ماذا عن الوقود الحيوي؟
في إطار توجه العالم للبحث عن بدائل جديدة للوقود الأحفوري، أقل تلويثاً ويساهم في انحسار ظاهرة الاحتباس الحراري، ظهر في السنوات الماضية ما يعرف بالوقود الحيوي كبديل نظيف. كما زاد الاهتمام العالمي به، لازدياد الاهتمام بالبيئة، والخوف من نضوب النفط، والارتفاع الكبير بأسعاره، ولكن المفاجأة كانت وحسب رأي المختصين والخبراء والواقع هي: الارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية والأساسية.
بالرغم من النتائج الواعدة للوقود البديل، إلا أن ضآلة المنتج بمواجهة الطلب المتزايد ودور الوقود الحيوي في التأثير سلباً على أسعار المحاصيل الاستراتيجية، هو التحدي الأكبر الذي سيظل بمواجهة مصادر الطاقة النظيفة.
التعريف العلمي للوقود الحيوي يتلخص في أنه وقود سائل نظيف بيئياً، يتم استخلاصه من النباتات ذات البذور، مثل: القطن والكتان والسمسم والصويا، وإجراء بعض المعالجات الكيميائية عليه حتى يجاري البترول في خصائصه ويصبح منافساً حقيقياً له كوقود بديل ومتجدد.
وقد أجريت الأبحاث على الوقود الحيوي، بحيث يستخدم في المحركات التي تسير بالبنزين نفسها من دون إجراء أية تعديلات في المحرك. وذلك عن طريق عمل خلطات من البنزين مع الوقود بنسب معينة أو استخدام الوقود الحيوي فقط من دون الخلط.
أنواع الوقود الحيوي
يقسم الوقود الحيوي إلى ثلاثة أنواع:
الوقود الصلب: ويتمثل في مخلفات النباتات كافة، بما في ذلك الأخشاب المختلفة.
الوقود السائل: يأتي بصيغ متعددة منها الأيثانول والديزل الحيوي والزيوت النباتية.
وهناك مصدران مختلفان للوقود السائل وهما:
النباتات الحاوية على السكر أو النشاء، مثل: قصب السكر والشوندر السكري والذرة، ويستخرج منها الإيثانول عن طريق التخمير.
النباتات الحاوية على الزيوت، مثل: الصويا وعباد الشمس والذرة وتستخرج منها الزيوت التي تعالج كيماوياً للحصول على الديزل الحيوي. كما يتم استخدام الزيوت النباتية المستخدمة في الطبخ كوقود للسيارات وذلك عن طريق حرقها مباشرة في المحركات الانفجارية.
الوقود الغازي: هو غاز الميثان المستخرج من تحلل النباتات والمخلفات وروث الحيوانات. وهو يستخرج من روث الحيوانات عن طريق تخميره، أو من النفايات عن طريق ردمها وتحللها في بيئة خالية من الأوكسجين.
يُستخدم كمصدر للطاقة بديلاً عن البنزين، أو يُمزج مع البنزين بنسب مختلفة لأسباب عديدة، أهمها: تخفيف التلوث الناتج عن احتراق البنزين في محركات السيارات. ويتم إنتاجه في الغالب من النباتات ومخلفاتها، خاصة النباتات التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر والنشويات، مثل: قصب السكر والشمندر السكري والذرة والقمح.
أزمة الغذاء وحرب الإيثانول
إن استخراج الوقود الحيوي من الحبوب يؤثر بشكل مباشر على كمياتها الحبوب وأسعارها في الأسواق، حيث تجتاح العالم حالياً مشكلة ما يسمى بحرب الإيثانول، وتلك المشكلة هي نتاج طبيعي للمنافسة الشرسة بين الغذاء والطاقة في ظل العجز المتزايد في كل منهما.
لقد ظهر احتياج الدول الغربية لهذا البديل بعد النقص في إمدادات الطاقة وارتفاع سعر البترول عالمياً، مما دفعها إلى البحث عن بديل للبترول وبأسعار اقتصادية، ليمكنها من مواجهة أي نقص في إمدادات الطاقة، في بُعد سياسي، وهو: إيقاف الاعتماد على الدول المنتجة للبترول.
إن هذا الاتجاه الجديد لاستخراج الوقود الحيوي من الحبوب سوف يؤثر بشكل مباشر على كمياتها في الأسواق، ويؤدي بالتالي لزيادة سعرها بشكل كبير.
ميزات استخدام الوقود الحيوي
يتميز الوقود الحيوي عن الوقود الأحفوري بأن احتراقه لا يسبب المشكلات البيئية نفسها، لاحتوائه على نسبة أقل من الكربونات. كما أن أغلبه يتحلل بالماء خلال فترة قصيرة من الزمن، بينما لا يتحلل الوقود الأحفوري حتى بعد مرور عشرات السنين.
إن استخدام الوقود الحيوي يخفض نسبة الملوثات المنبعثة من احتراقه إلى أكثر من النصف، ويضمن الاستقرار الاقتصادي. خصوصاً أن البترول في طريقه إلى النضوب بعد بضعة عقود.
أثبتت الدراسات الفنية والميكانيكية أنه يطيل من عمر المحرك ويوفر التشحيم الذاتي لأجزائه. وأثبتت ثباته تحت الظروف المناخية وأمنه للاستخدام المباشر وسهولة نقله.
مساوئ استخدام الوقود الحيوي
عند المقارنة بين أسعار البنزين وأسعار الإيثانول، فإن كمية الطاقة الموجودة في الإيثانول تمثل نحو ثلثي الطاقة الموجودة في البنزين. أي إذا كانت السيارة تسير 40 كيلومتراً لكمية من البنزين، فهذا يعني أنها تسير حوالي30 كيلومتراً فقط الكمية نفسها من الإيثانول. وهذا يعني أن تكاليف الإيثانول أعلى من البنزين.
يشمل الأثر البيئي لزراعة الذرة وغيرها، والتي تتضمن الأسمدة (المستخرجة من النفط) والمبيدات الحشرية، والآثار البيئية الناتجة عن سيارات الشحن الضخمة التي تنقل الذرة والإيثانول، خاصة أنه لا يمكن نقل الإيثانول بالأنابيب لأسباب فنية تتعلق باختلاط الماء به.
ومن الواضح أيضا أن قطع الأشجار في الغابات التي نمت منذ مئات أو آلاف السنين، لاستخدامها كوقود حيوي، دون أن يتم استبدالها لن يساهم في الأثر المحايد للكربون.
وتشير الدراسات إلى أن قدرة الغابات على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، أحد أهم الغازات المسببة للاحتباس الحراري أكبر بكثير من قدرة المحاصيل الزراعية على امتصاصه.
يواجه العالم اليوم أزمة للمياه الصالحة للاستعمال، وهي تأتي قبل أزمة الطاقة.
ويتطلب إنتاج محاصيل الوقود الحيوي كميات هائلة من المياه. ويتم حساب المياه اللازمة لإنتاج الإيثانول من بداية زراعة الذرة وحتى وصوله إلى محطة البنزين.
يمكن نقل المشتقات النفطية بطرق متعددة أرخصها الأنابيب وبأجواء متعددة. لكن هناك صعوبة كبيرة في نقل الوقود الحيوي. فلا يمكن نقل الإيثانول بالأنابيب، الأمر الذي تطلب أن يتم إنتاجه ومزجه بالبنزين بالقرب من نقاط التوزيع ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليفه.
هناك معارضة شديدة لاستخدام المواد الزراعية لإنتاج الطاقة، لأن استخدام المواد الزراعية كوقود أسهم في رفع أسعار المواد الغذائية في شتى أنحاء العالم، وأغلب الفقراء في العالم هم الذين يعتمدون على الذرة والقمح كمصدرين أساسيين للغذاء.