نداء لينين وستالين إلى مسلمي روسيا والشرق
تعريب وإعداد: د. أسامة دليقان تعريب وإعداد: د. أسامة دليقان

نداء لينين وستالين إلى مسلمي روسيا والشرق

نعرض أدناه نصّ النداء الذي وجّهه لينين وستالين باسم مجلس مفوضي الشعب بعد الثورة البلشفية إلى مسلمي روسيا والشرق في 7 كانون الأول 1917. ولكن قبل ذلك من المفيد التذكير بتاريخ اتفاقية سايكس-بيكو الاستعمارية السرّية التي قسّمت شرقنا العظيم، حيث ترد في نداء لينين وستالين هذا إشارةٌ إلى فضح البلاشفة واستنكارهم لهذه الاتفاقية.

موجز لتاريخ سايكس-بيكو

كانت الغالبية العظمى من الدول العربية ولايات تابعة للإمبراطورية العثمانية، لأربعة قرون منذ بداية القرن السادس عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، بينما وقع الجزء الغربي من الشرق العربي تحت سيطرة القوى الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا).
في عام 1916، اتفقت لندن وباريس سرّاً على التقسيم المستقبلي للجزء الآسيوي من الأراضي العربية التابعة لسلطان الدولة العثمانية، بحيث كان مقرراً أن تصبح الولايات العربية للإمبراطورية العثمانية بعد هزيمتها تحت انتداب هذه الدول. ودخل السياسي الإنكليزي، السير مارك سايكس، والدبلوماسي الفرنسي، فرانسوا جورج بيكو، التاريخ الاستعماري الأسود بوضعهما النسخة الأولى لهذا التقسيم الاستعماري.
بدأ سايكس السفر إلى الشرق الأوسط في وقت مبكر من حياته في سن 11 عاماً مع والديه - السير تيتون غريب الأطوار، ووالدته جيسيكا المدمنة على شرب الكحول. وشغل سايكس منصب الملحق في السفارة البريطانية في القسطنطينية.
أما فرنسوا جورج بيكو، وفقاً لأحد الكتاب الإنكليز، فكان يؤمن بـ«الواجب الحضاري» لفرنسا. حتى أنه قبل الحرب العالمية الأولى خدم كقنصل في بيروت، وحافظ على اتصالات نشطة مع القوميين العرب. ولكنه كما سايكس، كان مقتنعاً بغطرسة، بأنّ شعوب المنطقة غير ناضجة بما فيه الكفاية لإدارة أراضيها.
في عام 1915، تم تكليف هذين المهندسين الاستعماريين برسم حدود القوتين العظميين في الولايات العربية الخاضعة للحكم العثماني، وفي تشرين الثاني لعام 1915، قاما برسم خط مستقيم على الرمال بين مدينة عكا الفلسطينية بالقرب من حيفا على البحر المتوسط، ومدينة كركوك في شمال العراق، وعرف هذا الخط باسم خط «E – K» ، وحرف (E) كان مأخوذاً من الحرف الأخير من الاسم الإنكليزي لمدينة عكا والحرف الثاني هو الأول في اسم مدينة كركوك، وإلى الجنوب من هذا الخط، كان يقع نطاق سيادة إنكلترا، وإلى الشمال فرنسا. ولم تلتزم إنكلترا بوعدها لملك الحجاز، الشريف حسين، الذي قدم من قبل المفوض السامي -حاكم مصر، السير هنري مكماهون- بدعم مشروع إنشاء دولة عربية واحدة في المشرق (الجزء الشرقي من العالم العربي)، مقابل مشاركته في الحرب ضد الأتراك.
وقّعت اتفاقية سايكس-بيكو يوم 16 أيار من عام 1916، ولكن حدود تقسيم المشرق تم إنجازها في وقت لاحق؛ في مؤتمر باريس للسلام (18 كانون الثاني 1919 إلى 21 كانون الثاني 1920)، وفي معاهدة «سيفر» الموقعة يوم 10 آب 1920، وفي مؤتمر «سان ريمو» 19-26 نيسان 1920 في لوزان.
كما أصبح «وعد بلفور» جزءاً من خطة الإدارة الإنكلوفرنسية للمشرق. وفي الرسالة المؤرخة بتاريخ 2 تشرين الثاني، من وزير الخارجية البريطاني، السير آرثر بلفور، إلى اللورد روتشيلد لمنح الاتحاد الصهيوني موافقة لندن على مشروع «إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين».

نصّ نداء لينين وستالين

أيها الرفاق! أيها الإخوة!
تجري أحداث عظيمة في روسيا. وتقتربُ نهاية الحرب الدموية التي بدأت بهدف تقسيم الأراضي الأخرى. إنّ حكم اللصوص والمستعبِدين لشعوب الأرض على وشك الانتهاء. تحت ضربات الثورة الروسية ينهار العالَم القديم من العبودية والقنانة... يولَدُ عالَمٌ جديد، عالَمُ العمّال والأحرار. إن حكومة العمال والفلاحين في روسيا، ومجلس مفوّضي الشعب، تقف على رأس هذه الثورة.
إنّ روسيا كلّها مزروعة بمجالس العمال والجنود والفلاحين الثورية. والسلطة في البلاد في أيدي الشعب. إنّ الشعب العامل في روسيا لديه رغبةٌ واحدة ملحّة - تحقيق السّلام المشرِّف ومساعدة الشعوب المضطهَدة في العالَم على النضال من أجل حريتها.
إنّ روسيا ليست وحدها في هذه المهمّة المقدَّسة. إنّ نداء الحرية الذي أطلقتْه الثورة الروسية يصل إلى جميع عمّال الشرق والغرب. إنّ الشعوب المنهَكة المتحاربة في أوروبا تمدّ أيديها إلينا بالفعل، نحن الذين نصنع السلام. إنّ عمال وجنود الغرب يتجمّعون بالفعل تحت راية الاشتراكية، ويقتحمون معقل الإمبريالية. والهند البعيدة، التي اضطهدها «المستنيرون» الغزاة الأوروبيّون لقرونٍ من الزمان، ترفع الآن رايةَ الثورة، وتنظّم مجالسَ نوابها، وترمي العبودية المكروهة من على أكتافها، وتستدعي شعوب الشرق إلى النضال من أجل التحرير...
وفي مواجهة هذه الأحداث العظيمة، نتوجَّه إليكم، أيّها المسلمون الكادحون والمحرومون في روسيا والشرق.
مسلمو روسيا، والتتار في الفولغا والقرم، والقرغيز، والسارت في سيبيريا وتركستان، والأتراك والتتار فيما وراء القوقاز، والشيشان والجبليّون في القوقاز - كل أولئك الذين دُمِّرَتْ مساجدُهم وكنائسُهم، وتمّ الدوس على معتقداتهم وعاداتهم تحت أقدام قياصرة روسيا ومضطهديها!
ومن الآن فصاعداً، أصبحت معتقداتكم وعاداتكم ومؤسساتكم الوطنية والثقافية حرةً وغير قابلة للانتهاك. ابنوا حياتكم الوطنية بحرية ودون عوائق. إنكم تملكون الحقّ في ذلك. واعلموا أنّ حقوقكم، وكذلك حقوق جميع شعوب روسيا، محميّةٌ من قبل مجالس نوّاب العمال والجنود والفلاحين.
دافعوا عن هذه الثورة وحكومتها المفوَّضة!
يا مسلمي الشرق، والفرس، والأتراك، والعرب، والهندوس، وكلّ أولئك الذين قايَضَهم لصوصُ أوروبا الجشعون على حياتهم وممتلكاتهم وحرّيتهم وأرضهم لقرونٍ من الزمان - كلّ أولئك الذين يريد اللصوص الذين بدأوا الحرب تقسيمَ بلادهم!
إنّنا نعلنُ أنَّ المعاهدات السرّية التي أبرمَها القيصر المخلوع بشأن الاستيلاء على القسطنطينية، والتي أكّدَتها حكومة كيرينسكي المخلوعة، باطلةٌ ولاغية. إنّ الجمهورية الروسية وحكومتها، مجلس مفوضي الشعب، تعارضُ الاستيلاءَ على الأراضي الأجنبية؛ يجب أنْ تظلَّ القسطنطينية في أيدي المسلمين.
إننا نعلن أنّ المعاهدة الخاصة بتقسيم بلاد فارس باطلة ولاغية. وبمجرّد انتهاء العمليات العسكريّة، سوف تنسحب القوّات من بلاد فارس، وسوف يُضمَنُ للفرس الحقُّ في اختيار مصيرهم بحرية.
إنّنا نعلنُ أنَّ المعاهدة الخاصة بتقسيم تركيا وانتزاع أرمينيا منها باطلةٌ ولاغية. وبمجرد انتهاء العمليات العسكرية، سوف يُضمن للأرمن الحقّ في تقرير مصيرهم السياسي بحرية.
إن العبودية تنتظركم ليس على أيدي روسيا وحكومتها الثورية، بل على أيدي لصوص الإمبريالية الأوروبية، أولئك الذين حوّلوا وطننا إلى «مستعمَرة» مُغتَصبة ومنهوبة.
تخلّصوا من هؤلاء اللّصوص والمستعبِدين لبلادكم. الآن وقد هدَمَت الحرب والخرابُ بنيةَ العالَم القديم، وفي الوقت الذي يشتعل فيه العالم كلُّه بالغضب المحتدِم ضدّ اللّصوص الإمبرياليّين، وفي الوقت الذي تتحوَّلُ فيه كلُّ شرارة تمرُّدٍ إلى شعلة ثورة عظيمة، وفي الوقت الذي يبدأ فيه حتى المسلمون الهنود، المنهكون والمتألّمون تحت النِّير الأجنبيّ، في التمرّد ضدَّ مضطهِديهم ـ الآن أصبح من المستحيل الصَّمت. لا تضيّعوا أيَّ وقتٍ حتّى التخلّص من المستعبِدين لأرضنا منذ قرون من على أكتافهم. لا تسمحوا لهم بعد الآن بسرقة أوطانكم الأصلية. أنتم أنفسكم يجب أن تكونوا سادة بلدكم. أنتم أنفسكم يجب أن تبنوا حياتكم بطريقتكم الخاصة ووفقاً لرغباتكم الخاصة. هذا حقكم، لأن مصيركم بين أيديكم.
أيّها الرفاق! أيّها الإخوة!
فلنناضلْ بحزمٍ وحسمٍ من أجل سلامٍ ديمقراطيٍّ شريف.
ونعلن على راياتنا تحريرَ الشعوب المضطهدة في العالم.
يا مسلمي روسيا!
أيها المسلمون في الشرق!
إننا ننتظر تعاطفكم ودعمكم في هذه القضية المتمثلة في بناء عالَم جديد.
[التواقيع]:
جوغاشفيلي (ستالين)، مفوَّض الشعب لشؤون القوميات.
ف. أوليانوف (لينين)، رئيس مجلس مفوَّضي الشعب.

  • المصدر: الطبعة الإنكليزية لكتاب «اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، ستون عاماً من الاتحاد، 1922–1982» (موسكو: دار التقدّم، 1982)، ص 35. والتي بدورها نقلت عن المصدر الأصلي: صحيفة إزفستيا، العدد 232، 7 كانون الأول (ديسمبر) 1917، ص1-2.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1194