د. جميل: من الممكن أن نتوقع خروقات مهمة على صعيد الحل السياسي
أجرت صحيفة «القدس العربي» بتاريخ 15-3-2016 حواراً هاتفياً مع د. قدري جميل، عضو وفد الديمقراطيين العلمانيين إلى جنيف3، وأمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير. ونشرت صباح اليوم جزءاً من الحوار على موقعها الرسمي وفيما يلي نشر الحوار كاملاً..
في سؤال حول القرار الروسي بسحب القوات الأساسية العاملة في سورية قال جميل: «أولاً تم تنفيذ الأهداف الأساسية للعملية العسكرية الروسية، وهي إيقاف انهيار الدولة السورية أمام تمدد الإرهاب، وثانياً هذا القرار سيعطي زخماً جديداً للعملية السياسية، أما ثالثاً فإنه سيؤدي إلى تحقيق العملية السياسية لهدف توحيد السوريين وتوجيه جميع بنادقهم نحو الإرهاب. الذي كان يتقدم وبدأ ينحسر الآن، ومن أجل استئصاله نهائياً.
وأخيراً يمكن أن أقول أنه رغم كل الكلام الإعلامي الموجه ضد الروس، والذي كان منتشراً بالفضاء الإعلامي وعند بعض السياسيين حول العملية العسكرية، فقد جاء قرار الإنهاء ليثبت أن الروس كانوا صادقين حين قالوا أن العملية مؤقتة، وأعتقد أن حظوظ العملية السياسية أكثر وأكبر بعد هذا القرار).
تزامن القرار الروسي والمفاوضات
وحول انسحاب القوى الأخرى في سورية الداعمة للحكومة السورية، أشار أمين حزب الإرادة الشعبية بأن (هذا الأمر يتطلب عملياً انسحاب جميع القوى الأخرى المقاتلة في سورية، وإعلان واضح من قبل القوى الإقليمية التي تتدخل في سورية وتدعم الإرهابيين، بالكف عن ممارساتها السابقة بضخ التمويل والتسليح والمقاتلين إلى سورية، وأن تتعهد بذلك وتقوم بالتنفيذ، وبالعموم فإن موقفنا في وفد الديمقراطيين العلمانيين المعارض، وفي جبهة التغيير والتحرير، واضح بضرورة انسحاب جميع الأجانب من سورية، ولم يعد مهماً من أتى أولاً أو تالياً، المهم اليوم خروج الجميع، وليكي يتم الأمر لابد من عملية سياسية واضحة المعالم).
وبما يخص دلالات تزامن سحب روسيا لقواتها مع المباحثات غير المباشرة، والمباشرة لاحقاً في جنيف قال جميل: (أنا برأيي القرار الروسي بإيقاف العمليات العسكرية وانسحاب القوى الأساسية من الطيران، له توقيته الزمني السابق، والذي كان يسير بشكل مستقل عن العملية السياسية ولكن حصل أن ارتبط الأمران مع بعضهما البعض، وهذه باعتقادي (بادرة خير) لأنها ستدفع العملية السياسية إلى الأمام).
وفد الديمقراطيين العلمانيين.. والمعارضة التاريخية
وحول طبيعة مشاركة وفد الديمقراطيين العلمانيين، في المحادثات الحالية في جنيف، وفي سؤال عن احتسابه على أي طرف، رد قدري جميل: (نحن معارضة قبل المعارضات الأخرى، نحن معارضة تاريخية، وليس من 15 آذار فقط، بل منذ عقود ولذلك لا يمكن لأحد أن يزاود علينا في هذا الأمر، نحن وكمعارضة سياسية رفضنا حمل السلاح لأننا كنا مدركين أن الأمر سيؤدي بسورية إلى ما لا تحمد عقباه، وكمعارضة سياسية طالبنا ونطالب بتغير جذري للنظام، وليس بتغير رموزه فقط، لأن تغيير الرموز سيبقي النظام ويأتي برموز جديدة، لذلك نحن نعتقد جازمين بأن موقفنا بالتغيير هو الموقف الصحيح لأنه يريد تغير النظام تغييراً شاملاً جذرياً اقتصادياً اجتماعياً وسياسياً، وليس عملية تجميل سطحية توحي للناس وتضللهم بأنه جرى التغيير كما في دول أخرى).
التنازلات الضرورية.. والمرحلة الانتقالية
وفي الحديث عن تصريح قدري جميل، بأن النظام والمعارضة لم يدركا بعد أن تطبيق القرار الأممي قد بدأ، وضّح عضو جبهة التغيير والتحرير: (للدقة قلت أن قسماً من النظام وقسماً من المعارضة لم يدركا أن العملية السياسية الجدية قد بدأت وهذه مشكلتهم، العملية التي تتطلب تنازلات المتبادلة، وتقتضي عدم التمترس عند المواقف السابقة. بما يعني التخلي عن المخططات والأهداف والبرامج السابقة التي لا يمكن فرضها على الآخرين سياسياً وإنما عن طريق توافقات، وقد فسرت لماذا لا يدركان.. لأن كلا الطرفين يتصرفان بعقلية المنتصر، يريدان الانتصار سياسياً، ويطلبان من الطرف الآخر الاستسلام دون قيد أو شرط بينما العملية السياسية تقتضي التنازلات المتبادلة، والأهم أن هذا ما تقتضيه مصلحة الشعب السوري العليا لإنهاء الكارثة الإنسانية ودحر الإرهاب نهائياً واستئصاله)..
وحول الخلاف على توصيف المرحلة الانتقالية بين النظام والمعارضة، وتصريح قدري جميل بأن النظام يتحدث عن حكومة غير واقعية والمعارضة كذلك، صحح جميل بدوره التصريح المجتزأ راداً: (لقد تحدثت عن هذا الموضوع ولكن ليس بهذا الشكل، لقد قلت أن قرار مجلس الأمن والقرارات الدولية منذ جنيف1 تقول بمرحلة انتقالية والمرحلة تتطلب جسم انتقالي.
النظام يقول بأن الجسم الانتقالي هو حكومة موسعة، والمعارضة المتشددة، تريد هيئة انتقالية غير معروفة المعالم والصلاحيات، ودون تحديد، وقد شبهت في حينها منطقهم في معالجة هذه المسألة، بمنطق مجالس قيادات الثورة بعد الانقلابات العسكرية في سورية، بينما المطلوب حسب قرار جنيف1 جسم انتقالي بالموافقة المتبادلة والتراضي بين الطرفين، أي أنهما يجب أن يقبلا ببعضهما البعض فعلى النظام أن يتقبل المعارضة، وكذلك الأمر على المعارضة أن تتقبل النظام، والجسم الانتقالي بالنهاية، يجب أن يتحدد بتوافقات الطرفين وبشكل عادل).
وحول رأي د. قدري جميل في المرحلة الانتقالية، بصفته أحد أعضاء وفد الديمقراطيين العلمانيين قال: (تكمن مهمة المرحلة الانتقالية بأن يكون للجسم الانتقالي الصلاحيات الكافية لتنفيذ قرار مجلس الأمن وهذا ما سيُبحث على طاولة المفاوضات.
قرار مجلس الأمن بالعملية السياسية، يقتضي وجود حكومة لديها الصلاحيات لتنفيذ القرار، ويقتضي من جهة أخرى تغيير الدستور، ما ينبغي بحث معالمه العامة في جنيف، وصولاً إلى ما نص عليه القرار بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية، وهذه رؤيتنا لمهمات المفاوضات الرئيسية اليوم، ما يتطلب تثبيت وقف إطلاق النار وتحويله إلى وحدة للسوريين ضد الإرهاب وتخفيف الكارثة الإنسانية على حدودها القصوى إلى أن نخرج نهائياً من النفق).
المحادثات مباشرة أم غير مباشرة؟
توقع قدري جميل خروقات مهمة على صعيد الحل السياسي موضحاً: (أعتقد أنه من الممكن أن نتوقع خروقات مهمة على الصعيد الحل السياسي، فالهدنة نجحت والمساعدات الإنسانية تصل لمحتاجيها كما لم تصل سابقاً، وينبغي تعزيز هذين الأمرين، والعملية الروسية العسكرية بتوقفها تفتح آفاق رحبة للوصول إلى الاتفاق وهي رسالة جدية للأطراف المتشددة هنا وهناك، حيث تُعتبر رسالة للمعارضة المتشددة التي تبالغ بالوجود الروسي إلى حد وصفه بالاحتلال، ورسالة للنظام بأن الوجود فعلاً مؤقت وليس أبدي).
كما تمنى جميل أن تبدأ المحادثات المباشرة فوراً، موضحاً أنها: (ستكون إحدى الأفكار التي سنطرحها غداً على ديمستورا ولا نرى مانعاً لها)، وأضاف في توضيحه لعوائق المحادثات المباشرة بالقول: (أن حجم الهوة بين النظام وبين المعارضة كبير، وأنه من الممكن لبدء المحادثات المباشرة أن يؤدي لفشل العملية كلها بينما لا أعتقد أن وفد الديمقراطيين العلمانيين، وهو كذلك وفد العقلانيين، يمكن أن يؤدي إلى نفس النتيجة بل يمكن أن يؤدي بالفعل إلى إحداث اختراقات هامة على المستوى السياسي).
مشاركة (الاتحاد الديمقراطي)..و(الفيدرالية)
وحول مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي أشار جميل: (يشكل وفد حزب الاتحاد الديمقراطي جزءاً رئيسياً من وفدنا، وفد منصتي القاهرة وموسكو وجرى منعه من المشاركة بقرار تعسفي تحت الضغط التركي، الروس وعدونا خيراً، والأمريكيون منذ الجولة الماضية قالوا أن حضور الأكراد سيكون لاحقاً، وأنا اعتقد أن الضغط الأمريكي على الأتراك ليس كافياً لتذليل هذه العقبة، ولكنهم أي الأمريكيون، قد وعودوا بأنه سيتم حل مشكلة تمثيل الأكراد قبل نهاية الجولة الثانية، ونحن متمسكون بهذه المشاركة، على اعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي، جزء لا يتجزأ من المعارضة السورية، وهم معارضة تاريخية وليست طارئة كما البعض، وهم معارضة لها وزنها السياسي والعسكري على الأرض ولا يمكن الحديث عن حل في سورية دونهم).
الفدرالية كانت أيضاً سؤالاً مطروحاً، ليوضح د.قدري في رده الموقف العام في جبهة التغيير والتحرير من هذه المسألة قائلاً: (لندع هذا الموضوع يُبحث على طاولة المفاوضات، ونحن في الجبهة نرى أن الفيدرالية هي أقصى درجات اللامركزية، والمطلوب في سورية أن نبحث الحدود العقلانية والمعقولة بين المركزية واللامركزية، فالفدرالية تتطلب وجود أطراف، أما في الحالة السورية يوجد طرف واحد بل جزء من طرف واحد يطالب بالفدرالية، نحن ضد أي فدرالية على أساس ديني أو طائفي أو قومي ليتبقى احتمال الفدرالية على أساس جغرافي، ولا أحد في سورية يطالب بفدرالية إلا هذا الطرف الوحيد، وجزئياً، بينما باقي المكونات الجغرافية في سورية لا تطالب بالأمر نفسه حيث أن الفدرالية تتطلب على الأقل وجود طرفين!).
وأضاف حول الموقف من احتمال إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي لفيدرالية، مستنكراً الطرح وقائلاً: (لا يمكن لحزب الاتحاد الديمقراطي الإعلان عن الفدرالية من طرف واحد لأن هذا أمر خطير جداً يهدد وحدة سورية وهو حزب عاقل ومصر دائماً على وحدة سورية والتراب السوري).
بداية التاريخ.. ومحكومون بالانتصار
ونهاية تحدث جميل عن تفاؤله بالجولة الحالية: (أنا متهم بأنني دائماً متفائل والتفاؤل بهذا المعنى، هو تفاؤل سياسي، وثقة بالمستقبل وثقة بقدرة الشعب السوري وقواه السياسية الحية والشريفة على الانتصار، وغير المتفائل لا يملك الثقة بخطه السياسي أو شعبه أو تنظيمه، نحن متفائلون لعدم وجود خيار أمامنا إلا الانتصار، وهو قدرنا، وهنا أريد أن أستشهد بما قاله المرحوم سعد الله ونوس في أوائل التسعينات : (ما يجري لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ ونحن محكومون بالأمل، وأريد هنا أن تسمحوا لي بأن أعيد صياغة هذه الفكرة بالقول "ما يجري هو بداية التاريخ ونحن محكومون بالانتصار).
قاسيون- القدس العربي