موسكو تقترح على الحكومة السورية والمعارضة تشكيل فرق عمل تتولى المواضيع الرئيسية في مفاوضات جنيف
قال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي إن موسكو اقترحت على الحكومة السورية والمعارضة تشكيل فرق عمل خاصة بالمواضيع الرئيسية في إطار مفاوضات جنيف.
وتابع غاتيلوف في مقابلة مع وكالة "نوفوستي" الروسية نشرت الثلاثاء 4 فبراير/شباط قائلا: "من أجل التحرك نحو التسوية يجب التوصل الى اتفاق حول عدد من المسائل مثل وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية وموضوع تشكيل هيئة إدارية انتقالية.
وإن حلّ كل هذه القضايا يتطلب تشكيل فرق عمل خاصة بها".
وردا على سؤال حول إمكانية انضمام ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة الى فرق العمل هذه، قال غاتيلوف إن موسكو وواشنطن لا تنويان العمل نيابة عن الوفدين السوريين، اللذين يقفان أمام هدف واضح يتمثل في التوصل الى اتفاق بينهما على أساس تفاهم وتوافق تام حول جميع القضايا. وتابع قائلا: "إن الوفدين السوريين هما من يجري المفاوضات، وهذه هي مهمتهما قبل كل شيء، أن يشكلا فرق عمل بوساطة الأمم المتحدة. أما روسيا فهي مستعدة لدعمهما في ذلك في تحركهما بالاتجاه المطلوب".
واعتبر أن كل مسألة من مجمل القضايا المطروحة في إطار مفاوضات جنيف تتطلب بذل جهود مركزة. وتوقع أن يكون التوصل الى اتفاق حول بعض القضايا، مثل موضوع تشكيل الهيئة الانتقالية، أصعب من القضايا الأخرى. وأردف قائلا: "لكن ذلك لا يعني أنه يجب التركيز على قضية واحدة فقط وتجاهل القضايا الأخرى، بل نحن نرى أن علينا أن نحاول التحرك الى الأمام على عدة مسارات في آن واحد".
أشار نائب وزير الخارجية الروسي الى أن الحكومة والمعارضة في سورية لم تتمكنا حتى الآن من الاتفاق على القوائم في إطار صفقة تبادل الأسرى. وأوضح غاتيلوف أن المعارضة سلمت الوفد الحكومي قائمة تضم أشخاصا محتجزين من قبل الحكومة، لكن الحكومة طلبت بدورها من المعارضة الكشف عن قائمة المحتجزين في قبضة المعارضين.
ولم تقدم المعارضة حتى الآن، حسب غاتيلوف، مثل هذه القائمة. وتابع الدبلوماسي الروسي قائلا: "لكننا نرى أنه من الممكن التوصل الى حل لهذه القضية في حال توفر الإرادة من قبل الطرفين".
وأشار غاتيلوف أيضا الى أن الحكومة والمعارضة مسعدتان لتقديم ضمانات خطية لإيصال المساعدات الإنسانية الى حمص.
يذكر أن وفدي الحكومة والمعارضة لم يتمكنا من الاتفاق بشأن فتح ممرات إنسانية الى منطقة حمص، خلال الجولة الأولى من المفاوضات في مونترو. وقال غاتيلوف: "لكننا نعرف أن المفاوضات (بهذا الشأن) تستمر بوساطة أممية. ومن المحتمل أن يتم إيجاد حل لهذه القضية الإنسانية في المستقبل". وتابع: "هناك معلومات أن الحكومة والمعارضة مستعدتان لتبادل ضمانات خطية بشأن هذه المسألة، ونحن نأمل في تحقيق ذلك".
وفي الوقت نفسه ذكر غاتيلوف أن المقاتلين السوريين يطرحون شروطا إضافية لإيصال المساعدات الإنسانية في بعض مناطق البلاد، كما أنهم لا ينوون إلقاء السلاح بعد تزويدهم بالمساعدات. وقال: "إن المعارضة تطالب بإيصال المساعدات، لكن الحديث لا يدور عن إلقاء المجموعات المسلحة لأسلحتها. وهناك احتمال كبير أن تواصل هذه المجموعات قتالها المسلح بعد إيصال المساعدات الإنسانية الى تلك المناطق، وهذا هو الأمر الذي تخشى منه الحكومة". وأردف قائلا: "للأسف الشديد لم يتم حتى الآن إيجاد حل نهائي حول إيصال المساعدات الإنسانية، على الرغم من أن الحكومة طرحت عدة اقتراحات بهذا الشأن. ومنها، قبل كل شيء، إجلاء السكان المدنيين أو إيصال المساعدات الإنسانية أو سحب المسلحين من تلك المناطق. لكن للأسف، يطرح المسلحون شروطا إضافية لتنفيذ العمليات الإنسانية".
قال غاتيلوف إن موسكو تعوّل على ألا تكون الجولة القادمة من مفاوضات جنيف هي الأخيرة، معربا عن أمله في استمرار مفاوضات السلام بعد انتهاء هذه الجولة. وقال: "نأمل في أن الجولة الثانية لن تكون الأخيرة، وأن المفاوضات ستستمر. وعلى أية حال، نحن من جانبنا سنعمل كل ما بوسعنا من أجل دعم تطور هذه العملية، كي يتم توفير أجواء للمفاوضات تسمح بالانتقال الى بحث موضوعي لمسائل التركيبة المستقبلية للدولة السورية". وأضاف الدبلوماسي الروسي أنه من السابق لأوانه الحديث عن التوصل الى أية قرارات في إطار مفاوضات جنيف، لكنه اعتبر أنه في حال اتخاذ مثل هذه القرارات، فمن المنطقي أن تتم بلورتها في قرار أممي.
وذكر غاتيلوف أن الحكومة السورية لم تبد أية شكوك أو تحفظات بشأن مشاركتها في الجولة الثانية من المفاوضات. وتابع قائلا: "نحن ننتطلق من أن يوم 10 فبراير/شباط محدد كموعد لبدء الجولة الثانية من المفاوضات السورية-السورية. ونأمل في أن يشارك الوفد الحكومي وفق تأكيداته السابقة في المفاوضات القادمة مع المعارضة".
وأشار الدبلوماسي الروسي الى أن الولايات المتحدة تواصل عملها مع مختلف فصائل المعارضة السورية، من أجل توسيع وفد المعارضة المشارك في مفاوضات جنيف. وأضاف أن موسكو ترحب بهذه الجهود، قائلا: "إن تمكنوا من إحراز هذه النتيجة، وإن أصبح وفد المعارضة أكثر تمثيلا، كي يتمكن من اتخاذ قرارات حول قضايا معينة، فذلك سيعني تحقيق تقدم والتحرك الى الأمام". وتابع أن وفد المعارضة الذي حضر الاجتماعات في مونترو، ثم في جنيف الشهر الماضي، لم يكن يمثل إلا طيفا ضيقا من المعارضة. ودعا الى استمرار المشاورات بين مختلف فصائل المعارضة، كي تنضم الى الوفد قوى أخرى، ومنها، قبل كل شيء، المنظمات الكردية وهيئة التنسيق وجميع الفصائل المؤثرة.
و اعتبر غاتيلوف أن المعارضة السورية، الخارجية منها والداخلية، لا تملك آليات للتأثير على المجموعات الإرهابية في سورية. وأضاف، نقلا عن معطيات الأمم المتحدة، أن عدد المقاتلين المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد يتجاوز اليوم 100 ألف شخص، لكنه شدد على أن جزءا كبيرا من هؤلاء، جهاديون مرتزقة.
وتابع أن هناك أيضا وجودا قويا للجهاديين من العالم العربي، إذ تشير المعطيات الى وجود أكثر من ألفي أردني بالإضافة الى سعوديين وتونسيين ولبنانيين وليبيين، ومرتزقة من دول أوروبا الغربية.
وأضاف أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا تمثل النقاط الأساسية لتجنيد المقاتلين. وذكر أن هناك أيضا عمليات تجنيد مكثفة في البلقان، وتحديدا في إقليم كوسوفو وفي ألبانيا. وأضاف: "كما هناك أيضا مرتزقة من دول الاتحاد السوفيتي السابق، ومنهم من وصل من روسيا، وتشير معطات الأمم المتحدة الى أن هناك نحو 190 شيشانيا". وتابع أن المعطيات تشير أيضا الى مشاركة عناصر متطرفة من باكستان وأستراليا وكندا والولايات المتحدة في القتال بسورية. واعتبر أن "هذه المعطيات تؤكد مرة أخرى أن ذلك عبارة عن الإرهاب الدولي الذي ينشط في الأراضي السورية وهو لا يخضع لأوامر أحد وليس له أي هدف آخر باستثناء إسقاط حكومة الأسد وإنشاء دولة إسلامية تعتمد على الشريعة في أراضي سورية".