وجدتها: الحب بالمعرفة

درجت موضة في السنوات الأخيرة، هي بحث موضوع الهوية الوطنية والانتماء، وما هي نواقص الانتماء.
وتعامل الكثيرون مع هذه القضية على أنها قضية عاطفية فقط أو معرفية فقط أو اقتصادية فقط. لا شك أن العوامل الثلاثة تلعب دوراً هاماً في هذا الموضوع مجتمعات وليس متفرقات.

وتزامنت مع أوج هذا البحث ندوات حول هذا الانتماء ودور المناهج المدرسية في تعزيز الانتماء الوطني، ودور الإعلام.
إن هذه الأدوار حقيقية حتماً لكن المادة المعرفية الأساسية ليست متوفرة على الدوام.
كي تحب وطنك لا بد من أن تعرفه، وهذه المعرفة بحاجة إلى منظومة متكاملة من البحث والتوثيق، ليس بالمعنى التاريخي فقط، بل بالمعنى المعاصر والحالي، فمعرفة تاريخ المنطقة وجغرافيتها وإنسانها ونباتاتها وحيواناتها، وبيئتها ومخترعيها وحكامها وظلامها وتفاصيل حياتها اليومية، جزء من هذه المعرفة.
وتراكمت فوق ذلك كله أحداث عظيمة متلاحقة إلى درجة أننا نحن من يعاصرها اليوم، أصبح يشك في معلوماته لأن الأحداث تتلاحق بسرعة هائلة.
إن توثيق ما يجري الآن في زمن الحرب ليست مهمة لما بعد الحرب حتماً، إنها مهمة آنية بامتياز، صحيح أن التاريخ يكتبه المنتصرون، لكن معرفة الحقيقة من حق الجميع.
إن دراسة العوامل الاقتصادية الحاكمة لحركة المجتمع والمؤثرة فيه، هي جزء مغفل إلى حد كبير من الدراسات وخاصة في هذه الفترة الحرجة.
لا يمكن الخروج من هذه الحرب بسلاسة دون توثيق مسبباتها الاقتصادية، ومجريات الحرب بما فيها من سرقات كبرى وفساد، لأنها جزء هام من المخرج، الذي قد يريد البعض الخروج منه ومحو آثاره نهائياً، لكننا لن ننسى.