وجدتها: حفظ التنوع الحيوي
قفز إلى السطح في الآونة الأخيرة موضوع حفظ التنوع الحيوي، وعلى الرغم من أن الموضوع يبدو للوهلة الأولى محدود الأهمية على اعتبار أن أولويات الحرب وإعادة الإعمار تشغل بال الهيئات البحثية عموماً، وقد يبدو أن التنوع الحيوي لا يندرج ضمن هذا الإطار لكن نظرة أعمق بقليل تقودنا مباشرة إلى الحقيقة.
وليست قضية البذار التي تمت خسارتها من خلال مركز إيكاردا في حلب والتي اضطررنا للاستعانة بالمركز العالمي لتعويضها إلا غيض من فيض.
إن قيمة المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية المحلية ترتفع بشكل متزايد، وتتضح أهميتها في ظل ظروف حصار اقتصادي وهدم للبنية التحتية المعتمدة على محاصيل غير محلية.
ويبدو الاعتماد على الذات ليس مجرد شعار طرح في فترات سابقة، بل ضرورة وطنية ملحة، وخاصة في قضايا أساسية كالزراعة والأمن الغذائي والأمن الدوائي.
وتعمل عدد من المراكز البحثية على الاستفادة من ثروات التنوع الحيوي السوري – ولو كان ذلك يجري بطريقة غير ممنهجة بل بنوع من الوعي الداخلي لدى الباحثين لأهمية هذا الموضوع-لكن الوقت قد حان حتى تصبح هذه القضية سياسة وطنية مبنية على أسس علمية.
تبدأ بمشروع وطني يقر أولاً بأهمية التنوع الحيوي السوري، ويدفع باتجاه إجراء الدراسات الأساسية للتنوع الحيوي السوري على الأرض مباشرة، في خطوة هي ضرورية وأساسية وشرطية للارتقاء لاحقاً إلى معرفة كيفية الاستفادة من هذه الثروة.
إن المشاريع السابقة التي أجريت في هذا المضمار والتي كانت هامة رغم كونها جزئية، انطلقت بمجموعها من ضرورات عالمية وليس من ضرورات محلية وطنية سورية، وبالتالي فقد كانت محكومة بالسيل العالمي للضرورات العالمية من جمع المعلومات الأساسية، بما يخدم واضعي السياسات العالمية، وليس من الضرورات المحلية.
إن تغيير هذا النمط من التفكير وعدم الخضوع للتمويل العالمي في تقرير مصير ضروراتنا البحثية الوطنية، هو قضية ذات سيادة وطنية حتماً، وضرورة تفرضها حاجات السوريين في المراحل الحالية واللاحقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن إنتاج أدوية محلية للسرطان من منتجات طبيعية سورية خالصة، وعدم الخنوع لمافيات الدواء العالمية والمحلية التي سببت موت المئات من المرضى في الآونة الأخيرة.