مرحبا بالحل السياسي
أيام عصيبة تعيشها القوى المتشددة داخل أطراف الأزمة السورية، الوقت يمر بسرعة الضوء، الأشهر أصبحت أياماً وربما ساعات، القلق، والخوف والعجز تجاه حل سينهش مصالحها، لا سبيل الآن إلا بماكينات إعلامية عاجزة، ليست بحال أفضل ممن تعبر عن مصالحهم، في محاولة بائسة بالهجوم على شبح الحل السياسي الذي يحوم فوق رؤوسهم طيلة الأعوام الماضية.
عمر فكرة الحل السياسي يلامس اليوم ست سنوات، ومئات آلاف الشهداء والجرحى بين مدنيين وعسكريين، وملايين المهجرين داخلياً وخارجياً، وفقراً مدقعاً ينهش ما بقي من عظام لم يهشمها الرصاص بعد، وتدخلات خارجية مباشرة وغير مباشرة.
في حينه، أي في الأيام والأشهر الأولى لتقديم رؤيتنا لحل الأزمة، حيث كان لاصوت يعلو فوق صوت المدافع، اتهمنا بالجنون أحياناً، وبالسذاجة أحياناً أخرى، وبالانتهازية مرات ومرات، ولكن لم يكن لليأس أو الملل أو التعب وقت أو مكان، فدماء ومستقبل السوريين ثمن أي تأخير. صمّ الجميع آذانهم واستمروا بمعاركهم بين «حسم» و«إسقاط» وبموازاة ذلك استمر دورنا، واستمرت «معاركنا» مع الجميع، لتحقيق ما طرحناه من حل، عن سابق تحليل ومعرفة عميقين بالواقع السوري، بتناقضاته، وتركيبته، وتوازناته، وحاجاته، بدايةً وليس انتهاءً بموازين القوى الدولية، بعد أن تم تدويل الأزمة.
مرت الأعوام تلو الأخرى، وفاتورة الدم والدمار بارتفاع جنوني، لأزمة وصفت بأنها أكبر كارثة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية، بمئات آلاف الشهداء، ودمار واسع في البنى والممتلكات العامة والخاصة، ومحاولات عرقلة وتأخير الحل السياسي، لم تتوقف للحظة من جنيف 2 إلى جنيف3 بجولاته، وبمحاولات بائسة أيضاً من شتى الأطراف بإبعاد أصحاب الحل عن مكانهم في صلب هذا الحل.
اليوم ومن على مشارف جولة جديدة وربما حاسمة من جنيف3، يمكننا القول أنه وبعد ست سنوات من المعارك العسكرية والسياسية، بالرضا أو الإكراه وصل الجميع إلى الطريق الذي دشناه في أيام الأزمة الأولى، وبالتالي، بالعودة إلى ما بدأنا به، لا يمكن اليوم لأي إعلام أو شخصيات، بل يمكننا الذهاب بالقول لأبعد من ذلك، لا يمكن لأي قوة إعلامية أوسياسية محلية أو إقليمية وضع أي مطبات أو عثرات في هذا الطريق.
إن ما تشاهده القوى المتشددة اليوم أمام أعينها عشية انطلاق الحل السياسي أشبه بمشاهدة فلم رعب، لامجال لإيقافه، في وقت لم يعد جهاز التحكم بين أيديهم، فلا خيار بالعودة للخلف، إنه اتجاه واحد، وبنهاية لا مجال أن تكون، إلا لصالح الشعب السوري.
مرحباً بالحل السياسي، ومرحباً بكل من يريد الحل قولاً وفعلاً، فقد بدأ زمن الحكمة والعقلانية، وإبداع الحلول لبنك الأزمات، وولى زمن المكابرة، وتعكير الأجواء والاصطياد فيها، وبدأ زمن توحيد البنادق والخنادق ضد الإرهاب، زمن إيقاف موجات النزوح والتشرد، وإعادة اعمار العالم المادي والروحي للإنسان السوري، بدأ زمن التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.
افتتاحية قاسيون 798