وجدتها:تنافس.. تعاون.. إيثار!!
يرتكز الفكر الرأسمالي على فكرة أساسية تقول: أن التنافس هو سيد الموقف، وعليه فالتنافس الحر هو الطبيعي بين البشر، وأي من العلاقات الأخرى هي دخيلة على العلاقات البشرية، وغالباً ما كان يتم جلب أمثلة من عالم الحيوان من أجل إثبات «أصالة» هذه الطبيعة البشرية وتعمقها، وحين تجلب دليلاً علمياً كهذا يسكت الناس لأن الأدلة دامغة، لكن عدم قول الحقيقة كلها لا يعني الحقيقة، فهذا نوع من العلم الزائف لأنه منقوص، وهذا نوع من الخطاب الإعلامي الذي هو غائي حتماً باتجاه إثبات وجهة نظر محددة، وليس دليلاً علمياً لأن الدليل العلمي يأخذ جوانب الظاهرة جميعها بعين الاعتبار، مع أوزانها وحركيتها حتماً.
من الأمثلة التي اكتشفت في الإيثار في المجموعة توجد في الخفافيش، فهي تذهب للبحث عن كائنات تمتص منها الدماء بعضها يكون محظوظاً، وبعضها لا يحالفه الحظ، ذلك الخفاش الذي لا يحالفه الحظ قد يموت خلال ثلاثة أيام إن لم يجد الطعام الكافي، لذلك حينما تعود الخفافيش لمسكنها، يقترب الخفاش العطشان من الخفاش المرتوي، فيحضنه، ويلعق فمه، فيبدأ الآخر بتقديم الدم له ليشرب، وقد لاحظ العلماء أن الخفافيش تقوم بهذا العمل رغم عدم وجود رابطة أسرية بين الإثنين. وقد لاحظوا أيضا أن الإيثار تبادلي، حيث أن الخفاش الذي عطش اليوم، سيرد الجميل للخفاش المرتوي إن هو عطش في يوم آخر.
وكذلك فقد نشرت مقالة علمية حول تجربة حديثة تبين أن خاصية الإيثار بين الأصدقاء موجودة بين الفئران، فقد جرب العلماء بوضع فأرين بغرفتين صغيرتين، واحدة بها ماء، والأخرى جافة، وبينهما باب لا يمكن فتحه إلا من الغرفة الجافة، الفئران بطبعها لا تحب الماء، ستعمل ما بوسعها للسباحة حتى لا تغرق، ولكن بعد أن يكتشف الفأر الموجود في الغرفة طريقة فتح الباب فإنه يفتح الباب ليخلص زميله.
وحينما وضع العلماء الطعام في غرفة ثالثة بالقرب من الغرفة الجافة، فإن الفأر في معظم الأوقات يختار أن يفتح الباب لزميله أولا، ثم يذهب لتناول لطعام. أي أنه فضل أن ينقذ صاحبه على أن يأكل الطعام أولا، ولا تستهن بهذا العمل، فجاذبية الطعام بالنسبة للحيوانات كبيرة جداً.