د. قدري جميل: «من لا يريد الحوار.. فليتنحى جانباً»!
نشرت صحيفة «أزفستيا» الناطقة بالروسية يوم الخميس 14/7/2016 حواراً أجرته مع د.قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية، رئيس «منصة موسكو» للمعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف، تناول آخر تطورات الوضع السوري ومجريات الحل السياسي للأزمة السورية وآفاقه. وينشر موقع «قاسيون» فيما يلي ترجمته لهذا الحوار:
توقفت جولة المحادثات الماضية في نيسان، لأن المشاركين لم يتوصلوا لرؤية مشتركة حول التسوية، برأيك ما هو سبب تأخير استئناف الحوار؟
يتعلق التأخير أساساً بالموقف المتخذ من قبل مجموعة الرياض ,وداعميها، فهم وبشكل واضح غير مسرورين بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ويحاولون لذلك عرقلة تنفيذه. على الأخص، يدّعون وجود حاجة لوضع استراتيجية جديدة لحل الأزمة السورية. وهذا يعني إعادة النظر بقرار مجلس الأمن، وهذا القرار بالمناسبة، يعكس موقفاً مشتركاً للاعبين الأساسيين في المنطقة. موقف كهذا يدل على الرغبة في دفع الحل مرة أخرى إلى طريق مسدود، وتدمير التقدم الذي تم إحرازه سابقاً. بالمقابل، أرى أنّ استراتيجية الحل في سورية قد وضعت فعلاً، بل وتم تطويرها، وينبغي التمسك بها. من لا يريدون ذلك فلينؤوا بأنفسهم عن المفاوضات، فلا حاجة لمواقف مزدوجة: من جهة يقولون أنهم موافقون على التفاوض ومن جهة أخرى، وعملياً يسعون لتخريبه.
صرح مسؤولون روس في وقت سابق بأنّه في حال قاطعت مجموعة الرياض المفاوضات فإنّ الاتفاق سيجري دونها. برأيكم هل من الممكن التوصل للتسوية بغياب هذه المجموعة؟
بالطبع ذلك ممكن. هنالك معارضة تمثلها منصات عدة، وهي على استعداد للتفاوض، مجموعة الرياض ليست سوى جزء من المعارضة، على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام تحاول تقديمها كممثل وحيد للمعارضة. غياب عنصر واحد لن يفشل المفاوضات.
قلت أنّ من يعيق المفاوضات ليست مجموعة الرياض وحدها، بل ومن يقفون ورائها، وربما تقصد بقولك هذا الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول. رغم ذلك، فقد ظهر في وقت سابق أن موقفي واشنطن وموسكو متقاربين، ومع ذلك، كما اتضح في الواقع لم يكن هناك نتيجة لهذا التقارب. ما تعليقك على هذا؟
تقول الولايات المتحدة أن لا تأثير لها على الجماعات المسلحة التي تتحالف مع إرهابيي جبهة النصرة. ولكن، هذا ادعاء غير صحيح طبعاً، لأن الولايات المتحدة من خلال حلفائها في تركيا والمملكة العربية السعودية لديها تأثير على الوضع الميداني مع محاولة تجييره إلى صالحها بغية اكتساب ورقة رابحة في المفاوضات. وفي الوقت نفسه تقوم واشنطن بعرقلة التسوية السياسية وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254. ولكن أعتقد الآن أنه على العكس من ذلك فإن الولايات المتحدة معنية حالياً بتسريع الحل السياسي للصراع لأن مستوى التغير في ميزان القوى لا يعمل في صالحها وهي تدرك استحالة حل الأزمة بالوسائل العسكرية. فالوضع الميداني لجماعات المعارضة المسلحة التي شكلتها واشنطن ليس في أفضل حالاته ولكنها تحاول إدامة الاشتباك على أمل تحصيل مكاسب سياسية على طاولة التفاوض.
يقال إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيبحث خلال زيارته إلى موسكو، التي ستبدأ يوم 14 تموز بلورة خطة جديدة لتنسيق الإجراءات بين روسيا والولايات المتحدة في سورية. هل تتوقع تقدماً إيجابياً في ضوء هذه المبادرة؟
أعتقد أنه سيتعين على الأمريكيين في نهاية المطاف الانضمام إلى الحملة الجارية على جبهة النصرة وحلفائها، وهذا ما سيحدث عاجلاً أو آجلاً. الوضع في سورية يشبه بشكل أو بآخر ما جرى إبان الحرب العالمية الثانية، عندما اضطرت بعض الدول الغربية لمواجهة النازية بعد فترة طويلة من محاولة السكوت عنها ودعمها.
في نهاية مايو، أي بعد الجولة الاخيرة من المحادثات، أعلن مستشار «مجموعة الرياض» يحيى العريضي استعداد المجموعة للعمل مع منصتي «موسكو- القاهرة» ضمن وفد مفاوض واحد. كيف تشعر حيال هذه الفكرة؟
هذا قيل حقاً، لكن المتحدث الذي ذكرته قال أن «مجموعة الرياض» مستعدة للتوحد، إذا قبلنا ببرنامجهم. وقلت أنا حينها له أن الخاسر لا يمكن أن يفرض شروطاً. فمن الناحية العملية فإن «مجموعة الرياض» قد هُزمت سياسياً، وهي تضع شروطاً مسبقة قبل بدء الفترة الانتقالية، بما لا يمكن القبول به من حيث المبدأ. ومع ذلك، رأينا هو أن إنجاح المفاوضات يتطلب وجود وفد واحد من المعارضة يضم ممثلين من المنصات جميعها أصحاب المصلحة بالحل السياسي.
قال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي إن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا يستغرق وقتاً طويلاً دون أداء واجباته. هل تتفق مع هذا التقييم؟
من الناحية الشكلية أتفق مع هذا الكلام. فمن الناحية القانونية ينبغي على دي ميستورا تحديد موعد مفاوضات جنيف ضمن الآجل الزمنية لجدول الأعمال الوارد في 2254. ولكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يفعل أي شيء حتى يكون هناك توافق في الآراء بين أعضاء المجموعة الدولية لدعم سورية جميعهم. وبالتالي، ينبغي تحقيق أعلى حد من التوافق في الآراء داخل هذه المجموعة. وإن تجاوز الخلافات بداخلها سيسمح للسوريين بالتقاط زمام المبادرة بأنفسهم. فمع وجود التدخل الخارجي، حيث لا تزال مثلاً الحدود مع تركيا مفتوحة لتمرير الأسلحة والمسلحين إلى الأراضي السورية يصعب الحديث عن تسوية سياسية كاملة وحقيقية.
بشكل عام، كيف تقيمون احتمالات التسوية؟ وكيف يتم حماية فرص المصالحة؟
لا يوجد حل للأزمة السورية إلا بالوسائل السياسية، أظهرت تجربة السنوات الخمس الماضية من الصراعات المسلحة أن حل الأزمة بالوسائل العسكرية مستحيل. وواهم من يعتقد بغير ذلك. ومن ناحية أخرى فإن استمرار الأزمة سيؤدي إلى انهيار سورية واختفائها عن الخريطة السياسية كبلد. لذلك من المهم الآن التأكيد أنه في حال حدوث ذلك لن يكون هناك رابح أو خاسر في سورية، حينها سيكون السوريون كلهم خاسرون.
ترجمة قاسيون