ترامب يصنف الحمقى والأغبياء!

ترامب يصنف الحمقى والأغبياء!

وصف الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، معارضي إقامة علاقات جيدة مع روسيا بأنهم «أغبياء» أو «حمقى».

 

وفي سلسلة تغريدات على موقع تويتر، يوم أمس السبت، تعهد ترامب مجدداً، بالعمل مع روسيا من أجل «حل بعضٍ من المشاكل والقضايا الكثيرة والملحة في العالم.»

جاءت تعليقات ترامب بعدما ذكر تقرير استخباراتي عن سعي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لمساعدة ترامب في الفوز بالانتخابات الرئاسية.

  و أكد ترامب من جديد، أن وجود علاقة جيدة مع روسيا «ليس أمراً سيئا» وأن «الأغبياء أو الحمقى فقط سيعتقدون بأنه أمر سيء.» وقال: إن روسيا ستتعامل مع الولايات المتحدة بمزيد من الاحترام عندما يتولى منصب الرئاسة.

هذا التصعيد في تصريحات ترامب ضد خصومه، و تحديداً ضد مؤسسة، لها ما لها من وزن، في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية «CIA »، يكشف مرة اخرى عن تعمق الشرخ بين النخبة الأمريكية، والذي يعكس في العمق تراجع الوزن الأمريكي على المستوى العالمي، ومحدودية خيارات القوى النيوليبرالية.  

واذا كان هذا التراجع، خرج من دائرة التحليل، وبات واقعاً عيانياً ملموساً، ولم يعد بحاجة إلى تأكيد، فأن ما ينبغي الوقوف عنده، هو، ماذا يريد الجناح المهزوم في النخبة الأمريكية من هذه الدعاية الصفراء، لدرجة الإسفاف والابتذال، عن الدور الروسي في إسقاط مرشح، وإنجاح آخر، وكأن الحديث يجري عن إحدى جمهوريات الموز، وتحكم دول أخرى في قرارها السيادي، وليس عن الولايات المتحدة؟!

نعتقد أن هذه الدعاية، من طرف المهزومين في الانتخابات الرئاسية، يأتي في سياق التحضير والتأسيس لمعارك لاحقة، وهي ضربات استباقية لمنع تنفيذ توجهات ترامب والقوى التي يعبر عنها في التفاهم مع روسيا.

وبغض النظر عن طبيعة ترامب، وتكوينه، ومزاياه الشخصية، حيث قدمه لنا إعلام المهزومين بأنه عنصري، ويميني، ولا يصلح لهذا الموقع، وعلى الرغم أنه ينتمي إلى الطبقة ذاتها التي ينتمي اليها أغلب رؤوساء الولايات المتحدة، إلا أن ترامب، وكما يبدو من خلال  تصريحاته على الأقل، يمثل ما تبقى من العقل لدى أوساط من النخبة الأمريكية، التي تبنت خيار  الانكفاء التدريجي، الذي ظهر مع بداية الأزمة الرأسمالية، وتم التعتيم عليه، إلى أن تقاطع في لحظة تاريخية، مع مزاج الناخب الأمريكي، المثقل بتبعات السياسة النيوليبرالية في الخارج والداخل، وعبّر عن نفسه من خلال ظاهرة ترامب، وهذا بالضبط كما نظن يرعب أوساط رأس المال المالي المتشددة، التي تتناقض مصالحها مع سياسة الانكفاء، بعد أن تعودت على جني أرباح خيالية، خلال العقود الماضية.

 تحاول هذه الأوساط المهيمنة على قرار الإدارة الحالية، توتير العلاقات مع روسيا، لتضع أمام الإدارة الجديدة تركة ثقيلة، يصعب ترميمها لاحقاً، وفي هذا السياق أيضاً يمكن قراءة قرار طرد 35 دبلوماسيا روسياً، و «أكشن» التقرير الاستخباراتي، ناهيك عن الحرب الدعائية التي تتصاعد ضد روسيا، منذ أن أصبح التقدم الروسي أمراً واقعاً.

من الواضح أن القيادة الروسية، من خلال سياسة «عدم الرد بالمثل» تحاول امتصاص هذه النزعة العدوانية من قوى رأس المال، وتتعامل مع الموقف بحكمة ومسؤولية، بحكم موقع الدولتين عالمياً، مما يؤدي إلى دفع هذه الشريحة إلى مآزق جديدة.. أليس مأزقاً أن يصل الامر برئيس الولايات المتحدة  وصف أوساط حاكمة ومؤثرة بهذا المستوى، وفي مثل هذه القضية تحديداً، بالحماقة، والغباء، وهو ما لم نشهده في كل البريستيج الديمقراطي الأمريكي منذ الحرب الفيتنامية؟ ...لا تتفاجأوا،  أنه منطق التاريخ، وهو يضع سمات القوى المتراجعة، حيث يصر التاريخ أن «يشرشح» من يحاول السير عكس اتجاهه، حتى لو كانت أمريكا.. ولو بعد حين!