لافروف: تأجيج "الثورات الملونة" يؤدي إلى انتشار "النقاط الساخنة" في العالم
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب وضع أوكرانيا بين خيارين، معنا أو ضدنا، بدلا من تطوير مشاريع التكامل الطبيعية في أوروبا وأوراسيا.
وأشار لافروف في كلمة ألقاها في مؤتمر موسكو الثالث للأمن الدولي يوم الجمعة 23 مايو/أيار، إلى أنه نظرا للوضع السياسي الهش في هذا البلد كان كافيا لتأجيج أزمة واسعة للدولة الأوكرانية. وأكد الوزير الروسي أنه يجب استخلاص الدروس الصحيحة من الأزمة الأوكرانية وبدء تنفيذ مبادئ الأمن المتساوي وغير القابل للتجزئة في منطقة أوروبا والأطلسي وتهيئة الظروف لإقامة فضاء اقتصادي وإنساني موحد بين لشبونة وفلاديفوستوك. وقال لافروف إن مساهمة الشعب الأوكراني في تجاوز أزمته تتطلب التخلي عن اللعبة الصفرية والتراجع عن تشجيع النازية الجديدة ومعاداة الغير والنظرة الأوروبية المتغطرسة لأوكرانيا.
ومن جهة أخرى أكد لافروف أن تأجيج "الثورات الملونة" من الخارج يؤدي فقط إلى انتشار "نقاط ساخنة" على خريطة العالم. وأعرب الوزير الروسي عن أسفه لأن خططا قائمة على استخدام معايير مزدوجة والاستفادة من مختلف الأزمات جيوسياسيا من جانب واحد تطبق بشكل واسع في أوروبا وغيرها من مناطق العالم، مؤكدا أن ذلك يقوض فعالية الجهود الرامية إلى تسوية الأزمات. وقال لافروف إن عمليات تغيير النظم في الدول ذات السيادة وتأجيج مختلف "الثورات الملونة" تلحق أضرارا واضحة بالاستقرار الدولي، مضيفا أن محاولات فرض حلول للتغييرات الداخلية على شعوب أخرى دون مراعاة تقاليدها وخصائصها الوطنية وتصدير الديمقراطية تنعكس سلبا على العلاقات الدولية.
وأكد وزير الخارجية الروسي أن الغرب فضّل سياسته الرامية إلى احتواء روسيا على الفرصة التاريخية لإقامة أوروبا كبرى. ودعا لافروف المشاركين في مؤتمر موسكو الدولي للأمن إلى التركيز على النزاعات في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، معربا عن أسفه بشأن أن هذه النزاعات الخطرة التي "أصبحت مؤخرا في ظل الأزمة الأوكرانية". وقال الوزير الروسي إن الغرب فضّل توسيع سيطرته الجيوسياسية شرقا رغم الدعوات الروسية المستمرة إلى التعاون على أساس مبادئ متفق عليها على أعلى مستوى من أجل إقامة فضاء مشترك للسلام والأمن والاستقرار في منطقة أوروبا والأطلسي.
وفي معرض حديثه عن الأزمة السورية اعتبر لافروف أن محاولات استغلال الأزمة الإنسانية في سورية بغرض تبرير تدخل خارجي سيفضي الى نتائج عكسية. وأضاف: " لا بديل عن الحل السلمي في سورية". وأشار لافروف إلى أن هذه المحاولات ما تزال تطبق حيال سورية قائلا:" بالأمس فقط قدمت دول غربية مشروع قرار للتصويت في مجلس الأمن يستند الى الأزمة الإنسانية في سورية ويدعو لوضع كامل الوضع تحت البند السابع". وأضاف: "لا يوجد لدينا أدنى شك أن هذا ليس إلا خطوة أولى تمهيدا للتدخل الخارجي.. كان هذا واضحا من تعليقات واضعي القرار". وأردف الوزير: "روسيا والصين استعملتا حق النقض الفيتو". من جهة أخرى دعا لافروف الى مواصلة الحوار بين كافة الأطراف السورية عبر طريق مفاوضات جنيف ووضع جدول عمل يهتم بوقف العنف ومحاربة الإرهاب، مؤكدا على ضرورة توفر التمثيل الواسع لأطياف المعارضة. وذكّر لافروف بالإعلان الصادر عن قمة الثمانية العام الماضي والذي دعا الى توحيد جهود الحكومة والمعارضة في محاربة الإرهاب وهو ما يتطلب جهدا عمليا نسعى إليه وخاصة على خلفية انتشار الجماعات الإرهابية الفاعلة في سورية والعراق ولبنان ودول أخرى.
وتطرق وزير الخارجية الروسي في كلمته الى الوضع في ليبيا، وقال إنه يثير قلقا متزايدا، حيث من الواضح أن الوضع هناك وصل الى طريق مسدود. وأضاف أن لا أحد من "أصدقاء ليبيا" يستطيع إخراج البلاد من هذه الأزمة لوحده. وحذر لافروف من أنه من شأن تفكك ليبيا بشكل نهائي أن يؤدي الى ظهور بؤرة جديدة للتوتر ومصدر دائم للمخاطر في منطقة الصحراء والساحل.
وفي معرض حديثه عن قضية التسوية في الشرق الأوسط، شدد سيرغي لافروف على أهمية الحفاظ على الفرص لاستئناف مفاوضات السلام لحل المسألة الفلسطينية. وأضاف أن "خبرة السنة الأخيرة تدل على أن الجهود الأحادية الجانب لم تعد كافية في هذا المجال، ويجب العودة الى العمل المشترك بهدف تحقيق حل ثابت وعادل وشامل للقضية الفلسطينية، وذلك على الاسس القانونية الدولية المعروفة".
وأعادة لافروف الى الاذهان أن مصر ستشهد انتخابات رئاسية بعد عدة أيام، وأكد أن روسيا تدعم تطلعات القيادة المصرية الى تطبيق خارطة الطريق للعملية السياسية في البلاد. وقال: "نحن نهتم بأن تبقى مصر تلعب دورها في استتباب الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، وفي العالم العربي والاسلامي، وتساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الاقليمي، وتساعد على حل قضايا التسوية الشرق أوسطية".