ستة أنماط من «كوفيد19» يجب أن تعرِفَها

ستة أنماط من «كوفيد19» يجب أن تعرِفَها

نشر فريق بحث من جامعة كينغ كوليدج اللندنية دراسة مهمة الشهر الماضي، قاموا فيها بتحليل بيانات مسجّلة عبر تطبيق للمحمول لتتبع أعراض كورونا المستجد COVID Symptom Study app، وخلصوا إلى تصنيف ستة «أنماط» مختلفة عن بعضها من داء كوفيد19 الناتج عن الفيروس، حيث يتميّز كل نمط بمجموعة خاصة به من الأعراض. ونُشرت الورقة الشهر الماضي على منصة MedRxiv الطبية (16 حزيران 2020)، وهي الآن في مرحلة عرضها على آراء مُحكّمة.

جامعة كينغ اللندنية
تعريب: د. أسامة دليقان

وجد فريق البحث أنّ هذه الأنماط تختلف بشدة المرض، وبدرجة الحاجة إلى الدعم التنفسي خلال القبول بالمشفى، الأمر الذي يحمل أهمية كبرى للتدبير السريري لداء كوفيد19، وقد يساعد الأطباء على التنبّؤ بمَن هم المرضى الأكثر عرضةً للخطر، والأكثر احتمالاً لأن يحتاجوا إلى رعاية مشفوية في موجةٍ ثانية من عدوى فيروس كورونا.
ورغم أنّ السعال المستمر، والترفع الحروري، وفقدان حاسّة الشم، عادةً ما يُشدَّد عليها بوصفها الأعراض الأساسية الثلاثة لكوفيد19، فإنّ البيانات التي تمّ جمعها من التطبيق آنف الذكر، تبيِّن بأن الناس قد يشعرون بطيفٍ واسع من الأعراض المختلفة، تتضمن: الصداع، ألم العضلات، الإرهاق، الإسهال، التخليط الذهني، فقدان الشهية للطعام، ضيق التنفس، وغيرها. كما ويختلف أيضاً سير المرض ونتائجه كثيراً بين الناس، متراوحاً بين أعراض شبيهة بنزلة البرد الخفيفة، أو طفح جلدي بسيط، إلى مرض شديد ومميت.
وللتعرف فيما إذا كانت أعراضٌ معيَّنة تميلُ إلى أن تظهر معاً، وكيف تتعلق بترقّي سير المرض، استعمل فريق البحث خوارزميةً لتعليم الآلات من أجل تحليل البيانات المستحصَلة من مجموعة فرعية تضمّ حوالي 1600 مستخدم للتطبيق في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ممّن أُثبِتَ لديهم تشخيص كوفيد19، وسجّلوا الدخول إلى التطبيق بانتظام وزوّدوه بأعراضهم، خلال شهرَي آذار ونيسان.
وكشف هذا التحليل عن ست مجموعات خاصة من الأعراض، تظهر في نقاط زمنية مميَّزة من سير المرض، وتمثِّلُ ستة «أنماط» من كوفيد19. بعد ذلك قاموا باختبار الخوارزمية عبر تشغيلها على مجموعة بيانات ثانية مستقلة تضمّ 1000 مستخدم في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة والسويد، والذين أدخلوا أعراضَهم خلال شهر أيار.

توقَّعْ خطورتك من أعراضِك

جميع الأشخاص الذي أبلغوا عن أعراضهم شعروا بالصداع وفقدان الشمّ، مع توليفات متنوِّعة من الأعراض الإضافية في أوقات مختلفة. وبعض هذه الأعراض، مثل: التخليط الذهني [انخفاض قدرتك عمّا اعتدت عليه، من حيث وضوح تفكيرك وسرعته وتوجّهك للزمان والمكان وانتباهك وذاكرتك وقراراتك]، والألم البطني، وعُسر التنفّس، هي أعراضٌ لكوفيد19، معروفة على نطاق واسع، ومع ذلك فإنها علائم على أشدّ أشكال هذا المرض.
الأنماط الستّة هي كما يلي:
1- نمط شبيه بنزلة البرد بلا حمّى: صداع، فقدان شمّ، آلام عضلية، سعال، التهاب بلعوم، ألم صدري، بلا حمّى.
2- (نمط شبيه بنزلة البرد مع حمّى): صداع، فقدان شمّ، سعال، التهاب بلعوم، بحّة أو خشونة الصوت، حمّى، فقدان الشهية للطعام.
3- (نمط هضمي): صداع، فقدان شمّ، فقدان شهية للطعام، إسهال، التهاب بلعوم، ألم صدري، بلا سعال.
4- (نمط شديد من المستوى الأول، الإرهاق): صداع، فقدان شمّ، سعال، حمّى، بحة أو خشونة صوت، ألم صدري، إرهاق.
5- (نمط شديد من المستوى الثاني، التخليط الذهني): صداع، فقدان شمّ، فقدان شهية الطعام، سعال، حمّى، بحة أو خشونة صوت، التهاب بلعوم، ألم صدري، إرهاق، تخليط ذهني، ألم عضلي.
6- (نمط شديد من المستوى الثالث، بطني وتنفسي): صداع، فقدان شمّ، فقدان شهية الطعام، سعال، حمى، بحة أو خشونة صوت، التهاب بلعوم، ألم صدري، إرهاق، تخليط ذهني، ألم عضلي، عُسر تنفّس، إسهال، ألم بطني.
وفي خطوة تالية، قام الباحثون بدراسة فيما إذا كان الأشخاص الذين يشعرون بمجموعات معيّنة من الأعراض أكثر عرضة لأن يحتاجوا دعماً تنفسياً، مثل: التهوية الاصطناعية أو الأكسجة الإضافية. فاكتشفوا أنّ الذين احتاجوا إلى دعم تنفسي يشكلون فقط: نسبة 1,5% فقط من أشخاص النمط الأول (من المجموعات العرضية المذكورة أعلاه)، و4,4% من أشخاص النمط الثاني، و3,3% من أشخاص النمط الثالث. أما بالنسبة للأنماط 4 و5 و6 فكانت هذه النسب على التوالي هي: 8,6% و9,9% و19,8%. وعلاوةً على ذلك، انتهى الأمر بنحو نصف المرضى ذوي النمط 6 إلى دخول المستشفى، مقارنةً بـ 16% من أولئك الذين لديهم النمط 1.
وبشكل أعمّ، فإنّ الأشخاص ذوي أحد الأنماط 4، 5، 6 من أعراض كوفيد19، كانوا ميّالين أكثر لأنْ يكونوا أكبر سنّاً وأكثر هشاشةً صحيّاً، وكانوا ذوي احتمالية أكبر أنْ يكونوا من ذوي الوزن الزائد وذوي الأمراض المزمنة الموجودة لديهم مسبقاً كالسكري أو الأمراض الرئوية، أكثر مما لدى الأنماط الثلاثة الأولى (1، 2، 3).
تحديث إضافي (17 تموز 2020): «لقد تعرّف الباحثون الآن على أنّ الطفح الجلدي عرضٌ أساس في كوفيد19 فيما يصل إلى نحو 10% من الحالات، الأمر الذي لم يكن معروفاً في وقت جمع بيانات هذه الدراسة، ولذلك من غير المعروف حالياً موقع الطفح الجلدي بالنسبة لهذه الأنماط الستة».

تنبُّؤ قد ينقذ الأرواح قبل 8 أيام

بعد ذلك قام الباحثون بتطوير نموذج يؤلِّفُ بين المعلومات حول العمر والجنس ومشعر كتلة الجسم BMI [الذي يقيس مستوى البدانة بناءً على الوزن والطول] والأمراض الموجودة مسبقاً، إضافةً إلى الأعراض المُسَجّلة على مدى خمسة أيام فقط منذ بدء مرض الشخص.
وأدى هذا إلى إمكانية التنبؤ حول في أيّ نمط مجموعة عرضية (من بين الأنماط الستة) يقع تصنيف مريضٍ ما، ومدى خطورة أن يحتاج إلى القبول في مشفى، والدعم التنفسي. وذلك بدقة احتمالية أقرب إلى الصحة من نماذج قياس الخطورة المتوفِّرة سابقاً، والتي تستند فقط إلى العمر والجنس ومشعر BMI والأمراض المسبقة.
وبما أنّ معظم الناس الذين يحتاجون دعماً تنفّسياً يقصدون المشفى بعد حوالي 13 يوماً بعد بدء أعراضهم الأولى، فإنّ هذه الأيام الإضافية الثمانية [لأنّ التنبؤ يبدأ من اليوم الخامس حسب النموذج الموصوف أعلاه - المعرِّب] تمثِّل «إنذاراً باكراً» مهمّاً حول معرفة مَن هم الذين لديهم الاحتمال الأكبر بأنْ يحتاجوا إلى وحدة عناية مشدَّدة.
«تنطوي هذه المعطيات على أهمية لرعاية ومراقبة الأشخاص الأكثر عُرضة لمستوى شديد من داء كوفيد19»، وفق الدكتورة كلير ستيفس من كلّية كينغ اللندنية. «فإذا استطعتَ أن تتنبَّأ بمَن هم هؤلاء الأشخاص منذ اليوم الخامس، سيكون لديك الوقت لتقديم الدعم والتداخلات الباكرة لهم، مثل: مراقبة أوكسجين الدم، ومستويات السكر، وضمان إماهَتِهِم جيداً [تعويض السوائل]، وهي رعاية بسيطة يمكن إعطاؤها في المنزل، مما يقيهم من دخول المستشفيات، وينقذ الأرواح».
وقالت الدكتورة كارول سودري من كلية كينغ اللندنية: «تبرهن دراستنا على أهمّية مراقبة الأعراض عبر الزمن من أجل التنبّؤ بالخطر، والنتائج الفردية بشكل أكثر إتقاناً ودقة. تساعدنا هذه المقاربة على فهم قصة هذا المرض، وهي تكشف عن نفسها في كلّ واحدٍ من المرضى، بحيث يمكنهم الحصول على أفضل رعاية». ووفق سيبستيان أورسيلين، بروفسور هندسة الرعاية الصحية في كلية كينغ اللندنية، وكبير مؤلِّفي هذه الدراسة: «إنّ القدرة على جمع مجموعات بيانات كبيرة عبر التطبيق المحمول، ومعالجتها بوساطة تقنيات تعليم الآلة، يحمل تأثيراً عميقاً على فهمنا لمدى وشدّة تأثير كوفيد19، وصحة الإنسان بشكل أوسع». ويضيف البروفسور تيم سبيكتر: «إنّ البيانات هي سلاحنا الأقوى في مكافحة كوفيد19. ونطلب بشكل مُلحّ من كلّ شخص أن ينخرط في عادة استخدام التطبيق المحمول يومياً، من أجل أن يدخل بياناته الصحية على مدى الأشهر القادمة، فيساعِدَنا باستباق أية بؤرة تفشٍّ محلّية، أو موجة عدوى ثانية».

معلومات إضافية

العدد رقم:
977
آخر تعديل على الإثنين, 03 آب/أغسطس 2020 15:13