البطارية البشرية هل هي بحاجة للشحن؟
حسام الماني حسام الماني

البطارية البشرية هل هي بحاجة للشحن؟

أدخل قابس الجوال في جيبه، لم يعرف أحد أين أدخله، نظر الجميع إليه باستغراب، سأله أحدهم، أتحمل بطارية في جيبك، أجاب بل في .....

 

 

مع أفول عصر النفط تزداد الحاجة إلى إظهار الاختراعات المتعلقة بالطاقة البديلة التي يجري العمل عليها منذ زمن بعيد وتصبح واقعاً يمكن تطبيقه بشكل عملي.

من المعروف أن حجم الدوائر الإلكترونية في أجهزتنا هو في تضاؤل مستمر، ومع ذلك فإن البطاريات التي تُزود هذه العناصر بالطاقة لا تحذو الحذو نفسه كما أنها لا تعمر طويلاً. ولهذا يفكر العلماء في اللجوء إلى مصدر متجدد يستطيع أن يوفر الطاقة اللازمة للأجهزة الشخصية على نحو مستمر. ويقدم الجسم البشري ذاته حلاً خلاقاً لهذه المشكلة. فنظرياً، يمكن أن تسمح طاقة جسم إنسان ما بتوليد 100 واط في الساعة وهو ما يكفي لإنارة مصباح كهربي. لكن ذلك يستلزم تحويل كل ما يتناوله الشخص العادي من غذاء إلى كهرباء. وطبقاً لمركز طاقة الفضاء والإلكترونيات المتقدمة، يحتوي الجسم البشري على 15% من وزنه دهناً في المتوسط، وهذه الدهون قادرة على إنتاج طاقة تقدر بـ11 ألف واط في الساعة، في حين يستهلك الجسم طاقة كهربائية تقدر بـ3300 واط في الساعة في المتوسط، وبحسبة بسيطة يمكن استنتاج أنه يمكن استغلال فائض هذه الطاقة لتزويد الأجهزة الإلكترونية بالكهرباء إذا ما استُحدثت طريقة مناسبة لتحويل جزء منها إلى كهرباء. وهو أمر قابل للتطبيق عملياً، وحلم عظيم طالما راود العلماء كذلك. وقد اهتدت أخيراً مجموعة من الباحثين في مختبرات (سانديا) الوطنية الأمريكية لتقنية جديدة تحول سكر الجلوكوز الفائض عن حاجة الجسم إلى طاقة لتشغيل الأجهزة الكهربائية. ويبرز الجلوكوز كنوع وقود جديد ومثالي في رأي الباحثين لدى مختبرات (سانديا) الذين حصلوا على براءات اختراع لتحويل الجلوكوز إلى طاقة صرفة، ويعكفون على تطوير مجموعة من الإبر الزجاجية الدقيقة التي تعادل في حدتها ودقتها إبرة البعوضة، حتى يسهل «غرسها» في ذراع إنسان دون أن يشعر بوخزها فتقوم بتحويل جلوكوز جسمه إلى كهرباء. وبحسب هذه التقنية الجديدة يمكننا تخيل قطعة لاصقة تثبت على الذراع ذات إبر دقيقة جداً لا تسبب الألم لدى غرسها.. وعندها لن يحتاج الجندي مثلاً إلا إلى تناول كعكة صغيرة كي يضمن بقاء جهازه اللاسلكي في حالة عمل. كما أن بوسع أي منا وقتها أن يغرس وصلة سلك في ذراعه ليشحن هاتفه المحمول وغيره من الأجهزة الإلكترونية الشخصية. وفى رأي بعض العلماء فإن هذه التقنية ستقدم خدمة مزدوجة لمستعمليها، فبالإضافة إلى أنها ستوفر مصدراً غنياً بالطاقة يتميز برخصه وبوفرته مقارنة بالعديد من المصادر الأخرى المتاحة، فإنها يمكن أن تقدم وسيلة فاعلة للوقاية والعلاج لم تكن في الحسبان، ويتوقع فريق (سانديا) أن يكون من الممكن تصنيع جهاز يقوم بسحب الجلوكوز الزائد من دم المصاب بداء السكري، وقد يساعد الأصحاء على احتفاظهم بجسم مثالي ويكافح السمنة والبدانة!

خلية وقود الجلوكوز

بناء على ما سبق، فقد جذبت التطبيقات المحتملة لطريقة استخدام الجلوكوز كوقود انتباه الكثير من الجهات البحثية والهيئات العلمية والعسكرية، مثل شركة (ثيراساينس) التي تصنع أجهزة مراقبة مستوى الجلوكوز في الدم. وقد نالت الشركة براءة اختراع لصنع خلية وقود الجلوكوز، بعد أن نشر مؤسسها البروفيسور (آدم هيللر) الأستاذ في جامعة تكساس ورقة بحثية عام 2003 قدم فيها وصفاً دقيقاً لأصغر خلية وقود تزرع داخل حبة عنب واحدة وتتغذى على السكر الموجود بها. وأشار (هيللر) إلى أنه يقوم حالياً بتطوير خلية وقود مماثلة من أجل تشغيل جهاز يستخدم للمراقبة الدائمة لمستوى الجلوكوز في الدم. ويقوم الجهاز المذكور بتخليص مريض السكري من مشكلة وخز الإبرة اليومي وبتوليد طاقة كهربائية تكفي لعمله، وذلك اعتماداً على الجلوكوز الموجود في دم المريض.

المولّد النانوي الحيوي

تحاول مجموعة من العلماء اليابانيين تحويل البشر إلى بطاريات حيوية لا تنفد عبر مشروع البطاريات البشرية – human   batteries.  ويحاول اليابانيون محاكاة طريقة استخلاص الجسم للطاقة من الغذاء، وهم في طريقهم لإنتاج نوع جديد من المولدات الكهربية يعرف بالـ (المولّد النانوي الحيوي- bio-nano generator  لتشغيل الأجهزة الإلكترونية والروبوتات المجهرية (الميكروروبوت) التي تتغذى على السكر لتعمل داخل الجسم. ومن ذلك نجاح فريق من علماء شركة (باناسونيك) في تطوير بطارية دقيقة تسمح بإنتاج مستويات كهربائية منخفضة عن استغلال السكر الموجود في الدم. وتعتمد هذه البطارية على إنزيم قادر على تحرير الإلكترونات من سكر الجلوكوز. ويعتقد أن (المولّدات النانوية الحيوية) هذه هي الخطوة الثورية التالية في مجال الوقود البديل بعد تطوير محركات تعمل بالهيدروجين والغاز الطبيعي والكحول. ويبدو أن الجلوكوز هو المصدر الكامن للوقود فهو على العكس من الهيدروجين مثلاً قابل للتجدد، ورخيص الثمن، ومتوفر بكثرة.