وجدتها:صحتنا جزء من كرامتنا

في زمن اللبنة المستبدلة بالاسبيداج والفروج المنقوع بالفورمول والخضار المشبعة بالهرمونات من أجل ربح سريع على حساب صحة الناس، ما زال هناك من يبحث عن حلول للخلاص من عقابيل هذا الفساد الصحية منها والبيئية

ينزل من على درج سطح منزله الصغير ويقول: انظري إنه بيض بلدي من إنتاج دجاجاتي.
بعد إصابة العديد من الناس بمرض السرطان خصوصاً، يبدؤون بإدراك أهمية الغذاء على صحتهم، ويبدأ ذلك الهاجس الحقيقي الذي لا يلقى له جواباً في ظل السوق التي تقدم لك نوعاً واحداً من الغذاء الذي لا ينتمي للطبيعة ولا بأي شكل من الأشكال، وتبلغ درجة التصنيع فيه أنه لا يعود يشبه الغذاء أصلاً، بل يتحول إلى نوع من المادة العلفية سيئة التصنيع، التي تنفع في ملء البطون وتحويل الناس إلى ماكينات متحركة، قادرة على الاستمرار حتى وقت محدود لخدمة الآلة الكبرى التي تصنع هذه الأغذية وتدير حياة البشر.
ويبدو الطعام الصحي نوعاً من الترف الذي يمكن لقلة قليلة من الناس الاستمتاع به، نظراً لندرته وارتفاع أسعاره غير المنطقي، ويبدو شراءه نوعاً من الرفاهية غير الممكنة للشريحة الكبرى من الناس، وكأن الرسالة تقول، الصحة الجيدة هي من مكتسبات من يملك الكثير من المال، وهي ليست حقاً طبيعياً لجموع الناس، التي يمكنها فقط (وبطريقة ديمقراطية- اختر ما تريد ) أن تصل إلى الغذاء المفبرك من أجل الربح وليس من أجل التغذية.
في هذه الضجة الفكرية، يبدأ البعض بإيجاد حلول فردية للمشكلة العامة بنوع من رفض الخنوع للاستغلال المفروض علينا جميعاً، يرفضون شراء المواد المفسدة للصحة، ويرفضون دفع مبالغ خيالية للأغذية الصحية، ويبدؤون في إنتاج غذائهم ولو بالحد الأدنى من أعشاب المائدة على شرفة المنزل، إلى بيض ودجاج دون هرمونات على سطح البناء.
إنه تعبير عن رفض حقيقي للواقع المفروض، وإشعار بأن من حقنا العيش بكرامة، وصحتنا جزء من كرامتنا.
لكن هذا الرفض يبقى محدود التأثير، لأننا ما زلنا يومياً نصاب بوابل من الأمراض نتيجة مجمل أسباب أحدها غذاؤنا المفبرك.
إن تغيير نمط الإنتاج الغذائي، ليصبح أكثر إنسانية هو حل وحيد، لأن الاعتراف بإنسانيتنا أصبح وشيكاً ولا مهرب منه.