بحران بين المشاعر والخيال
تتكون عملية التفكير من أربع مراحل أساسية:
التجربة: وهي احتكاك الإنسان مع الطبيعة والمجتمع، أي: مع العالم الموضوعي.
الإحساس: وهو ترجمة المؤثرات الخارجية بإشارات عصبية- كهربائية عبر أعضاء الحواس وصولاً إلى الدماغ.
التجريد: بتكرار التجارب تتكون التجريدات (العام)
الربط بين المجردات.
مشاعرنا الغريزية والمكتسبة
يوجد نوعان أساسيان من المشاعر، مشاعر غريزية ومشاعر مكتسبة، الأولى: تتعلق بالوجود وحفظ النوع مثل: الخوف من أشياء محددة، ومثل المشاعر الجنسية البسيطة.
المشاعر المكتسبة هي الأكثر تنوعاً وتعقيداً، ومركزها الأساسي هو منطقة تحت المهاد ويحتوي على الذاكرة العاطفية للإنسان، حيث تجري مقارنة كل موقف جديد يتعرض له الإنسان مع جملة المواقف والأفكار العاطفية المختزنة مسبقاً ويتحدد بالتالي شعور الإنسان تجاه الموقف الجديد.
إنّ للمشاعر المكتسبة قدرة عالية على التأثير في المشاعر الغريزية نفسها باتجاه تطويرها أو تشويهها، والأهم أنّ للمشاعر ككل دور هام جداً في التوجيه النهائي للسلوك..
إنّ خطورة المسألة تكمن في أن ذاكرتنا العاطفية تنمو بمعدلات أسرع بكثير من نمو ذاكرتنا الواعية، أو الذاكرة القابلة للوصول الواعي، وهي تنمو بغفلة من الوعي (اللاوعي يختزن مئة ضعف ما يختزنه الوعي حسب بعض الدراسات) ولذلك فإنّ التحكم بالوعي انطلاقاً من اللاوعي يصبح ملعباً واسعاً ورحباً للمتلاعبين.. وبين أهم أدوات ذلك السينما والفنون المختلفة، وغيرها الكثير..
قانونيات الخيال
يقول إنشتاين: « إن الخيال أهم من كل الحقائق في العالم»،
يضاف إلى تعريف إنشتاين هذا أن الخيال الذي هو أهم من جميع حقائق العالم، إنما يستند إلى هذه الحقائق بالذات!
يعرف علماء النفس الخيال بأنّه قدرة الإنسان على رؤية وتشكيل الصور والرموز العقلية للموضوعات والأشياء، والإحساس بها بعد اختفاء المثير الخارجي، كذلك فإن التخيل عملية عقلية لاسترجاع صور حسية مختلفة، وأحداث من الحياة الماضية وتضمينها وتشكيلها لصور ورسوم وأحداث جديدة.
ونقترح هنا تعريفاً آخر للخيال هو التالي:
الخيال شكل خاص من عملية التفكير، يتكون من مرحلتين أساسيتين: الأولى هي بناء افتراضات ذهنية استناداً للمخزون المعرفي والحسي والعاطفي، الثانية هي تطوير تلك الفرضيات واختبارها ذهنياً.
الترابط بين التفكير والخيال والمشاعر
إنّ عمليات التفكير والتخيل والشعور عمليات مترابطة بشدة، ويظهر ترابطها بأجلى صوره في حالات اتخاذ القرارات، حيث تتدخل هذه العمليات الثلاث بفاعلية عالية في الوصول إلى قرار نهائي، ولمّا كان هدف المتلاعب هو التحكم بالسلوك- بالقرارات، فإنّ عليه التأثير على القرار انطلاقاً من إحدى هذه العمليات أو منها جميعها.. وهو ما يجري عملياً.
إنّ درجة التعقيد الهائلة التي يتضمنها الترابط بين التفكير والخيال والمشاعر وآلية تأثيرها على توجيه السلوك، وبما أننا لا نتحدث من وجهة نظر المختص، تجعل من الضروري بالنسبة لنا دراستها وفهمها من خلال حالات ملموسة..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 826