من معهم؟ وماذا يفعلون هناك؟ إضاءات في التنوع الحيوي
في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي جال باحث في التنوع الحيوي «ولم يكن هذا المصطلح معروفاً بعد» اسمه ميشيل زوهاري Michael Zohary في أراضي بلاد الشام ومابين النهرين لسنوات طويلة، وجمع ووثق مكونات التنوع الحيوي النباتي في المنطقة، وأصدر عدة كتب ومقالات عن النباتات البرية والبيئات، والجغرافية النباتية، لاتزال حتى اليوم من المراجع والوثائق الهامة عن النباتات والبيئات البرية لهذه المنطقة، الممتدة من الخليج العربي حتى قناة السويس. وما إن أعلن الكيان الصهيوني عن دولته حتى اعتمر القبعة اليهودية وتولى هذا الباحث النشر والكتابة والتوثيق عن مكونات التنوع الحيوي النباتي في جامعة تل أبيب.
من زوهاري إلى بريمر
حينما جاء بول بريمير إلى العراق بخطة الــ 100 قرار .. ومن ضمن القرارات التي أصدرها بريمر القرار 81 تحت عنوان «براءة الاختراعات والتصميم الصناعي وسرية المعلومات، والدوائر المتكاملة وتنوع المحاصيل» والذي ينص على: أن المزارعين محظور عليهم استخدام البذور المحمية المذكورة في الفقرات 1 و 2 من الفقرة سي من مادة 14 ....الخ .الخلاصة: أن القرار ينص على: أن المزارع العراقي غير مسموح له بحفظ البذور ولا مشاركتها مع غيره ولا إعادة زراعتها .كما أنه نص على أنه: لا يحق لأية حكومة منتخبة أن تغير نظام البذور ما بعد الغزو.
هل استفدنا من «بروتوكول ناغويا»؟
وفي خضم ما يسمى العولمة التي اجتاحت العالم في نهايات القرن الماضي، ومن ضمن اتفاقية الدولية لحماية التنوع الحيوي ظهر ما يسمى «بروتوكول ناغويا» بشأن الحصول على الموارد الجينية، والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، الملحق باتفاقية التنوع البيولوجي والذي يهدف حسب مقدمته نصاً: «إن الهدف من هذا البروتوكول هو التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية، بما في ذلك عن طريق الحصول بصورة ملائمة على الموارد الجينية ونقل التكنولوجيات ذات الصلة بصورة ملائمة، مع الأخذ في الحسبان جميع الحقوق على هذه الموارد والتكنولوجيات، وعن طريق التمويل الملائم، مما يسهم بالتالي في حفظ التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته».
منذ العصر الحجري الوسيط
تعرف منطقة بلاد الشام تاريخياً كجزء من الهلال الخصيب، وتضم حالياً أربعة أقاليم سياسية، تشمل كلاً من سورية، لبنان، الأردن وفلسطين. عرف الإنسان القديم الذي سكن في بلاد الشام كجزء من منطقة الهلال الخصيب العمليات الزراعية منذ أكثر من 10000 سنة، كما أن المجتمع الزراعي الأول في التاريخ تأسس على ضفاف نهر الفرات، في موقع تل «أبو هريرة» الذي غمر جزئياً مع إنشاء سد الفرات في سورية، بعد أن تناوله الأثريون بالبحث المكثف والعميق، على مدى سنوات طويلة. بينت نتائج الفحص المجهري للبقايا النباتية التي وجدت في هذا الموقع أن مستوطني «أبي هريرة» في العصر الحجري الوسيط كانوا يجمعون العديد من البقول، إن لم يكونوا يزرعونها، ومن هذه البقول نوع من العدس البري، كما أنهم كانوا يقطفون الجوزات الصغيرة من شجرة التربنتينية Turpentine tree وثمار شجيرات الميس Hackberry وبذور الأعشاب الريشية البرية، وكان الاكتشاف الأكثر إدهاشاً هو اكتشاف الحبوب الغذائية، وكان أكثرها عدداً حبوب القمح البدائي، المعروف بالقمح البري، إضافة إلى نوعين آخرين من الحبوب، لكنهما أقل تواجداً من حيث الكم، هما الجاودار البري Wild rye والشعير البري.
المواقع التاريخية الشاهدة
فيما يلي استعراض بعض المواقع التاريخية الشاهدة على قدم النشاط الزراعي للسكان المحللين في بلاد الشام:
تل أبو هريرة (شمال سورية، 9200 – 8500 ق. م): قمح أحادي وثنائي الصف، شعير بري، عدس بري و بطم Pistachio.
تل مريبط ( شمال سورية، 8050 – 7550 ق. م): قمح بري، شعير بري، عدس بري، فول بري و بطم.
تل أسود ( قرب دمشق، 7800 – 7600 ق. م): شعير بري ثنائي الصف، عدس بري، بازلاء، تين، لوز Amygdalus و بطم.
تل رماد ( قرب دمشق، 6250 – 5950 ق. م): قمح، شعير ثنائي الصف، عدس، حِمّص، بطم، لوز و زعرور Crataegus .
رأس شمرا (شمال اللاذقية، 5500 – 5000 ق. م): قمح، شعير سداسي الصف، عدس، بازلاء، بذور الكتان Linseed .
البيضة (قرب البتراء، 6780 – 6600 ق. م) انطباعات نباتية للقمح والشعير ثنائي الصف والبطم.
أريحا (وادي نهر الأردن، 8000 – 7300 ق. م) قمح، شعير ثنائي الصف، عدس، بطم، لوز
غسول (وادي نهر الأردن، حوالي 3700 ق. م) قمح، شعير ثنائي وسداسي الصف، عدس، زيتون وتمر.
نيقولاي فافيلوف (1887 - 1943) عالم وراثة وعالم نبات روسي. كانت أهم مساهماته العلمية نظريته حول مراكز أصل النباتات المزروعة، وكرس حياته لدراسة وتحسين القمح والذرة، ومحاصيل الحبوب الأخرى، التي تدعم سكان العالم. اعتبر أيضاً أن التنوع النباتي لنوع ما، يتركز في مكان نشوء هذا النوع.
تأملوا معنا هذه الخارطة ولنفكر من معهم وماذا يفعلون هنا؟؟؟؟؟؟؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 820