نظام يسرق مستقبلنا عن مجلة المناخ والرأسمالية
«لقد راهنّا بصحة الأجيال القادمة لتحقيق مكاسب اقتصادية وإنمائية في الوقت الحاضر»
يبدأ تقرير رئيس عن صحة الإنسان في مجلة الأنثروبوسين، نُشر في المجلة الطبية البريطانية The Lancet، بالإشارة إلى مفارقة واضحة، مفادها أن صحة الإنسان العالمية تتحسن حتى في الوقت الذي يؤدي فيه التدمير البيئي إلى تقويضها. يقول المؤلفون إن التفسير «واضح ومباشر».
لقد راهنّا بصحة الأجيال القادمة لتحقيق مكاسب اقتصادية وإنمائية في الوقت الحاضر. من خلال استغلال موارد الطبيعة بشكل غير مستدام، ازدهرت الحضارة الإنسانية ولكنها الآن تخاطر بتأثيرات صحية كبيرة من تدهور أنظمة دعم الحياة الطبيعية في المستقبل.
هذه رؤية مهمة للغاية. ما لم يتم إجراء تغييرات جذرية قريبًا، فإن المكاسب الإنسانية التي تحققت في القرن العشرين ستصبح تكاليف باهظة في القرن الحادي والعشرين.
«تشكل الآثار الصحية الناجمة عن التغيرات التي تطرأ على البيئة، بما في ذلك التغيّر المناخي وتحمُّض المحيطات وتدهور الأراضي وندرة المياه والإفراط في استغلال مصائد الأسماك وفقدان التنوع الحيوي، تحديات خطيرة للمكاسب الصحية العالمية خلال العقود العديدة الماضية ومن المرجح أن تصبح هي المسيطرة بشكل متزايد خلال النصف الثاني من هذا القرن وما بعده».
الزراعة المعاصرة
ليس هناك تناقض بين المكاسب السابقة، والهبوط الحالي أكثر وضوحاً من الزراعة المعاصرة. شهد النصف الثاني من القرن العشرين زيادات غير عادية في الإنتاج الزراعي. يتم إنتاج المزيد من الحبوب والخضروات واللحوم أكثر من أي وقت مضى في التاريخ. على الرغم من أنَّ عدد سكان العالم قد تضاعف وتضاعف مرة أخرى خلال المئة عام الماضية، إلا أنه لا يزال هناك طعام أكثر مما يكفي لتوفير التغذية الكاملة للجميع.
لكن هذا ليس سوى جانب واحد من القصة. وفي الجانب الآخر من القصة يقول الباحث روبرت بيل، في مجلة «نظم الأغذية المستدامة»:
«على الرغم من أنه قد يكون صحيحاً في الوقت الحالي أن هناك ما يكفي من الغذاء» (شريطة أن نتوقف عن إهداره وتوزيعه بشكل عادل)، فإن النظام الذي ينتج حالياً، الغذاء مستدام من الناحية البيئية في المستقبل. لا يقتصر الأمر على فشل هذا النظام، بل إن نجاحاته هي التي تقوض مستقبلنا في الواقع.
الزراعة نظام للسرقة
كذلك يقول كارل ماركس، متتبعاً خطا الكيميائي الزراعي جاستس فون ليبيغ الذي وصف الزراعة الرأسمالية بأنها نظام للسرقة، لأنها تحافظ على الإنتاج الحالي من خلال تقويض عمليات التمثيل الغذائي المطلوبة للإنتاج في المستقبل.
وهي بكلمات ماركس: «كل التقدم في الزراعة الرأسمالية هو تقدم في الفن، ليس فقط لسرقة العامل، بل لسرقة التربة؛ كل التقدم المحرز في زيادة خصوبة التربة لفترة معينة هو التقدم نحو تدمير مصادر تلك الخصوبة التي تدوم طويلاً».
الزراعة الرأسمالية تسرق من المستقبل، وسيعاني أطفالنا من العواقب. ويجب استبدال هذا الواقع بمجتمع من الأسلاف الجيدين، مجتمع يعمل باستمرار من أجل مستقبل أفضل. نظام يفكر ويعمل لحماية مصالح أحفادنا وأحفادهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 945