افتتاحية قاسيون 613 «الحرب الوطنية» بمفهومها الشامل

افتتاحية قاسيون 613 «الحرب الوطنية» بمفهومها الشامل

يستمر المتشددون والفاسدون الناهبون في طرفي الصراع، وهم وجوه لجوهر واحد، بمحاولات تعميق جراح الشعب السوري وتكريس الأزمة الراهنة بإحداثياتها العنيفة عسكرياً واقتصادياً..

 


 فالدماء التي يبذلها الجيش العربي السوري إضافةً إلى آلام ودماء السوريين، ليست بالنسبة لهؤلاء إلا أوراقاً للضغط من أجل إعادة تحاصص النهب بين جهتين: فاسدين متأصلين داخل جهاز الدولة وعلى تخومه وخارجه ولصوص مستجدين.. وأخطر ما في المسألة أن كلاً منهما يغطي جرائمه تحت شعارات ولبوسات «وطنية» حيناً و«إنسانية» حيناً آخر، وطائفية أكثر الأحيان.. وهم إذ يشجعون الطائفية، فليس ذلك لأنهم طائفيون وإنما هم طائفة واحدة من اللصوص العابرين لكل الانتماءات، ولكن لكي يفتح فقراء الشعب السوري الرصاص على بعضهم بعضاً ليصب الدم في سواقي الفساد القذرة.. من أجل هذا فإن مفهوم «الحرب الوطنية» نفسه أصبح بحاجة إلى إعادة تعريف..
إن الحرب الوطنية تهدف من حيث جوهرها إلى الحفاظ على البلد في وجه أعدائه وصولاً إلى كسرهم ودحرهم، والحفاظ على البلد يعني بالدرجة الأولى الحفاظ على استمرار حياة شعبه وعلى اقتصاده وعلى أمنه وعلى كرامته الوطنية وكرامة أبنائه. وبالملموس فإن الحرب الوطنية بشقيها الداخلي والخارجي تعني معاداة الغرب الاستعماري ليس بالكلام، وإنما بالفعل أي بالسلاح وبالاقتصاد أيضاً، أي أن معاداة الغرب تعني القطع النهائي مع السياسات الليبرالية «المتبطرة» التي تحتفي بمن تسميهم «رجال الأعمال» وتترك الشعب نهباً للفقر وللعوز..
وإن حرباً وطنية يلزمها حكومة حرب ببيان حرب وصلاحيات حرب وإجراءات حرب، فإذا كان بيان الحكومة الحالية هو بيان حل المشكلات المستعجلة، فإن هذه المشكلات نفسها ونتيجة لتراكمها دون حل وتعقدها الشديد وتفاقمها لم تعد قابلة للتجاوز بعقلية الحلول الجزئية، ولذا فإن بياناً جديداً يرتكز في حل القضايا الملحة إلى برنامج حقيقي، قصير ومتوسط المدى، هو ضرورة عاجلة للانتصار في الحرب التي يشنها الغرب يداً بيد مع الفاسدين في جهاز الدولة وخارجه.. فهل يمكن القبول باستمرار استرضاء الصيارفة والتجار الكبار في ظل الحصار وفي ظل الحرب؟! وهل يمكن السكوت عن ممتلكات ومصالح لدول معادية، وبينها قطر لا تزال تعمل على أرضنا التي تشبعت بدماء الشهداء، وكأن شيئاً لم يحدث!!
وإن حرباً وطنية تعني تحالفاً وطنياً واسعاً، يكسر الانقسامات الوهمية التي غدت سمجة ومنافقة بشكل واضح بين موال ومعارض وبين قومية وآخرى أو طائفة وأخرى، تحالفاً يضم جميع الوطنيين داخل جهاز الدولة وخارجه، معارضين وموالين، مسلحين ومدنيين، في وجه غير السوريين من تكفيريين وجهاديين ومن في حكمهم، وفي وجه الفاسدين الكبار الذين لا يستحقون استمرار حملهم للجنسية السورية بحالٍ من الأحوال..
وإذا كانت حقائق الحياة تظهر أن المعركة الوطنية تتجاوز بكثير الوهم المعبر عنه بمقولتي «الحسم» و«الإسقاط»، فهي تؤكد ضرورة القطع مع الاستنزاف المستمر للبلاد، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ونقدياً، والذي لا يخدم إلا أعداء سورية، وهي لذلك معركة الإصرار على الحل السياسي القادر دون غيره على عزل المتشددين والفاسدين وكشف تحالفاتهم وبرامجهم المخفية، بما لا يترك إلا خياراً وحيداً أمام عموم الشعب السوري، هو الانتصار في معركة وجوده.