وجدتها:أخلاقيات البحث العلمي
يزدهر العلم الحقيقي فيما يشبه البيوت الزجاجية، حيث يمكن لكل إنسان أن يرى ما فيها، أما حين تطلى نوافذها بالسواد كما في الحروب، فتصبح الغلبة للأعشاب الضئيلة الضارة، كذلك يكثر المشعوذون والمهووسون حيث تكبت الأصوات النقدية.
واخلاقيات العلم والبحث العلمي هي المعنية ههنا، وكلمة إثيكيس Ethics أي فلسفة الأخلاق أو علم الأخلاق أو «الأخلاقيات» جاءت من علم الفلسفة لتضيء السبيل إلى اتخاذ المعيار والقرار في مواقف علمية شائكة خلقياً، بدءاً من تداخل خصائص البحث العلمي مع مصالح العالم الشخصية، وانتهاءً بتداخلها مع مقتضيات الأمن الوطني، مروراً بتداخلها مع قدسية الحياة وحقوق الإنسان جميعها وكرامته، وبالتجريب على البشر والحيوانات، أو بانتهاكات البيئة أو بالتطبيقات بالغة الخطورة للعلوم البيولوجية والوراثة والموروثات أو الجينات، وفضاء المعلومات المفتوح، والميزانيات الضخمة لتمويل الأبحاث العلمية.
إن العلماء وكثير من الناس على وعي متزايد بأهمية الأخلاقيات في البحث العلمي، وعلى الرغم من اتساع حجم شواهد اللا أخلاقيات في البحث العلمي، فإن المعطيات مازالت تشير إلى أن الانحراف في العلم أقل من الانحراف في مهن كثيرة.
يتميز العلم بمجموعة من القيم العلمية التي تشكل في مجموعها أخلاقيات العمل وهي:
الموضوعية: وتعني أخلاقياً ذكر الحقائق التي تم التوصل إليها كما هي سواء عززت وجهة نظر الباحث أو تعارضت معها، دون أي تغيير أو تحريف عليها.
الدقة: وتعني أخلاقياً اعتماد مقاييس دقيقة مستندة إلى قيم وأسس علمية للوصول إلى نتائج علمية مقبولة.
العلمية: وهذا يعني استخدام الطريقة العلمية الممنهجة في الوصول إلى الحقيقة.
الحيادية: أي الابتعاد عن التعصب والتزمت والتمسك بالرأي والذاتية بل اتصاف الباحث بالحيادية والانحياز كلياً إلى الحقيقة العلمية أي أن يكون الباحث منفتحاً عقلياً.
الدلالة: وتعني أخلاقياً ومهنياً أن يعتمد الباحث على الأدلة والبراهين الكافية لإثبات صحة النظريات والفرضيات للتوصل إلى الحل المنطقي المعزز بالأدلة.
ويقدم العلم، مثل المهن الأخرى، خدمات أو أشياء ذات صفة اجتماعية والباحثون في العلم يشيرون إلى هذه الأشياء وهذه الخدمات الجليلة على أنها أهداف أو غايات العلم ويمكن أن نعرف الهدف بأنه النتيجة النهائية أو المحصلة التي يبحث عنها أفراد أو مجموعات. وتلعب أهداف المهنة دور مفتاحياً في تحديد المهنة وتبرير معاييرها للسلوك.