الاختبارات الضمنية للذاكرة اللاواعية
حسام الماني حسام الماني

الاختبارات الضمنية للذاكرة اللاواعية

ظهرت الإعلانات في أواخر الخمسينيات بما فيها الرسائل الخفية في الميدان الإعلامي.

صادف هذا الظهور أيضا ولادة علم النفس المعرفي والذي اهتم بدراسة مستوى اللاوعي عند الإنسان، كما أولى اهتماماً بالغاً لدراسة الذاكرة.

تمخض عن هذه الدراسات النفسية عدد من النظريات الحديثة حول الذاكرة...فاستغلت في مجال الإعلان خصوصا والإعلام عموما. وهذا ما نريد تسليط الضوء عليه من بعض النتائج الخطيرة التي تلحق بالإنسان إثر التلاعب الخفي الذي مورس ويمارس عليه.

الذاكرتان الضمنية والعلنية

ظهرت دراسة الفرق بين الذاكرة الضمنية والذاكرة العلنية (أو التصريحية أو الإرادية) في الثمانينيات إبان التجارب التي أجريت على عدد من الأشخاص فاقدي الذاكرة وهي تعد من الأبحاث الأساسية في علم النفس. وقد خلصت هذه الأبحاث إلى النتائج التالية :

بعض الأفراد فاقدي الذاكرة أظهروا على أنهم غير قادرين على تذكر الأحداث الحديثة أي أنه وقع الخلل لديهم في الذاكرة العلنية، بينما حفظت القدرات الذهنية الأخرى.

في دراسة لوارينتن وويسكرانز (1968-1977) أجريت تجربة أخرى، وهي تتمثل في قراءة بعض الكلمات من طرف فاقدي الذاكرة ،فلم تكن لهم القدرة على تذكرها ،بينما كانت لهم القدرة على تذكر الكلمات التي عرضت عليهم الحروف الأولى منها.وهذا الذي بين أن الذاكرة الضمنية والمسئوولة عن اللاوعي تبقى محفوظة.

هذا المستوى من الذاكرة المحفوظ عند فاقدي الذاكرة، نجده أيضا عند أفراد سليمين، ودراسته تشكل مجالا أساسيا في أبحاث علم النفس.

وقد صنفت عدة اختبارات للذاكرة منها ما سمي بالاختبارات الضمنية، وهو ينبني على الذاكرة الضمنية أي الهدف منها هو استرجاع المعلومات اللاواعية المخزنة أو المضمرة في الذاكرة ،والروائز الضمنية لا تتطلب بالضرورة تذكرا واعيا وإراديا لتجارب من الماضي.( وهي روائز عرضية وغير مباشرة أو قد نسميها طارئة كالرائز الذي يعرض أول حروف الكلمات ) دوره أنه يبني أثر التعلم أو يسهله ويأتي تبعا لتعرض الفرد إلى المعلومة سابقا وبشكل لاواعي ومن غير أن يدرك أنه تعرض لها.(ريشاردسون وبجورك 1988 ).

استرجاع الأحداث  من الماضي بطريقة واعية

أما الروائز المسماة بالعلنية ( أو المقصودة أو المباشرة ) من سماتها أنها تعمل على استرجاع الأحداث من الماضي بطريقة واعية ،وقد تم استثمار هذه النظريات حول اللاوعي والذاكرة في الإعلان والإعلام.

صرح فيكاري الذي كان يشتغل في ميدان «الترويج والإعلان » أنه في ظرف 6أاسابيع أن 45.699 شخصاً أمريكياً تعرضوا لرسائل خفية في فيلم « بيكنيك » تتعلق بمادتي الذرة المقلية وكوكا كولا.

هذه الرسائل كانت تظهر كل خمس ثواني لمدة 3/1000 ثانية أي لمدة قصيرة جداً تجعل الشخص لا ينتبه للرسالة على مستوى الوعي، فيكاري ادعى أن في تلك المرحلة ارتفعت مبيعات الذرة المقلية ب 57 بالمائة وكوكاكولا ب18.1 بالمائة.

الرسائل الخفية

أصبحت الإعلانات في السبعينيات تستعمل هذه الرسائل الخفية للتأثير على الناس، فاستعملوها في إطار المشروبات الكحولية، واستعملوا رسائل جنسية في كثير من الأفلام ومن أشهرها الأفلام الكارتونية لديزني، وفي ترويج بعض الأفكار الإيديولوجية: دفع الناس إلى الانتحار في نوع من الأغاني أو الموسيقا ونذكر منها موسيقا الروك التي كانت تتضمن عبارات مقلوبة سميت بالرسائل الشيطانية.

من يقول إن المجموعة الموسيقية الشعبية المسماة ببيتلز والتي كان عدد مبيعات بعض ألبوماتها بالملايين لم تترك الأثر البالغ في الشباب العالمي من حيث إيديولوجيات التمرد والتعاطي للمخدرات والتميز ببعض اللباس الخاص...؟!!

البيتلز أنبياء المخدرات

يقول ويلسون براين كي في كتابه: «خفايا الاستغلال الجنسي في وسائل الإعلام» يعرض دراسته وتحليله لهذه المجموعة الموسيقية ويقول: «البيتلز أصبحوا الأنبياء الممتازين في ثقافة المخدرات، وترويجها على مر العصور...المجتمع الغربي (خصوصا إنجلترا وأمريكا الشمالية) قد أشبع وأتخم باستخدام المخدرات الواسع الانتشار عبر سنوات من التوجيه الإعلامي الدوائري والكحولي والسجائر.

شرعية المخدرات

أسست أجهزة الإعلام منذ عهود شرعية مقبولة ثقافيا لاستعمال المحاليل الكيميائية للمشاكل العاطفية. أما بالنسبة إلى صناعة الموسيقا، فقد توسعت خطوة إلى ما بعد المنتجات المنزلية النفسية المنشأ، فقد توسعت إلى الاستخدام الجنوني للمخدرات من قبل المراهقين، وكان ذلك واضحا ببساطة شديدة، بحيث يستطيع حتى الطفل تخمين وكشف ذلك. 

وبالفعل، أدرك الأطفال ذلك لاشعوريا، أما بالنسبة لأولئك الذين خارج النطاق، فلم يستطع- حتى أحكمهم- كشف ذلك، ولا حتى كان قادرا على تخمين أسلوب الترويج الذي تم استخدامه.»