وجدتها: دور الترجمة  في تاريخ علومنا

وجدتها: دور الترجمة في تاريخ علومنا

لعبت الترجمة عبر العصور دوراً أساسياً في انتقال العلوم بين البشر، وفي تحفيز الحضارات وخاصة في بدايات نهوضها، وفي استمرارية التواصل البشري في العصر الحديث.

تمت ترجمة الدواوين في زمن الدولة الأموية، وازدادت الحاجة إلى الترجمة فقاموا بترجمة علوم اليونان، وبعض الأعمال الأدبية الفارسية، فترجموا عن اليونان علوم الطب والفلك والرياضيات والموسيقى والفلسفة والنقد.

وبلغت حركة الترجمة مرحلة متطورة في عصر الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، الذي أسس دار الحكمة في بغداد بهدف تنشيط عمل الترجمة، قام العرب في القرن التاسع الميلادي بترجمة معظم كتب أرسطو، كان المترجمون من أمثال حنين بن أسحق وثابت بن قرة يتقنون اللغة العربية والسريانية وكذلك العلوم التي يترجمونها، من بين الكتب التي ترجمها حنين بن إسحق كتابي «الأخلاق» و«الطبيعة» لأرسطو.

وكانوا يهتمون بدقة الترجمة ولهذا ظهرت عدة ترجمات لنص واحد، فعلى سبيل المثال ترجم أبو بشر متى بن يونس كتاب «الشعر» لأرسطو ثم ترجمة مرة ثانية يحيى بن عدي، فتكرار الترجمة يدل على دقتها.

وترجم ابن المقفع كتاب «كليلة ودمنة» حوالي 750م، وفي الوقت نفسه بدأت الترجمة في العصر العباسي من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية، في هذه الفترة. ظهرت في العصر العباسي دراسات نقدية عن الترجمة نذكر منها أراء الجاحظ (780-868) الذي كان يرى أن المترجم الجيد يجب أن يكون من مستوى فكري عال.

عرف عن الأندلسيين ولعهم الشديد بعلم التاريخ. لهذا أقبلوا بدافع الحاسة التاريخية إلى تلمس الأخبار وتقصي الحقائق من مختلف مصادرها اللاتينية واليونانية القديمة، لمعرفة تاريخ وحضارة بلدهم والأمم المجاورة لهم منذ أقدم العصور، ساعدتهم معرفتهم باللغة الإسبانية التي كانت شائعة بين معاصريهم، كما نص على ذلك صراحة الفقيه ابن حزم القرطبي.

من أهم الإنجازات العلمية التي قامت في الأندلس في هذا المجال، ترجمة الكتاب اليوناني المشهور «الأدوية المفردة» الملقب بكتاب الحشائش للطبيب اليوناني ديوسقوريدس الذي عاش في القرن الأول الميلادي. يروي المؤرخون أن الخليفة الأندلسي عبد الرحمن الناصر، عندما تسلم نسخة من هذا الكتاب كهدية من الإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع، سنة 337هـ، شكل لجنة علمية لترجمته إلى العربية. وقد أثار ظهور هذه الترجمة العربية موجة من الحماس بين الأندلسيين الذين أقبلوا على دراسة الطب والنباتات الطبية، متخذين من كتاب ديوسقوريدس مصدراً رئيسياً لهم. 

آخر تعديل على الأحد, 10 كانون2/يناير 2016 11:26