الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية.. هل هو الحل؟
وفق ما جاء في مشروع الخطة الشاملة لمكافحة مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية «على كافة الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية خلال سنتين، وضع برامج وطنية بشأن منع تطور مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية.»
وفق ما جاء في مشروع الخطة الشاملة لمكافحة مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية «على كافة الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية خلال سنتين، وضع برامج وطنية بشأن منع تطور مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية.»
بهدف مكافحة تزايد مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية من الضروري أن تتخذ كل دولة من الدول الأعضاء في المنظمة خمسة إجراءات مهمة، من بينها العمل على تحسين إدراك المواطنين لما تعنيه مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية، وتعزيز هذا الأمر، ومتابعة مسألة عدم الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، وضمأن تمويل هذه العمليات.
وجاء في الوثيقة «يمكن بلوغ هذه الأهداف باتخاذ الدول الأعضاء خطوات واضحة في مجال استخدام المضادات الحيوية بصورة نموذجية. كما يجب تمويل الدراسات الخاصة بابتكار أدوية ومستحضرات طبية جديدة، على أن تكون في متناول الجميع».
وحسب معطيات منظمة الصحة العالمية فأن مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية ترتبط بمدة ودرجة استخدام هذه المضادات، حيث أن البعض يعتقد خطأ أن المضادات الحيوية ستشفيه من أمراض البرد والسعال ودرجة الحرارة المرتفعة.
كما أن الإفراط في إضافة هذه المضادات إلى علف المواشي والدواجن في مزارع تربية الحيوأنات كوقاية من الأمراض، يساعد في تطور مقاومة البكتريا لهذه المضادات.
برامج وطنية لمكافحة هذه المقاومة
لهذه الأسباب، على الدول كافة وضع برامج وطنية لمكافحة هذه المقاومة، على أن تضم إجراءات بشأن تقليل حجم المضادات الحيوية المستخدمة في علاج المرضى، وكذلك في الريف ومزارع تربية الحيوأنات.
مع العلم أن أنتشار استخدام المضادات الحيوية بشكل مفرط كأن عرفاً سائداً في الأوساط الطبية لعشرات السنوات وكأن ممولاً من كبريات شركات الأدوية التي نهبت جيوب المرضى من أنحاء العالم كلها لفترات طويلة، وكأن كل من يتحدث عن أضرارها الراهنة والمستقبلية يتهم بأنه مناهض للعلم والتطور.
وقد ظهر كرد فعل على ذلك مفهوم الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية، حيث المبدأ الموجه للاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية هو أن المضادات الحيوية لا ينبغي أن تستخدم لمعالجة العداوى غير الجرثومية، ويُشتق هذا المبدأ من القاعدة الأساسية للاستخدام المنطقي للأدوية التي تقول: وجوب استخدام الأدوية بالشكل المناسب بما يتوافق مع الاحتياجات السريرية، وقد بدأ الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية بمحاولة أنقاص الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية لدى المرضى في حالات ثلاثة: عداوى السبيل التنفسي العلوي، ولاسيما الزكام مع التهاب الحنجرة، والإسهال الحاد، والجروح البسيطة، وقد استهدف برنامج الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية الذي جرب في تايلأند المرضى الجوالين الذين تزيد أعمارهم عن سنتين وبصحة عامة جيدة، ولم يكن مرضى المستشفيات أو المصابين بالسكري أو المصابين بنقص مناعة أو بأية حالة مرضية خطيرة مؤهلين من أجل المشاركة في الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية.
الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية
أن اختبار الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية سهل، ويمكن مراقبة نتائجه بسهولة، لأن الأمراض المستهدفة محددة لذاتها وغير مهددة للحياة.
أُنقص توزيع المضادات الحيوية بوساطة الوصفات فقط في بعض بلدأن أمريكا اللاتينية من استهلاكها على المدى القصير.
لقد أنقصت الحملات العمومية الرامية إلى تشجيع الاستخدام المنطقي للمضادات الحيوية والمعالجة الصحيحة للعداوى التنفسية العلوية كموضوع شائع من الاستخدام غير الضروري لتلك الأدوية، لذلك يجب تشجيع مفهوم الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية والوعي حول مقاومة المضادات الحيوية بوساطة الحملات العمومية التي تستهدف الأفراد والتنظيمات والمجتمع ككل، كما هو الحال في الصراع ضد التبغ والكحول، ومع ذلك يُعد من التحديات تحقيقُ أنقاص هام في الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية دون الإضرار بالمعالجة الناجحة للعداوى الجرثومية حيث من الممكن إحداث تغيرات مجتمعية فيما يتعلق بالمقاومة للمضادات الحيوية واستدراج شركات الأدوية إلى الخوف من المحاكمات بسبب عدوى مُسْتَشْفَوِيّة بالذراري الجرثومية المقاومة يمكن منع حدوثها.
يُعد الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية شديد التأثر بالعوامل الخارجية غير القابلة للضبط، مثل: فاشيات النزلة أو تغيرات السياسة أو الاهتمامات السياسية للمساهمين المعنيين، وربما لن يمكن توقع الحصائل رغم محاولات ضبط البرنامج في وجه تغير الظروف.
لا يوجد حل بسيط للمقاومة للمضادات الحيوية وللاستخدام غير المنطقي لها، ويعد الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية تمريناً شاملاً يهدف إلى تشجيع الاستخدام المنطقي للأدوية بتقوية الموارد البشرية وتحسين البنية التحتية للمرافق الصحية وتقوية المجتمعات، ويمكن تطبيق الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية لجعل استعمال الأدوية الأخرى أيضاً غير المضادات الحيوية منطقياً، وتعتمد قابلية هذا الاستخدام للاستمرار على ملكية البرنامج والتزام الفرق المحلية به، وعلى البيئة المساعدة والدمج في الأنظمة الروتينية ذات الحوافز المالية المناسبة، وعلى نظام تدقيق فعال.
أن استخدام المضادات الحيوية يعد موضوعاً اقتصادياً سياسياً بامتياز من حيث سلطة شركات الأدوية وشركات التأمين الصحي على صناعة هذه الأدوية واستهلاكها بغض النظر عن صحة الناس، وبالتالي فتخليص الطب عموماً من سلطة رأس المال يأخذ بعداً أنسأنياً جديداً في هذه الأيام.