نصف الأرض بلا بشر

تتجاهل المقترحات لإزالة جميع البشر من نصف الأرض الأسباب الجذرية لأزمة التنوع الحيوي وتُقوّض النضال التدريجي من أجل العدالة الاجتماعية.


إن أزمة التنوع الحيوي اليوم أكثر خطورة من الانقراضات الجماعية في الماضي. إذ تتكشف اليوم وبسرعة كبرى، وتُنتج في الغالب عن عدد قليل من نوع واحد، وترافقهُ تغييرات عميقة أخرى في نظام الأرض، من النظم البيئية الجديدة والكائنات الحية إلى تغير المناخ، البشري المنشأ. وقد حقق حفظ التنوع بعض النجاحات المحلية، لكن على الصعيد العالمي لم يمكن إبطاء الضغط المتزايد على التنوع الحيوي.
لقد تم تقسيم خبراء الحفظ على الدوام بين «المحافظين» الذين يدافعون عن البيئة والذين يدافعون عن حماية الطبيعة لمصلحتها الذاتية، وبين «النفعين» الذين يفضلون الحفاظ على التنوع البيولوجي لفوائده على الإنسان. كَثّف ظهور الأنثروبوسين هذا النقاش، حيث جادل النفعيون بأن لحياة البرّية لم تعد موجودة (إذا حدث ذلك)، ويجادل أصحاب الحفظ بأن حجم التغيرات العالمية التي يسببها البشر تجعل الحفاظ على الحياة البرّية وإعادة التوحيد أكثر أهمية من أي وقت مضى. الحفاظ على الحياة البرّية والحفاظ على التنوع الحيوي ليسا مترادفين، لكن المدافعين عن الأول يزعمون عادة أنه الطريقة الأكثر كفاءة وفعالية لتحقيق هذا الأخير.
ليس من المستغرب أن يستثني هذا الجدل المستقطب، أو يشوه العديد من المواقف البديلة، وأهمها: الماركسيون وغيرهم ممن يعتبرون رفاهية الإنسان الهدف الأساس، لكنهم يعارضون تكافؤه مع تراكم رأس المال، ولا يزالون قلقين بشأن مصير الطبيعة في حد ذاتها. ويظهر الجدل المكثف والجدل الأخير حول المقترحات لوضع نصف سطح الأرض في المناطق المحمية، كيف أن هذا الموقع البديل الهام يشوّه أو يبتعد عن الأنظار بشكل روتيني.
إن فكرة وضع بعض المناطق جانباً في الطبيعة ليست جديدة، وتعتمد على المفاهيم العامة للجغرافية، الجغرافية للجزيرة، وعلاقات الأنواع، والتشتت، إلخ. وقد دافع أصحاب الحفاظ على البيئة العميقة، مثل: مشروع وايلد لاندز، عن وضع النصف البرّي من أمريكا الشمالية جانباً. منذ عام 1992 على الأقل. وفي الآونة الأخيرة، كانت مجموعة تدعى Nature Needs Half (NNH) تدّعي أن البشر يجب أن ينسحبوا من نصف الأرض بأكملها بحلول عام 2050.
يحذّر علماء الاجتماع الذين لديهم معرفة مباشرة بمناطق المحميات من أنّ اقتراح نصف الأرض هذا سيضر على الأرجح أكثر من النفع، من خلال تفاقم الصراعات مع ترك العوامل الأساسية وراء فقدان التنوع الحيوي دون مساس.

آخر تعديل على الثلاثاء, 23 تشرين1/أكتوير 2018 19:35