندوة.
نحن أمام معطيات جديدة وفي مرحلة مخاض عالمي محورها سورية، قد تكون شاءت الصدف أن تكون سورية في محورها.
اليوم نحن أمام حالة معينة لا يمكن أن أفصل فيها النظام الاقتصادي في سورية عن المستوى الدولي والإقليمي الذي يتغير اليوم..
فعامل الزمن اليوم هو عامل مساعد نظراً لسقوط نظام دولي وظهور نظام جديد في الشرق، ونحن أمام مخاض لنظام سياسي عالمي جديد، ونظام اقتصادي جديد عالمي.
والنظام الاقتصادي الجديد في سورية لا يمكن أن ينشأ من الفراغ وإنما يجب أن يقوم على أساس عامل وحيد هو المجتمع، وفي العالم أجمع اليوم يمكن قراءة حالة انعدام ثقة بين السياسات والمجتمعات، أي الحراك المجتمعي في العالم له دور قوي في عالم اليوم، وهو ما سيحدد الأمور، فحراك المجتمعات هو من سيسقط ويحدد السياسات، وليس العكس.

ردود الدكتور قدري جميل على المداخلات
هذا اللقاء يثبت أن المجتمع السوري يضج حيوية وأسئلة ويثبت أننا في حالة انتقال فعلية وبحالة مخاض، ولكن حالة المخاض خطيرة لأنها تتم في لحظة انعدام وزن، ومن الممكن أن يجهض وممكن أن يولد، ومن الممكن أن نمشي للأمام أو قد نتراجع للخلف (هي تعود للطبيب)، والطبيب هنا هو فعل جمعي وليس فعل شخص واحد، وهذا قد يجيب فوراً على السؤال حول لماذا التصويب والاستهداف الشخصي؟
«الاستهداف الشخصي».. «الفساد الغبي».. «تغيير الطرابيش»
يظن بعض الأغبياء أنهم بتصويبهم على قدري جميل إنما يحضرون للانتقال بالاتجاه الذي يخططون له أي إبقاء الأمور من حيث الجوهر على حالها وإبقاء الفساد وتغيير المسميات والطرابيش، ولكنهم يحلمون، فالقضية بالمجتمع السوري أعمق من أشخاص ومن شخصنته بأفراد، لذلك أنا لا أخشى على العملية،فالأفراد يأتون ويذهبون لكن الشعب باق والتاريخ يمضي.
محاربة الفساد معركة وطنية
لا يمكن أن تحسم المعركة ضد الفساد بصراع داخل جهاز الدولة فقط. المطلوب أن يشترك المجتمع بقواه الحية والمتضررة بهذه العملية، لدعم القوى النظيفة الموجودة بجهاز الدولة، وهي موجودة وهي ليست شخصاً بعينه، هي قوى كبيرة، ولكنها لا يمكن أن تحسم الموضوع ضمن جهاز الدولة فقط.
«المؤامرة» بدأت في 2004
هناك من يقول لي المؤامرة بدأت مع 15-3-2011، أقول له، لا، المؤامرة بدأت في 2004، وإلا ماذا نسمي السياسات الليبرالية وتطبيقها؟ وماذا عن الانفتاح على قطر وتركيا؟ هذه هي المراحل الأولى بالمؤامرة، التي ظهرت نتائجها بـ15 آذار، لذلك على من يريد قول الحقيقة أن يقولها كاملة..
وشكرا لإصغائكم