بوتين: قمة أوفا تطلق مرحلة جديدة في تنمية منظمة شنغهاي للتعاون
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن قمة أوفا تطلق مرحلة جديدة في تطور منظمة شنغهاي للتعاون، علما بأن هذه القمة تطلق عملية انضمام الهند وباكستان إلى المنظمة.
وقال الرئيس خلال اجتماع موسع في إطار القمة: "تطلق هذه القمة مرحلة جديدة في تنمية منظمة شنغهاي للتعاون، وذلك بإطلاق عملية انضمام عضوين جديدين هما الهند وباكستان، وذلك لأول مرة في تاريخ المنظمة".
وأضاف بوتين أن زعماء دول "شنغهاي" اتفقوا أيضا على ترقية وضع بيلاروس في المنظمة ومنحها صفة دولة مراقب.
وتابع الرئيس الروسي: "أما أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال فستنضم إلى أسرة "شنغهاي" بصفة شركاء في الحوار".
وأضاف أن عددا كبيرا من الدول تبدي اهتمامها بالانضمام إلى أنشطة المنظمة بصيغة أو بأخرى، مؤكدا أن دول "شنغهاي" ستدرس جميع الطلبات باهتمام.
أكد الرئيس الروسي أن ضمان الأمن في فضاء شنغهاي وعلى حدود الدول الست الأعضاء (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان) يبقى من أولويات المنظمة.
وأضاف أن تدهور الوضع في أفغانستان يثير قلقا بالغا، منوها بأن تواجد القوات الدولية في هذا البلد منذ 10 سنوات لم يؤد إلى أي تحسن ملموس للوضع.
ومن العوامل التي تؤدي إلى تردي الوضع، أشار بوتين إلى تكثيف نشاط تنظيم "داعش" في هذا البلد، وتنامي كميات المخدرات التي تنتجها أفغانستان. وذكر أن قسطا كبيرا من عائدات تجارة المخدرات يوجّه لدعم الإرهابيين والمتطرفين.
ودعا الرئيس الروسي إلى إنشاء مجموعة عمل خاصة لدى هيئة مكافحة الإرهاب التابعة لمنظمة شنغهاي للتعاون، معنية بمنع تمويل الأنشطة الإرهابية عن طريق تجارة المخدرات.
وأضاف الرئيس الروسي أن زعماء "شنغهاي" اتفقوا في قمة أوفا على تعزيز التنسيق بين وزارات الدفاع من أجل زيادة فعالية إجراءات الرقابة على الوضع، وبتنسيق الخطوات المشتركة لمواجهة المخاطر المحتملة. كما اتفق الزعماء على مواصلة إجراء التدريبات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب بشكل سنوي.
بدوره أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال الاجتماع أن على دول "شنغهاي" تعزيز التعاون مع أفغانستان في مجال الأمن.
وقال: "علينا أن نلعب دورا أكبر في دعم المصالحة الوطنية والإعمار الاقتصادي".
بدوره اقترح الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزاربايف بحث مسألة استحداث شبكة عالمية موحدة لمكافحة الإرهاب على المستوى الأممي.
وذكر الرئيس في هذا الخصوص أن مشاركة مواطنين من دول "شنغهاي" في العمليات القتالية بالشرق الأوسط إلى جانب الإرهابيين تمثل خطرا كبيرا. واعتبر أن الوقت حان لاستحداث نظام عالمي موحد لمواجهة هذا الخطر، مؤكدا أن على دول منظمة شنغهاي أن تسهم بقسطها في هذه الجهود. واعتبر أنه من الضروري طرح هذه المسألة على جدول أعمال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما رئيس أوزبكستان إسلام كريموف فدعا إلى استحداث لجنة تابعة للأمم المتحدة معنية بقضية تنظيم "داعش" الإرهابي. وأوضح أنه يجب البحث عن جذور القضية ومن أجل بلورة موقف موحد للمجتمع الدولي بشأن طبيعة هذا التنظيم الإرهابي وسبل التصدي له.
حث رئيس طاجكستان إمام علي رحمن زعماء منظمة "شنغهاي" إلى تبني استراجيية لمكافحة تجارة المخدرات لفترة 2017-2022.
وأوضح في هذا الصدد أنه لا توجد دولة قادرة على التصدي بمفردها للقضايا العالمية الأكثر خطرا. واعتبر أن على دول "شنغهاي" تنسيق خطواتها في مكافحة تهريب وتجارة المخدرات مع أفغاستان، كما تعهد أن تواصل أوزبكستان مساهمتها في دعم عملية إعمار أفغانستان وتنميتها.
بدوره دعا الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمدزاي الذي حضر الاجتماع، زعماء دول "شنغهاي" إلى وضع استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب.
وذكر أن الإرهابيين يستخدمون الأراضي الأفغانية لزعزعة الوضع في المنطقة بشكل عام.
وتحدث عن النجاحات الميدانية التي حققتها القوات الأفغانية في الآونة الأخيرة، إذ تمت تصفية اثنين من كبار قياديي تنظيم "داعش" في أفغانستان خلال الأيام الثلاثة الماضية.
من جانب آخر أعلن زعيما الهند وباكستان أنهما ينويان بذل الجهود لتطوير البنية التحتية في منطقة شنغهاي بعد انضمامهما إلى المنظمة.
وقال رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي إن بلاده تنوي دعم الجهود الرامية إلى توفير بيئة ملائمة لإزالة جميع الحواجز التجارية والمساهمة في زيادة حجم التجارة والاستثمارات في المنطقة.
بدوره أكد رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف أن انضمام بلاده إلى المنظمة سيسمح بالربط بين أوراسيا وشبه الجزيرة العربية، مضيفا أن باكستان ستساهم بفضل طرقها البرية والبحرية في تقوية الترابط في منقطة شنغهاي وخارجها.
وبحث قادة دول منظمة شنغهاي للتعاون في القمة المنعقدة في مدينة أوفا الروسية ملفات هامة أبرزها مكافحة الإرهاب والمخدرات وكذلك التعاون العسكري والمالي.
وتشهد القمة خطوات لتوسيع المنظمة بانضمام الهند وباكستان إلى عضويتها، ومن المقرر أن تقر قمة منظمة شنغهاي في ختام أعمالها استراتيجية لتطوير المنظمة حتى عام 2025.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ردا على سؤال أحد الصحفيين عما إذا كان تصريح رئيس أوزبكستان إسلام كريموف سيؤثر على انضمام الهند وباكستان للمنظمة: "يجري نقاش ولأجل ذلك يجتمع الآن قادة الدول في إطار ضيق بهدف صياغة موقف مشترك. ووهذا ليس حدثا احتفاليا، بل لقاء عمل".
وكان رئيس أوزبكستان صرّح الجمعة 10 يوليو/تموز بأن انضمام دول جديدة تملك أسلحة نووية إلى منظمة شنغهاي للتعاون يمكن أن يغير موازين القوى في العالم، ولذلك رأى كريموف أن هذه المسألة ليست بسيطة.
وتنضوي في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون 6 دول هي روسيا وكازاخستان والصين وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وتشارك دول بصفة مراقب في أعمال المنظمة هي الهند وباكستان وإيران وأفغانستان ومنغوليا وبيلاروس، إضافة إلى مشاركة تركمنستان في هذه القمة بصفة ضيف الرئيس الروسي، فيما تحظى سريلانكا وتركيا بصفة شريك في الحوار.
وتتولى روسيا منذ عام 2014 رئاسة منظمة شنغهاي للتعاون، وقد سعت في أولوياتها خلال هذه الرئاسة إلى صياغة موقف مشترك لأعضاء المنظمة حيال القضايا الإقليمية والدولية الملحة.
وقدّمت إيران رسميا طلب الحصول على عضوية المنظمة، فيما طلبت بنغلادش وبيلاروس، وسريلانكا، وسورية وأوكرانيا وجزر المالديف وكمبوديا ومصر منحها وضع مراقب أو شريك.
ويعود تاريخ تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون إلى عام 1996، حين وقع زعماء روسيا والصين وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان في شنغهاي اتفاقية بشأن تدابير الثقة في المجال العسكري على الحدود المشتركة.
ووقعت هذه الدول عام 1997 في موسكو على اتفاق لخفض متبادل للقوات العسكرية في المناطق الحدودية، ووضعت هاتان الوثيقتان آلية للثقة المتبادلة في المناطق الحدودية وساهمت في إقامة شراكة بين هذه الدول. وبعد انضمام أوزبكستان للمنظمة عام 2001 ارتفع عدد الدول الأعضاء من 5 إلى 6، وأخذت اسمها الحالي "منظمة شنغهاي للتعاون".
وأقر قادة دول منظمة شنغهاي للتعاون خلال قمتهم في مدينة سان بطرسبورغ الروسية عام 2002 القاعدة القانونية المحددة لمقاصد منظمة شنغهاي للتعاون ومبادئها ومكوناتها وأنشطتها متمثلة في الميثاق الذي أصبح ساري المفعول في 19 سبتمبر عام 2003.
وأعلنت المنظمة في عام 2006 عن خطط لمكافحة الاتجار بالمخدرات على المستوى الدولي، فيما اتخذت في عاصمة قرغيزيا بشكيك خطوة هامة عام 2007 تمثلت في التوقيع على اتفاقية طويلة الأمد لحسن الجوار والصداقة والتعاون.
بالتوازي مع ما ذكر أعلاه اتسم نشاط منظمة شنغهاي بتوجه اقتصادي موسع، حيث وقع رؤساء حكومات دول المنظمة عام 2003 على برنامج للتعاون التجاري والاقتصادي متعدد الأطراف مدته 20 عاما، يتوخى على المدى الطويل إقامة منطقة للتجارة الحرة في فضاء المنظمة، ويسعى على المدى القصير إلى العمل على توفير الظروف المناسبة للتجارة والاستثمار.
ويعد مجلس رؤساء الدول الأعضاء، أعلى هيئة في منظمة شنغهاي للتعاون، يجتمع مرة واحدة في العام لاتخاذ قرارات وتوجيهات بشأن القضايا الهامة للمنظمة، فيما يبحث مجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء بدوره خلال اجتماعه السنوي استراتيجية التعاون متعدد الأطراف والأولويات في إطار عمل المنظمة، واتخاذ القرارات حيال قضايا التعاون الملحة والمبدئية، وكذلك إقرار ميزانية المنظمة.
جدير بالذكر أن المساحة الإجمالية للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون تبلغ نحو 30.19 مليون كيلو متر مربع، أي ما يعادل 3/5 مساحة أوراسيا، وعدد سكانها 1.5 مليار نسمة، أي نحو ربع سكان الكرة الأرضية.
هذه الخصائص التي تتميز بها منظمة شنغهاي توفر قاعدة واسعة للتعاون وربط الصلات ومواجهة التحديات على قواعد متينة من الثقة بين دول متجاورة، تتكاتف ضمن برنامج طموح يرسخ عالما متعدد الأقطاب.