أزمة الغذاء أم أزمة الإنتاج الرأسمالي؟
مروى صعب مروى صعب

أزمة الغذاء أم أزمة الإنتاج الرأسمالي؟

أعلنت الأمم المتحدة يوم 7 حزيران اليوم العالمي لسلامة الغذاء، وأوعزت لاثنتين من منظماتها (منظمة الصحة العالمية ومنظمة الصحة والغذاء) بالعمل على بذل مجهود سلامة الغذاء عالمياً.

قدرت الأمم المتحدة أنه حوالي 6 ملايين شخص يموتون سنوياً من عدم سلامة الغذاء، أما بسبب الأطعمة الملوثة بسبب البكتريا أو الفيروسات أو الطفيليات أو مواد كيميائية، التي تؤثر على تنمية البلدان النامية والفقيرة وتؤدي إلى خسارة نحو 95 مليار دولار أمريكي بسبب المشاكل المرتبطة بالمرض، الإعاقة، أو الموت المبكر التي تنتج عن عدم سلامة الغذاء. بالإضافة إلى أنه 40% من الأطفال دون الخامسة من العمر يحملون أمراضاً مرتبطة بالغذاء، مما يؤدي إلى 125,000 وفاة سنوياً. ودعت المنظمة إلى العمل على تحسين سلامة الغذاء، خاصةً أنه بالإمكان الحد أو الشفاء من عوارضه. ودعت منظماتها، والحكومات، ومراكز الأبحاث، والقطاع الخاص، وكل جهة مرتبطة بالغذاء إلى التعاون من أجل الحد من المشكلة. ووضعت دليلاً يحث الحكومات على التأكُّد من سلامة الغذاء للجميع وعلى ضرورة الاهتمام بالزراعة. كما حثّت التجار على التأكد من صحة نقل وتخزين الأغذية، وعلى التأكيد على ضرورة حق المستهلك بمعرفة المخاطر الغذائية في الطعام الذي يستهلكه.
بينما تقدر النسب السكانية التي تعاني من نقص الغذاء بحوالي 821 مليون في عام 2017، والتي ارتفعت نسبتها للعام 2016. وتحتل القارة الإفريقية أعلى نسبة بحوالي 20% من إجمالي عدد السكان. أما نسب الوزن الزائد، الذي يعتبر أيضاً نتيجة نقص الغذاء أو الغذاء غير الصحي، فتقدر نسبته عند الأطفال بـ 5,6%، أي: حوالي 38,3 مليون طفل في العالم، حيث تحتل إفريقيا 25% من هذه النسبة، بينما تحتل آسيا 46% منها، والتي تتضمن النسبة الأقل من الوزن الزائد عند الراشدين، والتي تقدر بحوالي 672 مليون شخص في العالم.

الاحتباس الحراري والغذاء

حسب منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إن 80% من الضرر الذي حصل للزراعة هو نتيجة الجفاف من التغيّر الذي حصل نتيجة الاحتباس الحراري، والذي أيضاً أثرّ على تربية الماشية. وهو أكثر استفحالاً في الدول الزراعية المتأثرة بتقلب الطقس ونتائج الاحتباس الحراري. ففي الاجمال 27 دولة تراجعت من حيث سلامة الغذاء تحت تأثير الجفاف وتراجع الإنتاج الزراعي، 19 دولة منها في إفريقيا، 4 في آسيا، 3 في أمريكا، وواحدة في أوروبا.
عوامل أخرى تؤثر على الزراعة نتيجة الاحتباس الحراري، مثل: التقلب في الطقس، العواصف، أو التغير في المواسم الذي أيضاً يؤثر على الحيوانات، مثل: الطيور والحشرات، ويؤخر التلقيح. والموضوع الأكثر إلحاحاً هو تلوث الهواء والتربة، وتسرب المواد الكيماوية المحبوسة في الهواء إلى التربة. حيث تُقِّدر بعض التقارير أننا نستهلك البعض من الموالد البلاستيكية من خلال المياه والأغذية التي نتناولها. بالإضافة إلى التعديل الجيني وإضافة مواد حافظة للزراعة، التي تحمل الوجهين، الوجه المضر للزراعة وللإنسان، والوجه الذي يجد حلاً لتعويض النقص في الإنتاج، مما يرفع من استخدام المواد الكيميائية بالمقابل، محولاً العلاقة بين ارتفاع التلوث جراء الاستخدام المرتفع للكيماويات وتراجع المحصول علاقة مباشرة.
تربط الأمم المتحدة مشكلة سلامة الغذاء بالزراعة، والصحة الغذائية بشكل أساس، والتي ترتبط بالاحتباس الحراري من دون وضع خطة جدية حول الحد من هذه المشكلة، أو إيجاد حل للزراعة كونها، أيضاً جزءاً من مشكلة الاحتباس الحراري كون بعض المحاصيل تنتج كميات أكبر من الغازات الدفيئة التي أدت إلى الاحتباس الحراري. كل ذلك إضافة إلى عوامل أخرى، مثل: الزراعة غير المنظمة، عدم إعادة ترميم الأراضي الزراعية، تحويل المناطق الزراعية إلى مناطق سكنية أو صناعية، بالإضافة إلى الفقر، الحروب، والتخلف الاجتماعي. لذلك تحتل آسيا وإفريقيا أكبر نسب في نقص الغذاء وفي الوزن الزائد، من حيث نظام غذائي غير صحي. وهذه جميعاً مصطحبة مع التبذير في الأكل أو الاستهلاك الكبير ورمي النفايات العضوية من دون إعادة استخدامها.
للتوصل إلى سلامة غذاء عادلة عالمياً، توجد عدة مهمات منها: تحسين الزراعة، استغلال الأراضي الزراعية بطريقة تسمح بإعادة تأهيلها، الحد من الاحتباس الحراري، توزيع الغذاء بشكل عادل، إنهاء الحروب، والحد من التلوث. وهذا لن يتم دون تجاوز علاقات السوق والاستغلال الرأسمالية التي تؤسس للحروب وعدم العدالة من جهة، ومن جهة أخرى تجعل من القطاع الغذائي إطاراً للربح مدمراً الطبيعة. هذه العلاقات الرأسمالية هي أبعد ما تكون عن ضمان الأمن الغذائي، وهي السبب المباشر في تدميره، كما تدمير باقي المنظومة الحيوية، ومنها: الإنسان.

معلومات إضافية

العدد رقم:
918
آخر تعديل على الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2019 12:53